تجاوزت الحركة الإسلامية الأردنية ممثلة بجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة، وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، عبر وثيقتها السياسية المرجعية، نقاطا شكلت، في السابق، حلقات من التأزيم مع مؤسسات الدولة، في رسالة حملت في طياتها مرونة أكثر في التعامل مع المواقف الرسمية، واستجابة لانتقادات قوى سياسية في البلاد.
الوثيقة التي أعلن عنها قيادات الحركة في مؤتمر صحافي، أمس الإثنين، تضمنت مواقف سياسية وسطية معتدلة من مسائل في الإصلاحات الداخلية، تجاوزت خلالها الحركة الإسلامية مواقف سابقة لها في مسائل تتعلق من تعديلات دستورية تطال صلاحيات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن قيادات من الحركة الإسلامية كانت قد طلبت من تيار التغيير الذي أعلن عن تأسيسه رئيس الوزراء الأسبق ومدير المخابرات الأسبق أحمد عبيدات، منتصف شهر رمضان الماضي، تبني أفكار الوثيقة والانضمام إلى التيار، إلا أنها لم تتلق أي ردود ترحيبية، ما دفع الحركة لإشهار وثيقتها بمعزل عن سقف المعارضة الذي تبناه عبيدات ولجنته التحضيرية وقد ضمت في صفوفها صقور المعارضة السياسية من قوى اليسار والقوميين في البلاد، ومنشقين سابقين عن الحركة الإسلامية، أبرزهم المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات.
كما جاء الإعلان عن الوثيقة عشية قرار قطعي لمحكمة التمييز الأردنية (أعلى هيئة قضائية في البلاد)، يقضي بعدم اعتبار جمعية جماعة الإخوان المسلمين التي ترخصت في 2015 بمباركة رسمية، خرقا قانونيا للجماعة التي تأسست في 1946، والتي تخوض نزاعاً قانونياً منذ سنوات على شرعيتها.
ومن أدبيات الوثيقة جاءت المقدمة لتؤكد على سعي الحركة الإسلامية في الأردن لتقديم صورة حقيقية عن فكرها السياسي، وسياساتها و«توجهاتها الراهنة تجاه العلاقة مع الآخر بمستوياته المتعددة»، لتغادر مربع التشدد في مطالباتها الإصلاحية في البلاد، وتطالب بضمان الحريات الدينية والفكرية والسياسية والإعلامية والاجتماعية للمواطنين، وأن تحول دون مصادرتها أو الاعتداء عليها أو الانتقاص منها، وأن تمنع فرض الآراء والقناعات على الآخرين بالقوة، وفق ما جاء في النص المرجعي.
وفي الوثيقة اتخذت الحركة الإسلامية موقفا واضحا من الإرهاب والتطرف، وهو ما كانت تتجنبه سابقا، مطالبة الجماعة والحزب بإبراز نهج الوسطية والاعتدال في فكرها وممارستها، وأولوية مواجهة نزعات التطرف والتشدد وحماية المجتمع من شرورها وأخطارها.
وقالت الحركة إن التطرّف والتشدّد مرفوضان ومدانان شرعياً وأخلاقياً وإنسانياً، وإن أخطارهما تستهدف استقرار المجتمعات وتهدد سلمها الأهلي، وإنهما مدخل منطقي للعنف والإرهاب، وإن التطرف الفكري عادة ما يسبق الإرهاب السلوكي المدمّر، رافضة بذلك استخدام العنف والإكراه وسيلة للتغيير أو التأثير السياسي أو إدارة الخلافات السياسية أو فرض الرؤى والقناعات والاجتهادات الفكرية والسياسية.
وحول الموقف المتشدد لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي، من التعديلات الدستورية حيث ظلت الحركة الإسلامية تطالب بتعديلات جذرية تمس صلاحيات الملك الأردني، أبدت الحركة موقفا اتسم بمرونة أكثر تجاه الدستور بوصفه «وثيقة تتسم بالاستقرار والثبات النسبي»، على ألا يمنع ذلك من تعديلها والنظر فيها للتطوير والتحديث «إن كانت ثمّة حاجة للتطوير ومعالجة أي اختلالات».
وفيما أكدت الحركة على أنها تنظر إلى الدستور الأردني كوثيقة «مهمة ومتقدمة، مع أهمية أن يحترمه الجميع»، أكدت أيضا على رؤيتها في دعم حق الشعب والمؤسسات التوافق على إجراء التعديلات الضرورية التي يرونها لازمة لتطويره «تحت مظلة الحوار الوطني»، وهو ما قاطعته الحركة الإسلامية في مطلع الربيع الأردني عندما رفضت المشاركة في لجنة الحوار الوطني الذي ترأسها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، كما تم رفض مخرجات اللجنة الملكية للتعديلات الدستورية العام 2011.
أمام ذلك برز مصطلح جديد في الوثيقة يعكس مرونة وانفتاح الحركة الإسلامية في الأردن من خلال سعي الحركة إلى إرساء مفهوم «الجماعة الوطنية» التي تشمل كل الأطياف الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وإن تباينت مواقفها واجتهاداتها، وفق ما جاء في النص المرجعي، وهو ما يفتح على شكل جديد للحركة وأدبياتها، قد لا يحظى بثقة وقبول المؤسسة الرسمية أو القوى السياسية.
الحركة الإسلامية في الأردن تُعلن وثيقة سياسية مرجعية
تفتح على مرحلة من التفاهمات المرنة مع الدولة
الحركة الإسلامية في الأردن تُعلن وثيقة سياسية مرجعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة