قضاة لبنان يعلّقون اعتكافهم ويتخوّفون من إجراءات عقابية

TT

قضاة لبنان يعلّقون اعتكافهم ويتخوّفون من إجراءات عقابية

علّق قضاة لبنان مؤقتاً اعتكافهم الذي دام شهراً ونصف الشهر، من دون أن يحققوا شيئاً من مطالبهم سوى الوعود الشفهية بإلغاء البنود التي تضمنها مشروع الموازنة، الذي يقتطع جزءاً من مخصصاتهم ومكتسباتهم المالية، ويترقّب القضاة ما سيصدر عن لجنة المال والموازنة النيابية، التي تعقد جلسات مكثّفة لدرس الموازنة قبل إحالتها على الهيئة العامة لمجلس النواب للتصويت عليها وإقرارها، فيما بدأت تتكشّف الأضرار الناتجة عن الاعتكاف، جرّاء تراكم الدعاوى القضائية منذ مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، والتي فرضت أعباء جديدة على الجسم القضائي، كما ألحقت أضراراً جسيمة بالمتقاضين الذين وقعوا ضحيّة السلطتين السياسية والقضائية وتجاذباتهما، فيما تخوّفت مصادر قضائية من إجراءات عقابية تطال رموز حركة الاحتجاج عبر التشكيلات المنتظرة هذا الصيف.
وكان القضاة تخطّوا مطلب التمسّك بمكتسباتهم المادية والمعنوية، إلى الإصرار على تكريس استقلالية السلطة القضائية، وأكدوا في بيانهم أن «تعليق الاعتكاف يلاقى بالإيجابية نفسها المواقف التي صدرت عن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة سعد الحريري، التي أجمعت على عدم المس بالضمانات المالية والمعنوية للسلطة القضائية، والتي لا تتعزز إلا باستقلالية السلطة القضائية، وتأكيدهم أن الدولة ملتزمة إعطاء القضاة ما يريدون».
أحد القضاة الفاعلين في الحركة الاعتراضية، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن تعليق الاعتكاف «يأتي كبادرة حسن نيّة، حتى لا يتهم القضاة بالتعنت وإقفال طرق المعالجة». وأشار القاضي الذي رفض ذكر اسمه إلى أن القضاة «يتحسسون حراجة وضع المتقاضين الذين جمّدت ملفاتهم بفعل الإضراب، لكن هذا الواقع لا يتحمّل القضاة مسؤوليته، بل الحكومة التي دفعتهم إلى التصعيد». وقال: «إذا استجاب مجلس النواب إلى مطالبنا فنحن على استعداد لتخطي العطلة القضائية هذا العام (تبدأ من منتصف يوليو - تموز، وتنتهي في منتصف سبتمبر - أيلول)، وذلك لتعويض ما فات المتقاضين، وما خسرته الخزينة نتيجة تعليق صدور الأحكام واستيفاء الرسوم والغرامات المالية لصالح وزارة المال».
وأقرّ رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، بأحقية مطالب القضاة وموافقته عليها، فيما دعا رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان إلى سماع صرختهم وتأكيد حقهم بالاستقلالية الحقيقية التي يفترض درسها فور إقرار الموازنة.
وأعلن القضاة، في بيانهم، أن تعليق الاعتكاف هو خطوة مؤقتة، إلى حين الانتهاء من مناقشة قانون الموازنة، وأملوا أنهم «لا يكرهون مجدداً على ما يكرهون، وإتاحة المجال لتصويب مسار خاطئ كان متبعاً تجاههم». وأعلنوا أنهم يتطلعون إلى «التعيينات والتشكيلات القضائية المرتقبة، وأن تراعي معايير الموضوعية من الاستقلالية والعلم والنزاهة والصلابة، وأن تفتح أبواب المحاكم على آفاق العدالة».
وبدا لافتاً إدراج موضوع التشكيلات القضائية بنداً في بيان رفع الاعتكاف، وهو ما برّرته أوساط قضائية لـ«الشرق الأوسط»، بأن «لدى بعض القضاة خشية أن تكون التشكيلات القضائية مدخلاً لمعاقبة القضاة الذين شكّلوا رأس حربة التحرّك والاعتكاف». وأوضحت أن «بعض القضاة تبلغوا رسائل عتب أقرب إلى الوعيد، ومفادها أن التصلّب في مواقفهم وتحريض زملائهم على التمسّك بالاعتكاف سيرتدّ سلباً عليهم». لكنّ هذه الأوساط لفتت إلى أنه «لولا حركة الاحتجاج التي حصلت لكانت السلطة السياسية ضربت مطالب القضاة بعرض الحائط».
من جهته، أشار عضو لجنة المال والموازنة النائب بلال عبد الله، إلى أن «اللجنة لم تصل بعد إلى البنود التي تمس حقوق القضاة للنظر فيها»، لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «نيّة جدية لمعالجتها، وأخذ هواجس القضاة بالاعتبار». وشدد على «ضرورة حماية أمنهم الاجتماعي وتقديماتهم المادية، والحفاظ على وحدة السلطة القضائية واستقلاليتها». وقال عبد الله: «عندما نرفع شعار مكافحة الفساد، لا يمكننا تطبيق هذا الشعار إلا إذا كان القاضي مرتاحاً نفسياً ومادياً ومعنوياً لأداء هذه المهمّة»، لافتاً إلى أن «هناك موارد كثيرة يمكن تأمينها بدل المسّ بمكتسبات القضاة والموظفين». وكشف عبد الله أن كتلة «اللقاء الديمقراطي، قدّمت 4 اقتراحات تحقق مداخيل للخزينة، وهي وضع ضريبة على الدخان والسيجار لصالح وزارة الصحة ودعم أدوية الأمراض المستعصية، والثاني إخضاع الجامعات الخاصة لضريبة الدخل، كونها مؤسسات ربحية، والثالث فرض ضريبة على أي مقاول أو شركة لبنانية وأجنبية تربح مناقصة تنفيذ مشروعات في لبنان، والرابع وضع مداخيل مرفأ بيروت ضمن الموازنة، وأن تخصص وزارة المال ميزانية تشغيلية للمرفأ».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.