سجن الحراش «يضاعف» شهرته بعد أن أصبح مقر أشهر مليارديرات الجزائر

المواطنون باتوا يتابعون يومياً أخبار نزلائه بواسطة الحراس

TT

سجن الحراش «يضاعف» شهرته بعد أن أصبح مقر أشهر مليارديرات الجزائر

بات «سجن الحراش»، الذي يقع بالضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية، يشهد اهتماما غير عادي من جانب قطاع واسع من الجزائريين، بعد أن أصبح يأوي في زنزاناته العديدة أشهر المليارديرات وأبرز المسؤولين الحكوميين، وأطلق عليه ناشطون بشبكة التواصل الاجتماعي اسم «سجن بومليار»، كناية عن احتضانه أكبر أغنياء البلد.
فبمجرد أن يذيع التلفزيون الحكومي، أو الفضائيات الخاصة، خبرا عن استدعاء وزير أو رجل أعمال، من طرف ممثل النيابة أو قاضي التحقيق للتحقيق معه، يسرع عشرات الأشخاص إلى سجن الحراش لـ«استقبال» الوافد الجديد عليه بشعارات منددة بالنظام، وبهتافات يتم ترديدها في الحراك الشعبي، كل يوم جمعة، وأبرزها (كليتو البلاد يا السرَاقين)، (نهبتم خيرات البلد يا لصوص)، وهم يعلمون أن احتمال إيداع المشتبه به السجن كبير جدا، طالما أن الشرطة القضائية استجوبته وأحالت قضيته إلى المحكمة.
ويلتقي عشرات الأشخاص بمقهى «باتريس لومومبا» (اسم مناضل كونغولي قتل في 1961)، قرب السجن، ومنه يشاهدون تتابع شاحنات المساجين التي تنقل الملاحقين بتهم الرشوة واختلاس المال العام. وبداخل المقهى يجري تداول أخبار الحياة اليومية للمساجين الجدد غير العاديين، ينقلها إليهم حراس السجن بعد مغادرتهم مكان عملهم.
وأول من وطأت قدماه السجن الشهير، الذي يقع في وسط مدينة الحراش، رجل الأعمال علي حداد الذي حكم عليه القضاء الأحد الماضي بستة أشهر سجنا نافذا في قضية تتعلق بحيازته جوازي سفر، الأمر الذي يمنعه القانون. وقال حداد إن جواز السفر الثاني حصل عليه بفضل رئيس الوزراء السابق عبد المالك، المسجون منذ أسبوع، في السجن نفسه بوقائع فساد، مرتبطة بعلي حداد. كما يواجه رجل الأعمال تهما أخرى، يرجح بأنها ستكون سببا في تمديد سجنه.
وحداد هو صاحب أكبر شركة للمقاولات والهندسة المدنية، ومالك مجموعة إعلامية تتألف من فضائيتين وصحيفتين. كما يملك أشهر ناد لكرة القدم في البلاد، وكثيرا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكل هذه الكيانات الاقتصادية والتجارية والرياضية توظف نحو 10 آلاف شخص، وتقدر ثروته بملياري دولار.
وبعد حداد سجن القضاء يسعد ربراب، أغنى رجل أعمال في البلاد، ومالك أكبر مجموعة للصناعات الغذائية، زيادة على 29 شركة واستثمارات في عشرات الأنشطة الاقتصادية والتجارية والإعلامية، توظف 20 ألف شخص، ينظمون يوميا مظاهرات احتجاجا على سجنه. وتقدر ثروة ربراب (74 سنة) بـ4 مليارات دولار، وقد اعتقل بسبب نزاع تجاري مع الجمارك، يتعلق بـ«تضخيم فاتورة» عتاد استورده من الخارج. لكن أنصاره يقولون إن سجنه سياسي، وجاء بإيعاز من قائد الجيش الجنرال قايد صالح، وذلك بسبب علاقة قوية مفترضة تربطه بمدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين، الذي اتهمه صالح بـ«التآمر على سلطة الجيش»، وأدخله السجن العسكري مع مدير مخابرات سابق، يدعى بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، ورئيسة «حزب العمال» اليساري لويزة حنون.
وضرب الجيش «جماعة الرئاسة» في مقتل عندما وضع في السجن ثلاثة أشقاء من أشهر رجال أعمال، وهم أبناء صديق قديم للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ويتعلق الأمر بالإخوة كونيناف، أصحاب شركات متخصصة في المقاولات والري والهندية المعمارية، والأشغال الفنية الكبرى. وتقدر «إمبراطورية كونيناف» بـ3.5 مليار دولار، يشتغل بها المئات من العمال والموظفين.
وكان آخر رجال الأعمال الذين زج بهم الجيش في السجن، محيي الدين طحكوت، واثنين من أشقائه وابنه، وهم ملاك شركة ضخمة لنقل طلبة الجامعات، وشركة لتركيب سيارات كورية، ومراد عولمي وشقيقه، مالكي شركة لتركيب سيارات ألمانية. وللعائلتين ارتباطات قوية برئيسي الوزراء السابقين سلال وأحمد أويحيى وبعدة وزراء آخرين، وأذرعهما الاقتصادية توفر مداخيل شهرية لآلاف العمال. وكان لكونيناف وزراء اختارهم في الحكومة لضمان استمرار مشروعاته.
وقبل حملة اعتقال رجال الأعمال المقربين من بوتفليقة، احتضن سجن الحراش «أكبر محتال في تاريخ البلاد»، بحسب وصف أطلقه أويحيى قبل سنوات على رفيق عبد المؤمن خليفة، رئيس مجموعة شركات تضم مؤسسة طيران وبنكا. واتهم خليفة عام 2007 باختلاس أموال عامة قدرت بـ3 مليارات دولار، وأدانه القضاء غيابيا بـ20 سنة سجنا. وقد سلمته بريطانيا، حيث كان يقيم، للحكومة الجزائرية عام 2015 وأعيدت محاكمته.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.