رئيس الوزراء العراقي يستعد لمواجهة مع الكتل السياسية

TT

رئيس الوزراء العراقي يستعد لمواجهة مع الكتل السياسية

كشف وزير الداخلية العراقي الأسبق، والنائب الحالي عن كتلة «الفتح»، محمد سالم الغبان أن «رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، منح الكتل السياسية والبرلمانية مهلة تنتهي في العشرين من الشهر الحالي، لتقديم أسماء مرشحيها للحقائب الأربع المتبقية».
وقال الغبان لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في حال لم تتمكن الكتل السياسية من تقديم أسماء المرشحين لشغل الحقائب الأربع الشاغرة (الدفاع والداخلية والعدل والتربية) فإنه سيكون مضطراً لتقديم ما لديه من أسماء إلى البرلمان، لغرض التصويت عليها بعيداً عن إرادات الكتل». وأضاف أن «عبد المهدي في حال لم يمرر البرلمان الأسماء التي يتقدم بها هو، فإنه سيعرض أسماء أخرى لحين تصويت البرلمان عليهم في آخر المطاف».
وتأتي المهلة التي منحها عبد المهدي، وهي الأولى من نوعها، للكتل السياسية، بعد أن كان قد رمى الكرة في السابق في مرمى الكتل السياسية الكبيرة، عقب الرسالة شديدة اللهجة التي تضمنتها الخطبة الأخيرة للمرجعية الدينية العليا في النجف، والتي بدت غير مألوفة حتى في استخدام المفردات التي حملتها الخطبة.
من جهتها، فإنه في الوقت الذي سارعت فيه معظم الكتل السياسية إلى تأييد ما ورد من مضامين في خطبة المرجعية، مع أنها جميعاً مشمولة بالتقصير، فإن من بين هذه الكتل، لا سيما في تحالف «الإصلاح»، من بات يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، عبر تحميل عبد المهدي كامل المسؤولية، بما في ذلك العمل على استدعائه للبرلمان لمساءلته، ومن ثم تشكيل جبهة معارضة له قد تؤدي إلى سحب الثقة منه.
وفي الوقت الذي كانت فيه كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إحدى أهم الكتل الداعمة لعبد المهدي، مع كتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري، فإن الأولى ومعها كتل من تحالف «الإصلاح»، في المقدمة منها «النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، باتت تقود الحراك المضاد لعبد المهدي.
إلى ذلك، وبينما أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، أن جلسات البرلمان للأسبوع المقبل التي تبدأ الأحد المقبل تتضمن عرض أسماء الوزراء المرشحين لشغل الوزارات الشاغرة، فضلاً عن إنهاء ملف إدارة الدولة بالوكالة، فإن التوقعات السياسية والبرلمانية تشير إلى قرب حسم هذا الملف المتعلق بالوزارات، بينما لا تزال الخلافات قائمة بشأن إدارة ملف الدولة بالوكالة. وفي هذا السياق يقول عبد الله الخربيط، عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزراء سيتم عرضهم بالفعل الأسبوع المقبل؛ لأنه لم يعد هناك مبرر للتأخير، لا سيما بعد مرور ثمانية أشهر على التصويت للكابينة»، موضحاً أنه «فيما يتعلق بالوكالات، فإن هذا الأمر تم التوافق عليه، وبدأنا الخطوة الأولى الأسبوع الماضي، بتثبيت أمين عام مجلس الوزراء، ومدير مكتب رئيس الوزراء، بينما تنتظر البرلمان مئات الدرجات الوظيفية التي حصل توافق على التصويت عليها قبل نهاية الشهر الحالي».
وأوضح الخربيط أن «الحكومة الآن تحت تهديد المعارضة والصيف الساخن، وأن أي تلكؤ في أي من هذه الملفات سوف يعرضها إلى ما لا تحمد عقباه». لكن نائب رئيس الجبهة التركمانية حسن توران، يرى من جانبه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكتل تتحدث دائماً عن توافق بينها؛ لكن النتيجة تأتي دائماً مخيبة للآمال؛ لأنها لا تتصرف إلا بناء على الضغوط التي سرعان ما تمتصها بهذا الشكل أو ذاك»، مبيناً أنه «ليس هناك في الأفق ما يلوح بوجود توافق؛ خصوصاً في ظل الحديث عن المعارضة للحكومة، وهو أمر من شأنه أن يعرقل كل شيء في البلاد، ولا يسهم في حل الخلافات». وحول ملف إدارة الدولة بالوكالة الذي يفترض أن ينتهي نهاية الشهر الحالي، أكد توران أن «إدارة الدولة بالوكالة لن تنتهي نهاية الشهر الحالي، وعندها سوف ندخل في إشكال قانوني بسبب قانون الموازنة الذي ألزم الحكومة بالانتهاء منها نهاية الثلاثين من هذا الشهر».
من جانبه، أكد عضو البرلمان عن كتلة «سائرون» برهان المعموي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر المتعلق بالوزارات الشاغرة سوف يحسم قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي». وأضاف أنه «فيما يتعلق بملف الوكالات فمن الصعب الانتهاء منه نهاية الشهر الحالي، رغم أنه مادة قانونية ضمن الموازنة؛ لكن المشكلة لا تزال باستمرار الخلافات السياسية»، مبيناً أن «ملف الوكالات سوف يتم تمديده بشكل اضطراري لمدة 3 شهور لعدم إمكانية حسمه خلال الفترة التي حددها قانون الموازنة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.