زعيم «الاستقلال» يحذّر من «التطاحن» الاجتماعي في المغرب

انتقد تعاطي الحكومة مع ملف مقاطعة طلبة الطب الامتحانات

TT

زعيم «الاستقلال» يحذّر من «التطاحن» الاجتماعي في المغرب

حذّر نزار بركة، الأمين العام لـ«حزب الاستقلال» المعارض في المغرب، من تطاحن اجتماعي وشيك في البلاد، بسبب الاحتقان الاجتماعي وفقدان الثقة بالمستقبل اللذين يسيطران على كثير من المغاربة؛ خصوصاً الشباب منهم، محملاً حكومة سعد الدين العثماني، مسؤولية ذلك. وقال بركة، في مهرجان خطابي بمناسبة إحياء الذكرى الـ45 لوفاة زعيم ومؤسس الحزب علال الفاسي، بمدينة طنجة (شمال البلاد) مساء أول من أمس: «مع الأسف؛ نسجل اليوم بكل مسؤولية وصراحة أن هنالك بوادر للتطاحن الاجتماعي في بلادنا، وخير دليل على ذلك ما وقع في كليات الطب».
وأضاف بركة أن ما تشهده كليات الطب من احتقان بعد مقاطعة الطلبة الامتحانات يؤشر على أن هنالك «صراعاً طبقياً بين من يتشبث بالقطاع العمومي، ومن يريد خوصصة التعليم العالي في بلادنا»، وذلك في انتقاد واضح للحكومة وتعاطيها مع الملف.
ودعا زعيم حزب الاستقلال؛ القوة المعارضة الثانية في البرلمان المغربي، إلى «تجاوز التطاحن بين الطبقات والتركيز على بناء مجتمع متوازن تكون فيه الفئات الاجتماعية متضامنة ومتكاملة فيما بينها». وشدد بركة أمام أنصار حزبه على أن «الاستقلال» لا يمكنه إلا أن يواجه «كل سياسة تؤدي إلى تعميق الفوارق الاجتماعية والمس بالطبقة الوسطى وقدرتها الشرائية»، مؤكداً أن الواقع والسياسات الحكومية المتبعة يساهمان في تعميق الفوارق بين الفئات الاجتماعية بالبلاد.
وعاد بركة ليستشهد بحملة المقاطعة التي طالت منتجات 3 علامات تجارية في السوق الوطنية؛ من بينها شركة توزيع المحروقات لصاحبها عزيز أخنوش، وزير الفلاحة ورئيس حزب «التجمع الوطني للأحرار» المشارك في الغالبية، حيث عدّ أن الطبقة المتوسطة في البلاد «عبرت من خلال سلوك المقاطعة عما تتعرض له من ضرب لقدرتها الشرائية وانحدارها داخل المجتمع». وزاد بركة أن حزب الاستقلال سيتصدى لكل «سياسة تؤدي إلى توسيع الفوارق المجالية، خصوصاً بين العالم القروي والعالم الحضري وبين جهات (محافظات) المملكة»، كما تعهد بالتصدي لأي سياسة تستهدف النيل من «هويتنا الوطنية وخلق شروخ داخل المجتمع». وحث بركة على ضرورة حماية المجتمع من «الشروخ والتصدعات الناتجة عن الاحتقان والإحساس الفردي والجماعي بفقدان الثقة بغد أفضل»، مؤكداً أهمية مواجهة ما سماها «النزعة الليبرالية المفرطة» التي تقوم على «الاحتكار والجشع وتوسيع الفوارق الاجتماعية والمجالية».
ودعا بركة إلى تعميم أسباب الكسب ووسائل الارتقاء الاجتماعي للفئات الضعيفة والمتوسطة بالبلاد، وذلك من خلال جعل التشغيل في صلب اهتمامات الدولة والخيارات الاقتصادية لها في إطار النموذج التنموي الجديد.
وتطرق بركة إلى معالم الفكر المقاصدي للزعيم الراحل علال الفاسي، الذي عدّه «فقيهاً مُجدداً، وعالم مقاصدياً مُتجدداً، في فكره وسيرته وإنتاجاته المعرفية ومواقفه الوطنية والسياسية»، موضحاً أن علال الفاسي شيد «منظومة فكرية متكاملة بامتداداتها الإجرائية في الواقع وحياة المواطن، وذلك من خلال تجديد المفاهيم، وإظهار المقاصد في روحها وشموليتها وكلياتها، وسعيها لتحقيق المصالح المرسلة التي تتجلى في تحديث الحياة العامة وتخليقها».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.