مقتل العشرات بمعارك طاحنة في الجولان.. والنظام يرتبك في جرمانة

«جبهة ثوار سوريا» تعلن معركة «الكرامة» ضد «داعش».. والتنظيم يستهدف مطار القامشلي

عنصران من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (أندوف) داخل عربة مصفحة قرب معبر القنيطرة أمس (إ.ب.أ)
عنصران من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (أندوف) داخل عربة مصفحة قرب معبر القنيطرة أمس (إ.ب.أ)
TT

مقتل العشرات بمعارك طاحنة في الجولان.. والنظام يرتبك في جرمانة

عنصران من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (أندوف) داخل عربة مصفحة قرب معبر القنيطرة أمس (إ.ب.أ)
عنصران من قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان (أندوف) داخل عربة مصفحة قرب معبر القنيطرة أمس (إ.ب.أ)

نجح مقاتلو المعارضة السورية في صد هجوم شنته قوات النظام السوري في منطقة ريف القنيطرة في الجولان قرب الجزء الذي تحتله إسرائيل، بالتزامن مع سيطرتهم على تلال جديدة في المنطقة بعدما كانوا استولوا على معبر القنيطرة الحدودي أواخر الشهر الماضي. بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمشاركة عناصر من «حزب الله» في الاشتباكات المحتدمة في حي جوبر في العاصمة دمشق وفي مناطق في شرق حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن مقاتلي الكتائب المعارضة تمكنوا من السيطرة على «عدد من التلال الحدودية أو القريبة من الجولان المحتل وقرى في محيطها، ما أوقع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الطرفين». وأضاف أن «النظام حاول (السبت) استرجاع بلدة مسحرة، لكنه فشل في ذلك»، مشيرا إلى مقتل «26 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وما لا يقل عن 17 مقاتلًا من الكتائب المقاتلة و(جبهة النصرة) والكتائب الإسلامية خلال الاشتباكات»، فيما تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على تلال إضافية.
وتحدث ناشطون سوريون، أمس، عن «أصوات انفجارات ضخمة سمعت من البلدات القريبة من خط وقف إطلاق النار، إضافة إلى انفجارين وقعا بالجهة الشرقية لمدينة القنيطرة الجديدة التي تسيطر عليها قوات النظام».
وكانت كتائب مقاتلة معارضة للنظام، من بينها «جبهة النصرة»، أعلنت أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي معركة «الوعد الحق» التي تهدف إلى «تحرير» القنيطرة ومناطق مجاورة.
ويقدر المرصد خسائر قوات النظام منذ بدء المعركة بـ«أكثر من 70 قتيلا، مقابل عشرات القتلى في صفوف المقاتلين المعارضين». ويسعى مقاتلو المعارضة إلى تأمين شريط يمتد من ريف درعا الغربي (جنوب) حيث المثلث الحدودي بين الأردن وسوريا وإسرائيل حتى القنيطرة (جنوب) خال من القوات النظامية.
وتحدث رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» عن «دور أساسي» لـ«حزب الله» في معارك دمشق وريفها، لافتا إلى أن «الغالبية الساحقة من العمليات الخاصة التي تُنفذ هناك يقودها الحزب اللبناني».
وأشار عبد الرحمن إلى عدة غارات نفذها الطيران الحربي السوري أمس على مناطق في حي جوبر، وسط قصف عنيف لقوات النظام على مناطق في الحي، واشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية، من طرف، وقوات النظام مدعمة بـ«حزب الله» وقوات الدفاع الوطني من طرف آخر.
وطالت غارات الطيران الحربي مناطق في بلدة عين ترما وأطراف منطقة الدخانية، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الكتائب الإسلامية و«جبهة النصرة» من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في المناطق ذاتها.
وشهدت منطقة الدخانية، أمس، حالات نزوح جماعية للسكان، فيما أكد ناشطون أن مقاتلي الجيش الحر سيطروا على معظم المنطقة المحاذية للدويلعة والكباس وجرمانة، ونفذ عملية التفافية، وعبرت عناصره قلب الدخانية وباغتوا قوات النظام التي انسحبت قبل تقدم الجيش الحر.
