عشرات القتلى من النظام والفصائل في معارك شمال غربي سوريا

هجوم استباقي من معارضين قرب حماة

فتى أصيب بعد قصف على المنطقة الصناعية في إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
فتى أصيب بعد قصف على المنطقة الصناعية في إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات القتلى من النظام والفصائل في معارك شمال غربي سوريا

فتى أصيب بعد قصف على المنطقة الصناعية في إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)
فتى أصيب بعد قصف على المنطقة الصناعية في إدلب شمال غربي سوريا أمس (أ.ف.ب)

قتل 45 عنصراً على الأقل من قوات النظام والفصائل المقاتلة الثلاثاء في اشتباكات عنيفة مستمرة بين الطرفين قرب محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، في وقت شنت الفصائل هجوما استباقيا شمال حماة وسط البلاد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بـ«اشتباكات عنيفة اندلعت فجر الثلاثاء، إثر هجوم شنته هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل مقاتلة أخرى ضد مواقع لقوات النظام في ريف حماة الشمالي».
وتسببت الاشتباكات بمقتل 31 عنصراً من الهيئة والفصائل مقابل 14 من قوات النظام، وفق «المرصد».
ومنذ نهاية أبريل (نيسان)، تشهد منطقة إدلب تصعيداً عسكرياً، إذ تستهدف الطائرات الحربية السورية والروسية ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي المحاذي له، ما يسفر بشكل شبه يومي عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين. وباتت قرى وبلدات شبه خالية من سكانها بعدما فروا جراء القصف العنيف.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على كامل المنطقة التي تنتشر فيها أيضاً فصائل متطرفة ومقاتلة أخرى أقل نفوذاً.
وتزامناً مع القصف، تدور منذ أسابيع اشتباكات في ريف حماة الشمالي حققت خلالها قوات النظام تقدماً محدوداً، إلا أن الفصائل المقاتلة تشنّ بين الحين والآخر هجمات واسعة ضد مواقع قوات النظام تسفر عن معارك عنيفة.
وقبل عشرة أيام، أسفرت اشتباكات اندلعت إثر هجوم للفصائل في المنطقة ذاتها عن مقتل أكثر من 250 عنصراً من الطرفين خلال ثلاثة أيام فقط، وفق المرصد.
وتخضع محافظة إدلب ومحيطها، حيث يقطن نحو ثلاثة ملايين شخص، منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، لم يتم استكمال تنفيذه بعد.
وبعد أشهر من الهدوء النسبي، صعّدت قوات النظام قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً.
ووثق المرصد منذ نهاية أبريل مقتل أكثر من 400 مدني، ربعهم تقريباً من الأطفال جراء القصف. كما دفع التصعيد أكثر من 270 ألف شخص إلى النزوح، وفق الأمم المتحدة.
وترد الفصائل بدورها باستهداف مواقع سيطرة قوات النظام.
وأوقعت قذائف الفصائل ليل الأحد الاثنين أكثر من 12 قتيلاً مدنياً في ريف حلب الجنوبي.
وكانت الفصائل بدأت صباح أمس هجوما ضد مواقع القوات الحكومية السورية والمجموعات المسلحة الموالية لها في ريف حماة الشمالي الغربي.
وقال قائد عسكري من الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر: «لقد بدأت صباح اليوم (أمس) فصائل المعارضة عملية عسكرية على عدة محاور في ريف حماة الشمالي ضمن معركة (الفتح المبين) ونفذ انتحاري من فصيل أنصار التوحيد عملية انتحارية بسيارة مفخخة استهدفت موقعاً للقوات الحكومية السورية في وادي عثمان على أطراف قرية الجلمة سقط خلالها أكثر من 25 عنصراً بين قتيل وجريح».
وأكد القائد العسكري، لوكالة الأنباء الألمانية، أن «مقاتلي الجبهة الوطنية للتحرير يخوضون معارك عنيفة في منطقة وادي عثمان وقرية الجلمة، وتمكنوا من أسر مجموعة من عناصر القوات الحكومية، وسط قصف جوي من قبل المقاتلات الروسية على قرى الزكاة وتل الملح وأطراف وادي عثمان».
وأوضح القائد العسكري أن «العملية العسكرية التي بدأتها فصائل المعارضة ضد مواقع القوات الحكومية جاءت بعد دفع القوات الحكومية تعزيزات عسكرية إلى ريفي حماة وإدلب واستعدادها لبدء عملية عسكرية كبيرة بدعم وإسناد وإشراف مباشر من القوات الروسية والإيرانية».
وقال قائد ميداني يقاتل مع القوات الحكومية السورية، إن «وحدات من الجيش السوري والمجموعات الرديفة له صدت هجوما للمجموعات المسلحة على محاور قرية تل ملح، ودمرت لهم سيارة مفخخة قرب قرية الجلمة قبل وصولها إلى مواقع الجيش».
إلى ذلك، واصل الطيران الحربي السوري والروسي قصفه على مناطق ريفي حماة وإدلب. وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية في محافظة إدلب، إن «الطيران الحربي الروسي والسوري شن اليوم عدة غارات على مدينة كفرزيتا وقرية حصرايا والزكاة، وألقت طائرات مروحية عدة حاويات متفجرة على مدينة كفرزيتا بريف حماة الشمالي. وألقت تلك الطائرات براميل متفجرة على مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.