أنا وأبي وتوتنهام... ما حدث في تلك الليلة كان غريباً

TT

أنا وأبي وتوتنهام... ما حدث في تلك الليلة كان غريباً

كتبت مؤخراً مقالة شرحت فيها كيف تخليت عن تذكرتي لمشاهدة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين توتنهام هوتسبير وليفربول لكي أشاهد المباراة مع والدي، الذي جعلني أعشق نادي توتنهام هوتسبير، وبالتالي شعرت بأنه من الوفاء أن أشاهد المباراة معه. وقد لاقت هذه الخطوة إشادة من الكثيرين، وتلقيت رسائل من عدد من اللاعبين السابقين يشيدون فيها بهذه الخطوة، وبالإيثار الذي تحليت به في هذا الموقف، ولذا شعرت بأنه يتعين علي أن ألقي الضوء على كل ما قيل في تلك الرسائل، خاصة أنهم صوروني وكأنني بطل.
قد ينتقدني البعض ويقولون إن هذا شيء عادي وإن كل فرد من الجمهور يحب ناديه ووالده في نفس الوقت. لكن هذه ليست النقطة التي أود الإشارة إليها على أي حال، خاصة أنني شخص يعمل داخل مؤسسة كرة القدم ويفهم ما يحدث داخلها جيدا - المليونيرات في العالم ينفقون أموالا طائلة على الأندية، ومسؤولون فاسدون، ولاعبون يحصلون على مقابل مادي مبالغ فيه. والآن، فإن كل ما أحتاج إلى القيام به هو وضع هذه الإشارة القوية، والبسيطة للغاية، موضع التنفيذ. فما مدى صعوبة أن أشاهد مباراة لكرة القدم على شاشة التلفزيون مع والدي؟
في صباح اليوم الذي أقيمت فيه المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، استيقظت في العاصمة الإسبانية مدريد وكانت درجة الحرارة مرتفعة للغاية حتى الساعة الثامنة صباحا. وكان سائق سيارة الأجرة التي استقلها إلى المطار يقود السيارة بسرعة كبيرة ويريد أن يتحدث معي باستمرار. وقد احتسيت كافة السوائل وأنا في طريقي إلى المطار - ماء، وقهوة، وغيرهما من المشروبات. وعندما عدت إلى العاصمة البريطانية لندن، كنت أشعر بالتعب إلى حد ما، وذهبت للنوم قليلا قبل أن تبدأ المباراة، خاصة أن الساعة كانت تشير إلى 4:15 مساء وكان هناك متسع من الوقت قبل بداية المباراة.
واستيقظت عند الساعة الخامسة مساءً، وحدقت في الساعة لكي أتأكد أنها لا تزال الخامسة، ونظرت إلى الهاتف لكي أرى أن هناك ثلاث مكالمة من والدي لم يتم الرد عليها. وكان من الطبيعي أنه إذا اتصل بي والدي مرتين ولم أرد عليه أن يتبع ذلك برسالة عبر تطبيق «واتساب» بها كل أنواع الأخطاء النصية والإملائية وتفتقر حتى إلى علامات الترقيم الأساسية، وبالتالي أبذل مجهودا كبيرا لكي أفك طلاسم هذه الشفرة، لكني اعتادت على هذا الأمر بالممارسة.
وقال والدي في رسالته: «مرحبا ماكس. لقد وصلت إلى المنزل الآن، ولست متأكداً مما إذا كنت قد رأيت رسائلي النصية أم لا». واتصلت بوالدي وتحدثنا وضحكنا سويا. وقدت سيارتي إلى كامبريدج، وكان أبي لديه زجاجة من العصير ويجلس على كرسيه المفضل، وتمكنت أنا من «العثور على قناة بي تي سبورت» على جهاز التلفزيون الخاص به. وفي الغالب فإنني لا أشاهد المباريات مع والدي، حيث يشاهد كل منا المباراة على جهاز التلفزيون الخاص به، ثم نتحدث سويا عن المباراة بعد ذلك.
وبدأت أراجع مواعيد السكك الحديدية الوطنية، وأرسلت رسالة نصية لوالدي قلت له فيها: «يبدو أن القطار رقم 44.44 يحترق». ولسبب ما، قرر والدي أن يسافر عبر خط «ليفربول ستريت» - وهو القطار الذي يتوقف عند كل بلدة وقرية، بل وكل مقعد في أي حديقة بين المدينتين! وكان من المتوقع أن يصل والدي إلى منزلي عند الساعة 7:50 مساء.
ووصل أصدقائي أولا، وشاهدنا سويا التغطية التلفزيونية التي تسبق انطلاق المباراة. وعرفنا أن المدير الفني لتوتنهام هوتسبير سوف يدفع بكل من هاري كين وهاري وينكس في التشكيلة الأساسية للسبيرز، وبدأنا نتناقش سويا عما إذا كان هذا أمرا جيدا أم لا. وفي الحقيقة، لم نكن متأكدين مما إذا كان هذا سيصب في مصلحة الفريق أم لا.
لكن لم أتلق أي اتصال آخر أو رسالة جديدة من والدي على «واتساب». وبدأت المباراة، ولم أسمع أي شيء عن والدي. وحصل ليفربول على ركلة جزاء وسجل الهدف الأول في المباراة، ولم أسمع أي شيء عن والدي. ورن جرس الباب بعد خمس دقائق، وجاء والدي وسكبت له كأسا من العصير وشاهدنا المباراة سويا. وبعد أن سجل أوريغي الهدف الثاني لليفربول، طلبت لوالدي سيارة «أوبر» تعيده إلى منزله، وبالفعل رحل قبل أن تنتهي المباراة.
وفتحت زجاجة أخرى من العصير وأنا أشاهد قائد ليفربول جوردان هندرسون وهو يرفع كأس البطولة. وأرسلت رسالة نصية إلى أمي قلت لها فيها: «اتصل بي عندما يصل والدي إلى المنزل». وغادر أصدقائي وذهبت إلى السرير لكي أنام. ولم تكن الرحلة بسيارة أجرة من محطة كامبريدج إلى منزل والدي تستغرق عشر دقائق، لكن والدي قرر قطع هذه المسافة، التي تصل إلى ميل تقريبا، ماشيا على قدميه، ووصل إلى المنزل قبل الساعة الواحدة صباحاً بقليل.
ولو لم أقرر عدم مشاهدة المباراة النهائية من الملعب وأن أدعو والدي لرؤية المباراة معي في منزلي، فإن والدي كان سيقضي أمسية مريحة. وبدلاً من ذلك، فإنني أجبرت الرجل البالغ من العمر 80 عاماً على ترك كرسيه المفضل والهدوء الذي ينعم به في حجرته لكي يقطع رحلة بالقطار لمدة 90 دقيقة في ظل طقس سيئ لكي يرى مباراة لكرة القدم مع ستة أشخاص لا يعرفهم، ثم يقطع رحلة أخرى لمدة ثلاث ساعات لكي يعود إلى منزله في منتصف الليل! أعتقد أننا لن ننسى أبدا هذه الدقائق الـ86 التي شاهدناها سويا من هذه المباراة.


مقالات ذات صلة

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ب)

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه أظهر كثيراً من نقاط الضعف في آخر مباراتين، ويجب أن يجد التوازن الصحيح بين الدفاع والهجوم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: ما زال بإمكاننا التحسن

تلقى أتلتيكو مدريد دفعة معنوية هائلة بعد الفوز في ست مباريات متتالية، لكن المدرب دييغو سيميوني قال إن فريقه لا يزال لديه مجال كبير للتحسن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.