الرئاسة الفلسطينية: {صفقة السلام} الأميركية تعثرت وغيّرت اتجاهها

مظاهرة في رام الله ضد الورشة الاقتصادية... وتهديدات للفلسطينيين: مَن يشارك خائن

فلسطينيون في رام الله يتظاهرون ضد الورشة الاقتصادية في البحرين (أ.ف.ب)
فلسطينيون في رام الله يتظاهرون ضد الورشة الاقتصادية في البحرين (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة الفلسطينية: {صفقة السلام} الأميركية تعثرت وغيّرت اتجاهها

فلسطينيون في رام الله يتظاهرون ضد الورشة الاقتصادية في البحرين (أ.ف.ب)
فلسطينيون في رام الله يتظاهرون ضد الورشة الاقتصادية في البحرين (أ.ف.ب)

قالت الرئاسة الفلسطينية إن خطة السلام الأميركية التي وصفتها بـ«المؤامرة» تعثّرت وغيّرت اتجاهها بسبب الرفض الفلسطيني لها، مقدمةً النصح للإدارة الأميركية بعدم تجريب خطط سابقة وفاشلة ستصل إلى طريق مسدود.
والإعلان الفلسطيني حول تعثر الخطة الأميركية جاء كما يبدو بسبب الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في إعلان خطة السلام المعروفة باسم صفقة القرن، وإطلاق ورشة اقتصادية كجزء من الخطة في هذا الوقت.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن «المؤامرة الأميركية تعثرت، وتغير اتجاهها والسبب أن الرفض الفلسطيني وموقف الرئيس الواضح من القدس واللاجئين والثوابت الوطنية هو حجر الزاوية الذي أدى إلى تعثر مسار المؤامرة على الشعب الفلسطيني».
وأضاف: «على الرغم عن تراجع الموقف الأميركي من صفقة القرن إلى ورشة، ربما (أيضاً) تصبح وثيقة خارجة عن القانون الدولي والشرعية العربية».
وهاجم أبو ردينة الورشة الاقتصادية التي تنوي الولايات المتحدة عقدها في البحرين في 25 و26 من الشهر الحالي، قائلاً: «إن هدف الوثيقة الاقتصادية الحقيقي هو تجنب مفاوضات سياسية على أسس الشرعية الدولية، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى طريق مسدود».
وتابع: «على الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي ألا يُجربوا حلولاً جُربت وفشلت عبر السبعين عاماً السابقة، خصوصاً أنه منذ 29-11-2012 عندما صوتت الجمعية العامة بأغلبية ساحقة على قبول دولة فلسطين على حدود 1967، بعاصمتها القدس الشرقية كعضو مراقب، كان ذلك نهاية لخطط الاستعمار والذي بدأ بوعد بلفور حتى هذه اللحظة من خلال صفقة وُلدت ميتة».
والهجوم الفلسطيني الجديد على خطة السلام الأميركية وورشتها الاقتصادية جاء في وقت ما زال فيه الفريق الأميركي المكون من: جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي والمسؤول عن خطة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط، وجيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، يجري اتصالات من أجل ضمان مشاركة أوسع في الورشة الاقتصادية.
واعتذرت دول عربية عن المشاركة ووافقت أخرى ولم يتضح موقف البقية، في إشارة إلى التعقيدات التي ترافق التحضير لهذه الورشة.
ورفض الفلسطينيون المشاركة في هذه الورشة انطلاقاً من رفض الصفقة الأميركية برمتها.
ويقول الفلسطينيون إن الخطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر حسم أخطر الملفات: القدس، واللاجئين، والحدود، لصالح الرواية الإسرائيلية.
ولأول مرة يظهر الفلسطينيون بشتى انتماءاتهم وتوجهاتهم موحَّدين ضد الخطة الأميركية.
ورفضت الفصائل الفلسطينية جميعها التحركات الأميركية وقالت إنها ستتصدى لها.
وتظاهر مئات من الفلسطينيين في رام الله، أمس، رفضاً لـ«صفقة القرن» و«ورشة البحرين».
وهتف المتظاهرون ضد الإدارة الأميركية وخططها ورددوا إلى جانب مسؤولين فلسطينيين شعارات بينها «ما بنبدل الاستقلال بالمشاريع والمال»، و«تسقط صفقة العار». ووجهوا رسالة إلى الدول العربية من أجل التراجع عن المشاركة في ورشة البحرين لكنهم وجهوا رسائل حادة إلى الداخل باعتبار أي فلسطيني سيشارك في الورشة «خائناً». وهتفوا: «عالمكشوف جواسيس ما بدنا نشوف».
ويخطط مستشارو الرئيس الأميركي لتعويض الوجود الرسمي الفلسطيني برجال أعمال. لكن يُعتقد أن يتجنب كثير منهم ذلك بسبب الموقف الفلسطيني الرسمي.
كانت السلطة قد هددت بشكل ضمني أي فلسطيني سيشارك بأنه سيعد عميلاً للأميركيين والإسرائيليين.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد: «كل شخص يشارك أو يوقّع أو يقبل بهذه الصفقة فهو خائن، مؤتمر المنامة هو نقيض مبادرة السلام العربية ومقررات القمة الإسلامية الأخيرة في مكة، ولا نقبل أي تبرير، حتى من الذين قد يضطرّون إلى أن يذهبوا بسبب ظروف معيّنة بمستوى متدنٍّ».
وأضاف: «في حرب مفتوحة مع الأميركيين. الورشة الاقتصادية ساقطة من قبل أن تولد، وهذا الأمر قاله (مبعوث الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جيسون) غرينبلات. قال: أماتوها قبل أن تولد. يكفي أن كل الفلسطينيين لن يشاركوا، وكل الفصائل بلا استثناء أعلنت رفضها للصفقة. كل رجال الأعمال الفلسطينيين والشخصيات التي دُعيت، أكثر من 100 شخص، لن يشارك أي منهم في ورشة البحرين، وبعضهم يحمل الجنسية الأميركية. وُجهت دعوات إلى ثلاثة مسؤولين رسميين فلسطينيين، ونحن لن نردّ على الدعوات حتى بالاعتذار. المدعوون هم وزراء مالية واقتصاد ورجال أعمال وخبراء. ومعلوماتي أن أميركا طرحت ورشة البحرين كبديل من طرح تفاصيل الصفقة التي كان من المفترض أن يُعلن عنها بعد عيد الفطر». وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف أن الفلسطينيين موحدون في مواجهة ورشة البحرين.
وأضاف: «إن مشاركة الفصائل والقوى وشخصيات وطنية ودينية تعكس إجماعاً وطنياً على رفض هذه الخطط، وشعبنا في كل العالم موحَّد في مواجهة هذه المخططات، وسنمضي قدماً دفاعاً عن حقوقنا في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس».
وتأتي المظاهرة في إطار برنامج فعاليات دعت إليه الفصائل والقوى الوطنية ومنظمات غير حكومية، مع اقتراب موعد انعقاد «ورشة البحرين»، وتشمل مدن الضفة الغربية، وقطاع غزة، ومخيمات اللجوء، وتجمعات الفلسطينيين في الشتات.
وكتب وزير الشؤون المدنية في السلطة القيادي في «فتح» حسين الشيخ، قائلاً إن الموقف الفلسطيني يتلخص في رفض شعار «الازدهار مقابل السلام كبديل عن الأرض مقابل السلام». وأضاف: «الحقوق الفلسطينية لا تسقط ولا تموت تحت بساطير المحتلين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.