انطلاق موسم «الهجرة» إلى المعارضة السياسية في العراق

TT

انطلاق موسم «الهجرة» إلى المعارضة السياسية في العراق

في سابقة من نوعها في سياق العمل السياسي العراقي بعد 2003، تبنى «تيار الحكمة الوطني» الذي يتزعمه عمار الحكيم وله 17 نائباً في البرلمان، موقف «المعارضة السياسية» رسمياً، في مسعى لتقويم الأداء الحكومي، مما يشكل ضربة لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وقال التيار في بيان، أمس، إن مكتبه السياسي عقد اجتماعاً «تدارس فيه الأوضاع السياسية بشكل عام، والمستوى الخدمي وهواجس الشارع العراقي بشكل خاص، وتم الاستماع إلى جميع وجهات النظر ومناقشتها بشكل تفصيلي حول مستوى الأداء الحكومي وما عليه المشهد العام في عراقنا العزيز». وأضاف: «يعلن (تيار الحكمة الوطني) عن تبنيه لخيار (المعارضة السياسية الدستورية الوطنية البنّاءة) والالتزام الكامل بهذا الخيار التياري وما يقتضيه، وما يستلزمُهُ من دور وحراك وأداء ومواقف على الصعيد الوطني».
وأرسل «تيار الحكمة»، أمس، إشعاراً رسمياً إلى رئيس مجلس النواب يطلب فيه التعاطي قانوناً مع كتلته النيابية بصفتها كتلة معارضة. بدوره، رحب «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بخيار «تيار الحكمة»، وعدّه «قوة لموقف (ائتلاف النصر) الذي (يتبني المعارضة التقويمية للحكومة)»، على حد تعبير بيان صادر عنه. وكشف البيان أن «النصر» كان قد تبنى «المعارضة التقويمية للحكومة قبل إعلان (الحكمة) بثلاثة أيام، خصوصاً أن المعارضة تحتاج إلى جبهة سياسية عريضة ومسؤولة وفاعلة وضاغطة باتجاه التصحيح». وأكد أنه «لا يستهدف إسقاط الحكومة لمجرد التنافس السياسي»، وأن مشروعه «يهدف إلى بناء دولة ناجحة، وليس سلطة مغامرة والوصول إليها بأي ثمن».
وفي حين لم يعلن «ائتلاف النصر» في بيانه التحاقه الصريح بمركب «تيار الحكمة» المعارض، إلا إن عضو الائتلاف خليل محمد سعيد، كشف، أمس، عن «وجود توجه لتشكيل معارضة نيابية للحكومة من 6 كتل على الأقل». وبذلك يميل عدد من المراقبين إلى الاعتقاد بأن «موسماً لهجرة الكتل السياسية إلى المعارضة قد بدأ، نتيجة رغبتها في القفز من مركب السلطة الذي باتت تتقاذفه أمواج الأزمات، خصوصاً المتعلقة بالجانب الخدمي».
بدوره؛ يرى رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري، أن «خطاب مرجعية النجف الأخير الذي وجه انتقادات لاذعة للكتل السياسية يقف بدرجة أساسية وراء خيار (تيار الحكمة) وإلى حد ما (ائتلاف النصر)، لأنهما يرغبان في النأي بنفسيهما عن مركب الحكومة وما يرتبط به من إخفاقات».
ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارضة السياسية التي تبناها تيار الحكمة و(المعارضة التقويمية) التي يتبناها (ائتلاف النصر) تتوافق مع النظام البرلماني الديمقراطي في العراق، وهي مساحة جديدة للعمل السياسي».
من جهته، يؤكد العضو القيادي في «تيار الحكمة» محمد حسام الحسيني أن «تبني منهج المعارضة السياسية في البرلمان تجاه الحكومة لا يعني ترك المناصب الإدارية في الدولة العراقية، لأننا داعمون للدولة ومعارضون للحكومة».وأكد الحسيني أن «قوى (ائتلاف الإصلاح) الأساسية الثماني أبدت ترحيبها وتأييدها فكرة الذهاب إلى المعارضة، ونحن بانتظار بلورة ذلك عبر تقديمها طلبات رسمية للالتحاق بمركب المعارضة كما فعل (تيار الحكمة)».
يذكر أن قطاعات شعبية عراقية واسعة تتهم القوى السياسية بشكل عام، بأنها غالباً ما تقاتل للظفر بالمناصب الرسمية والمواقع المهمة في الحكومة والدولة العراقية، لكنها رغم ذلك تقوم علناً بانتقاد الحكومة وتحملها وحدها مسؤولية الإخفاقات التي تحدث هنا وهناك.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».