1908 ضحايا لمجزرة «سبايكر» وجثث أكثر من نصفهم لم تسلم لذويهم

تمر هذه الأيام الذكرى الخامسة لمجزرة معسكر «سبايكر» التي ارتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي في 12 يونيو (حزيران) عام 2014. ضد مئات العسكريين العراقيين الذين كانوا خارجين من المعسكر الذي يقع شمال غربي مدينة تكريت أملاً في العودة إلى ديارهم قبل أن تمسك بهم عناصر «داعش» ويقتل أغلبهم في منطقة القصور الرئاسية التي تعود إلى حقبة نظام صدام حسين.
وبرغم عدد ضحايا المجزرة المعلن والشائع الذي يناهز 1700 قتيل، فإن مفوضية حقوق الإنسان العراقية تؤكد أن العدد المؤكد يبلغ 1908، سلمت جثامين 807 منهم إلى ذويهم حتى الآن.
وما زال «كابوس» المجزرة الرهيبة يطارد قطاعات غير قليلة من العراقيين سواء من ذوي الضحايا، أو أولئك الذين ينظرون للحادث بوصفة أكثر أعمال «داعش» شناعة بعد صعوده وسيطرته على نحو ثلث أراضي البلاد بعد يونيو (حزيران) 2014. وما زال الغموض يحيط ببعض جوانب المجزرة، سواء المتعلق بالتحقيق والكشف عن مرتكبي الجريمة أو القيادات العسكرية التي أخفقت في حماية عناصرها، أو تلك المرتبطة بطبيعة التعويضات التي قدمت لعوائل الضحايا.
وخرج أول من أمس، عدد من أسر ضحايا «سبايكر» في وقفه احتجاجية في بغداد للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم. وقدم رئيس الجمهورية برهم صالح إلى البرلمان العراقي الشهر الماضي، مقترح قانون «شهداء سبايكر» وهو بانتظار القراءة الثانية للتصويت عليه.
من جانبه، زار رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي فجر، أمس، موقع مجزرة سبايكر في محافظة صلاح الدين في الذكرى الخامسة لوقوعها، وتجول في مكان الجريمة الذي يحتوي على صور الضحايا. ونقل مكتب عبد المهدي الإعلامي عنه قوله: «بقلوب حزينة ولكن برؤوس مرفوعة نقف اليوم في المكان الذي ارتكبت فيه هذه الجريمة البشعة على يد عصابة (داعش) الإرهابية التي أقدمت على قتل شباب عزّل من السلاح»، مؤكداً على أن «جهوداً كبيرة ومتواصلة تبذل لحسم ملف مجزرة سبايكر وضمان حقوق عوائل الشهداء والمفقودين، وهو أقل واجب نقدمه أمام صبرهم وتضحياتهم الغالية».
وأضاف عبد المهدي: «بطولات وتضحيات العراقيين ووحدتهم هي التي صنعت النصر، نحن أوفياء لهذه الدماء التي انتصرت ولن نسمح لفلول (داعش) المنهزمة بالتقاط أنفاسها وقواتنا تلاحقهم في الصحاري ولن يكون لهم مكان آمن في العراق».
بدوره، اعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي أن «جريمة سبايكر واحدة من أبشع جرائم عصابات (داعش) الإجرامية وهي ترقى حسب الأعراف الدولية إلى جريمة حرب». وذكر البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجريمة تقف وراءها جهات كانت نافذة في الدولة ولها ارتباطات محلية وإقليمية ودولية، وقامت هذه العصابات بإشراك العديد من الجهات تحت عناوين مختلفة لإخفاء خيوط الجريمة، التي استهدفت الضحايا من جميع مناطق العراق وكانت الحصة الأكبر لمحافظات، بغداد وذي قار وبابل». وعن إجمالي الضحايا يقول البياتي: «تم العثور على 1908 جثث حتى الآن وعدد من تم التحقق من جثثهم وتسليمها إلى ذويهم 807 جثث، وعدد المقابر التي تم فتحها حتى الآن 17 مقبرة وما زال العمل جاريا على فتح بقية المقابر».
وعن سير التحقيقات المتعلقة بالحادث، ذكر البياتي أنه «لم يفتح تحقيق قضائي حقيقي في هذه الجريمة من كل أبعادها باعتبارها جريمة حرب، إنما يتم بين وفترة وأخرى اعتقال ومحاكمة بعض الأفراد المتورطين، وذلك ناجم عن عدم وجود نص في القوانين العراقية تحاكم بموجبه جرائم الحرب». ويؤكد البياتي أن «عدم وجود نوع كهذا من القوانين يعد نقصاً مخلاً في تطبيق العدالة واختفاء الكثير من تفاصيل الجريمة وعدم إشراك الضحايا أو عوائلهم أو الشهود التي تعتبر اليوم من أهم أركان تطبيق العدالة». ويرى أن «من الضروري أيضاً، حماية الناجين الموجودين في المجزرة واعتمادهم شهود عيان على الجريمة ومنحهم حقوقاً وافية لحياة كريمة وأمينة».
وكان فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب «داعش» (يونيتاد) الذي تشكل طبقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2379. أعلن أول من أمس، وبمناسبة ذكرى مجزرة «سبايكر» استمراره في «إجراء تحقيقات مستقلة من أجل تعزيز المساءلة في العراق وعلى الصعيد العالمي، بحيث يمكن تحديد الطبيعة الحقيقية لمجرمي (داعش) ومداها ومسؤولية أولئك الذين ارتكبوا مثل هذه الأعمال».
إلى ذلك، يرى المتحدث باسم مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين مروان جبارة أن «عشائر صلاح الدين دانت وما زالت تدين هذه الجريمة النكراء، وأنا على يقين أن من قاموا بارتكابها في صلاح الدين كانوا يريدون إحداث نفس الفتنة الطائفية التي وقعت عقب تفجير مرقد العسكريين في سامراء عام 2006». ويرى جبارة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «من الخطأ اتهام بعض عشائر صلاح الدين بالتورط في المجزرة الإرهابية، بل إن أشخاصاً كثيرين من صلاح الدين ساهموا في إنقاذ حياة بعض الجنود، المسؤول الأول هو (داعش) الإرهابي وبعض القيادات العسكرية التي لم تحم عناصرها». ويضيف: «المشكلة أن الضحايا لم ينصفوا حتى الآن برغم الكلام الكثير الذي يقال ولم يقدم الجناة للعدالة، بل إن بعض من ألقي القبض عليهم بتهمة المشاركة في الجريمة، ليس لهم علاقة بها».