قيمة الصفقات العقارية السعودية تصل إلى أدنى مستوياتها منذ 11 شهراً

سجل القطاع العقاري السعودي انخفاضا في إجمالي قيمة الصفقات بمعدل أسبوعي هو الأعلى منذ شهر أغسطس (آب) 2018 بنسبة قاربت من الـ31.9 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات العقارية عند 430 مليون دولار، بضغط من القطاع السكني والتجاري على حد سواء وبتأثير أقوى من التجاري بمعدل 53 في المائة.
ويتضح من خلال تلك المؤشرات العقارية انخفاض كافة الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا النزول يأتي امتداد لما يحدث في السوق خلال السنوات الأربع الأخيرة والتي بدأت حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق نزول متتال في قيمة وعدد الصفقات.
وألقت رسوم الأراضي وضريبة القيمة المضافة بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعة بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما كان بعيداً عن الانخفاضات السوقية حتى بداية العام الماضي، حيث كان محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية ودخولها كمطور غير ربحي عبر برنامج «سكني» تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته للعام الثاني على التوالي.
وقال عبد العزيز الشمري المدير العام لشركة المدلول للتطوير العقاري إن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ العام 2014، الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق خصوصاً في العقد الأخير، حيث إن الحديث عن نزول قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير.
وأضاف الشمري أن السوق يشهد نزولا ملحوظا في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغريه، خصوصا أن السوق بدأت فعلياً بدفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذه الفترة أن هناك نزولا ملحوظا في القيمة رغم أنه غير مكافئ لتقلص الطلب، مما يوحي أن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وسيطر الانخفاض الأسبوعي لقيمة الصفقات العقارية على كل من القطاعين السكني والتجاري، حيث انخفض إجمالي قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 24.9 في المائة، مقارنة بانخفاضه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 15.5 في المائة، مستقرا عند مستوى 350 مليون دولار، وانخفض أيضا إجمالي قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة قياسية بلغت 53.1 في المائة، مقارنة بارتفاعه الأسبق بنسبة 10.3 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات القطاع التجاري عند أدنى مستوى له خلال عام مضى عند 73 مليون دولار.
وفي صلب الموضوع أشارت جنى الزعاقي، الذي تدير عددا من الاستثمارات العقارية فيما يخص الوحدات السكنية الجاهزة، إلى أن فقد السوق لما يلامس الـ30 في المائة خلال 11 شهرا، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، ورغم سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، مما يعكس الحال في السوق التي تعيش أياما عصيبة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصا للقطاع السكني الذي يعيش أياما عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة.
وزادت الزعاقي أن «الحديث عن فتح خيارات تمويل سواء كانت حكومية أو غير حكومية غير مجد في هذا التوقيت بالذات في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمته الحقيقية رغم انخفاضها منذ نهاية العام قبل المنصرم، إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء».
ولفتت إلى أن النزول جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة.
وبالمقارنة فيما يخص متوسط الأسعار السوقية للأصول العقارية السكنية خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فقد سجل القطاع انخفاضا سنويا لمتوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 13.5 في المائة، ثم انخفاضا سنويا لمتوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 12.2 في المائة، بينما سجل متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية ارتفاعا سنويا بنسبة 12.3 في المائة.
من جهته، أشار أحمد الدريس مدير شركة مستقبل بناء العقارية إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين فإنه يعتبر أن هناك تفاؤلا نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع المزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، وأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الدريس، أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد تضاؤل الطلب لمستويات كبيرة، مبينا أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أقدامهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستصب بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصا كبيرا بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
هذا وأظهرت الاتجاهات السعرية طويلة الأجل، انخفاضا في جميع متوسطات أسعار الأراضي والعقارات السكنية السوقية السنوية بالتقارير السنوية للأراضي والعقارات لعام 2014 «ذروة التضخم العقاري»، انخفاض متوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 36.5 في المائة، ثم انخفاض متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية خلال فترة المقارنة بنسبة 24.3 في المائة، ثم انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 23.6 في المائة.