وسرت شائعات عن دخول كتائب المعارضة إلى بلدة جرمانة مما أثار حالة من الذعر الهستيري في أوساط المدنيين، وغالبيتهم من المؤيدين للنظام، فيما استنفر عناصر ميليشيات جيش الدفاع الوطني وسط حالة من الهلع والارتباك، اضطر على أثرها محافظ ريف دمشق ومعه قائد جيش الدفاع الوطني النزول إلى جرمانة لتكذيب الشائعات وطمأنة السكان. وأرسلت رسائل قصيرة لمشتركي الهواتف الجوالة تكذب ما يقال عن هجوم «المسلحين» على منطقتي الدويلعة وكشكول.
على صعيد آخر، واصل الطيران الحربي السوري أمس غاراته على مناطق سيطرة «داعش» في دير الزور والرقة. وقال المرصد إن 4 رجال قتلوا في غارة للطيران الحربي على مدينة الميادين في دير الزور، فيما استهدفت إحدى الغارات محيط مطار دير الزور العسكري الذي لا يزال تحت سيطرة القوات النظامية.
وفي محافظة الرقة، أعلن مقتل طفلين في غارة على منطقة المنصورة الواقعة شرق مطار الطبقة العسكري الذي يسيطر عليه «داعش». ونقل ناشطون عن مصادر طبية أن عدد قتلى الغارات التي شنتها طائرات النظام على الرقة أول من أمس تجاوز الخمسين.
وفي حمص، نفذ الطيران الحربي 3 غارات على مناطق في مدينة تلبيسة، وسط معلومات عن سقوط عدد من الجرحى وإصابة طفل ورجل جراء قصف للطيران المروحي ببرميلين متفجرين على مناطق في مدينة الرستن.
ولم تسلم محافظة إدلب من الغارات الجوية، إذ شن الطيران الحربي 3 غارات على مناطق في قرية دير سنبل بجبل الزاوية، وتحدث المرصد عن مقتل «3 مواطنين وإصابة آخرين بجراح بينهم أطفال». كما نفذ الطيران الحربي غارة على منطقة في قرية الشيخ مصطفى بالريف الجنوبي لإدلب، وقصف أطراف بلدة كفر سجنة.
وسجلت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «جبهة النصرة» وتنظيم «جند الأقصى» والكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر على أطراف قرية أرزة وفي الجهة الغربية والشمالية لبلدة قمحانة في حماه، بالتزامن مع قصف الطيران الحربي مناطق الاشتباك.
وتحدثت «شبكة شام» عن قتلى وجرحى من عناصر النظام خلال سيطرة المعارضة على حاجز الصفوح جنوب حلفايا في ريف حماه، في حين أكدت «سوريا مباشر» مقتل 5 بمحيط قرية أرزة الموالية للنظام في ريف حماه الشمالي.
وفي تطور لاحق، دوت انفجارات ضخمة في مطار مدينة القامشلي (شمال سوريا) على الحدود مع تركيا. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن عدد من الأهالي والنشطاء أن «أصوات الانفجارات سمعت في معظم أرجاء المدينة وارتفعت ألسنة النار والدخان من داخل المطار، وفورا حلق الطيران المروحي وبدأ قصف بعض القرى الجنوبية للمدينة».
وقالت مصادر إن «النظام يحشد قواته داخل المطار الذي تحول إلى ثكنة عسكرية منذ أكثر من عامين». وأضافت أن «تنظيم داعش الإرهابي هو الذي استهدف المطار بصواريخ (غراد) ردا على قصف طيران النظام مناطق سيطرة التنظيم، منها حي غويران في مدينة الحسكة، الذي قتل وجرح فيه خلال الأيام الماضية عشرات الأشخاص بين مدنيين ومقاتلين إسلاميين متشددين».
وفي سياق متصل، أطلق جمال معروف قائد «جبهة ثوار سوريا» المقاتلة في ريف إدلب «معركة الكرامة» ضد «داعش»، وهدد بأنه سيسير أرتالا خلال الأيام المقبلة لفك الحصار عن حلب واسترجاع مدينتي الرقة ودير الزور من يد التنظيم.
وجاء إعلان معروف في اجتماع حضره حشد كبير من أنصاره في ريف إدلب. كما ظهر في شريط فيديو بثه المكتب الإعلامي لـ«جبهة ثوار سوريا». وقال إن هذا الاجتماع «يؤكد لدول العالم وجود معارضة سورية معتدلة، وجيش حر». وأضاف: «الجيش الحر بخير، ويرص صفوفه لمقاتلة الدولتين، دولة (الرئيس السوري بشار) الأسد الباغية، ودولة البغدادي الطاغية».
وكان معروف أصدر قبل الاجتماع بيانا مصورا قال فيه: «لقد تجاوزت جماعة البغدادي في جبروتها، وطغيانها كل الحدود، وعاثت فسادا بالأرض، ولم يتركوا بابا للحل، أو مدخلا لأي تسوية وقد شكلوا درعا للأسد، وجيشه، وعملوا كل ما استطاعوا لإجهاض ثورة الشعب السوري».
وأضاف: «كما عاهدنا على مواجهة الأسد، سنواجه دولة الفساد (التنظيم) لاستعادة الأرض والقرار الثوري»، في معركة سماها «الكرامة».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».