موسكو: جدل رسمي حول تأثير إنفاق مدخرات «صندوق الرفاه» الروسي

TT

موسكو: جدل رسمي حول تأثير إنفاق مدخرات «صندوق الرفاه» الروسي

دعت إلفيرا نابيولينا، رئيسة مجلس إدارة البنك المركزي الروسي، إلى إعادة النظر في سياسة الموازنة المتعلقة بآليات إنفاق مدخرات «صندوق الرفاه الوطني»، وبررت ذلك بتغير طبيعة المخاطر التي يواجهها الاقتصاد الروسي، والحاجة إلى توفير إمكانات لضمان استقراره، كما حذرت من تأثير ذلك الإنفاق على مستوى التضخم. وقللت من إمكانية تأثيره الإيجابي على سعر صرف الروبل الروسي.
تصريحاتها جاءت في سياق جدل انطلق مبكراً حول المجالات التي سيتم تمويلها من مدخرات الصندوق الإضافية التي تزيد على 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتقول وزارة المالية الروسية إن المدخرات ستصل إلى هذا المستوى مع نهاية العام الحالي، علما بأن مدخراته لا تزيد حاليا على 3.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
تعيد هذه التصريحات إلى الأذهان قراراً بضرورة الحفاظ في صندوق الرفاه (صندوق الاحتياطي الوحيد لدى روسيا حالياً) على مدخرات تعادل 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم إنفاق كل ما يزيد على ذلك من مدخراته، تم اتخاذه منذ عام 2007، وأشارت محافظة البنك المركزي الروسي إلى أن طبيعة المخاطر التي يواجهها الاقتصاد الروسي تغيرت منذ ذلك الوقت، داعية إلى إعادة النظر لتحديد ما إذا كانت مدخرات بنسبة 7 في المائة كافية لمواجهة تلك المخاطر.
وبعد تأكيدها على أن قواعد الميزانية حققت إلى حد كبير المهمة التي وُضعت من أجلها، أي التقليل من ارتباط الاقتصاد بأسعار النفط، حذرت من أن إنفاق كل المدخرات التي تزيد على 7 في المائة قد يؤدي إلى عودة ذلك الارتباط. كما حذرت نابيولينا من تأثير إنفاق ما يزيد على عتبة 7 في المائة من المدخرات على دينامية التضخم. إلا إن وزارة التنمية الاقتصادية تنظر إلى الأمر بطريقة مختلفة، وفيما يبدو أنه رد فعل على تصريحات محافظة «المركزي» الروسي، أكد وزير الاقتصاد ماكسيم أوريشكين، عدم وجود أي قرارات بعد بشأن مجالات الإنفاق من صندوق الرفاه، وزاد: «حتى إنه لا يوجد نقاش حتى الآن بهذا الصدد». وألقى الكرة في «ملعب نابيولينا»، حين عبر عن قناعته بأن العامل الرئيسي الذي يؤثر حالياً على مستوى التضخم هو النمو «غير السليم» للإقراض الاستهلاكي، داعياً إلى الحديث عن هذه المشكلة بالدرجة الأولى، وليس عن مشكلات افتراضية نظرية مستقبلية.
من جانبها؛ قالت وزارة المالية إنها ستدرس اقتراح «المركزي» بشأن إعادة النظر في آليات الإنفاق من المدخرات فوق عتبة 7 في المائة، مؤكدة أنها تعكف حالياً على دراسة مسألة استثمار مدخرات الصندوق بطريقة لا تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع الاقتصادي.
وحسب خطة وزارة المالية، يفترض أن يصل حجم مدخرات صندوق الرفاه الوطني نهاية العام الحالي حتى مستوى 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، دون حساب المبالغ التي تم استثمارها وتشغيلها من تلك المدخرات.
ووفق قواعد الميزانية؛ تملك الحكومة الحق في إنفاق كل ما يزيد على ذلك المستوى من مدخرات الصندوق، والتي تراكمت بصورة رئيسية نتيجة قاعدة الميزانية التي تنص على توجيه كل ما يزيد على سعر 41.6 دولار لسعر برميل النفط ماركة «أورالز» لصالح صندوق الرفاه.
وقدر مسؤولون حكوميون حجم مدخرات الصندوق حاليا بنحو 3.8 تريليون روبل؛ أي ما يعادل 3.6 من الناتج المحلي الإجمالي، وتتوقع وزارة المالية نمو المدخرات حتى 7.9 تريليون روبل بحلول نهاية العام الحالي، وتخطط لاستثمار 1.8 تريليون من تلك المدخرات عام 2020، ومن ثم 4.2 تريليون عام 2021.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».