القوات العراقية تؤمن سد حديثة تحت غطاء جوي أميركي.. وتستعد لاقتحام تكريت

واشنطن توسع غاراتها الجوية جنوبا.. وإصابة محافظ الأنبار بجروح بليغة

القوات العراقية تؤمن سد حديثة تحت غطاء جوي أميركي.. وتستعد لاقتحام تكريت
TT

القوات العراقية تؤمن سد حديثة تحت غطاء جوي أميركي.. وتستعد لاقتحام تكريت

القوات العراقية تؤمن سد حديثة تحت غطاء جوي أميركي.. وتستعد لاقتحام تكريت

أعلنت القيادة العسكرية العراقية، أمس، تطهير ناحية بروانة التابعة لقضاء حديثة بمحافظة الأنبار الغربية، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية شن مقاتلات أميركية غارات جوية مستهدفة مواقع مسلحي «داعش» الذين كانوا يحاولون السيطرة على سد حديثة الاستراتيجي.
وشنت القوات العراقية، مدعومة بمقاتلي العشائر السنية، أمس، عملية عسكرية على المناطق المحيطة بسد حديثة، فيما استهدفت غارات أميركية للمرة الأولى مقاتلي «داعش» في المنطقة المذكورة. وقال الفريق قاسم عطا، المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية، إن «قوات مشتركة، بمساندة الجهد الجوي وأبناء العشائر، شنت هجوما واسعا لتطهير المناطق المحيطة بقضاء حديثة من عصابات (داعش) الإرهابية».
بدورها، قالت القيادة الأميركية الوسطى: «بطلب من حكومة العراق، هاجمت قوات الجيش الأميركي إرهابيي (داعش) قرب حديثة في محافظة الأنبار دعما للقوات الأمنية العراقية والعشائر السنية التي تقوم بحماية سد حديثة». وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في بيان: «لقد نفذنا هذه الضربات لمنع الإرهابيين من ممارسة تهديد إضافي لأمن السد الذي يبقى تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية بدعم من عشائر سنية». وأضاف: «إن احتمال فقدان السيطرة على السد أو انهياره الكارثي والفيضانات التي يمكن أن تنجم عن ذلك، كانا سيهددان الموظفين الأميركيين ومنشآت في بغداد ومحيطها إلى جانب آلاف المواطنين العراقيين».
وأصيب محافظ الأنبار، أحمد خلف الدليمي، الذي أشرف على الهجوم بجروح بليغة إثر سقوط قذيفة هاون بالقرب منه. وأوضح مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، الذي كان بالمكان، أن «قذيفة هاون سقطت قرب المحافظ، مما أسفر عن إصابته بجروح بليغة في الرأس وإصابة 7 جنود آخرين».
وفي وقت سابق أمس، قال محافظ الأنبار إن «عملية تحرير المناطق الغربية بدأت (..) بإسناد طائرات أميركية». وأكد المحافظ «تحرير منطقة الخفاجية والتقدم نحو بروانة وحرق أكثر من 10 مواقع لمسلحي (داعش)». ودخلت القوات العراقية بروانة ورفعت العلم العراقي على مدخلها الرئيس بعد أن فر عناصر «داعش» وتركوا أسلحتهم، فيما طاردتهم القوات العراقية في البساتين. من جانبه، قال قائمقام حديثة عبد الحكيم الجغيفي إن «القوات الأمنية والعشائر ما زالت لغاية الآن تواصل تقدمها نحو الأمام لمطاردة عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي الذين هربوا من ناحية بروانة»، مشيرا إلى أنه «شاهد العشرات من قتلى عناصر تنظيم (داعش) بينهم يحملون الجنسية الصينية وعربا وجثثا تملأ ناحية بروانة».
وهذه هي المرة الأولى التي تشن فيها واشنطن ضربات جوية دعما للميليشيات السنية منذ أن بدأت حملتها الجوية بالعراق في 8 أغسطس (آب) الماضي. وكانت الضربات السابقة نفذت بشكل خاص دعما للقوات الكردية في الشمال، رغم أن واشنطن قدمت الشهر الماضي دعما جويا محدودا للجيش والميليشيات الشيعية أثناء محاولتها فك الحصار عن بلدة آمرلي التركمانية الشيعية (إلى الشمال من بغداد). والسدود كانت هدفا رئيسا لـ«داعش» الآونة الأخيرة. وسبق أن شن الجيش الأميركي غارات جوية على مواقع لمقاتلي التنظيم قرب سد الموصل الاستراتيجي في شمال العراق الذي استعادته قوات البيشمركة الكردية أخيرا من سيطرة «داعش».
من جهته، أكد الشيخ عبد الله الحديثي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنظيم (داعش) حاول طوال الشهور الثلاثة الماضية، وبكل الطرق والوسائل، السيطرة على حديثة لأسباب وعوامل استراتيجية، قسم كبير منها يتعلق بسد حديثة الذي لا يقل أهمية عن سد الموصل، ومن ثم فإن عملية التحكم فيه تعني التحكم في العاصمة بغداد، لأن السد لا يبعد عن العاصمة أكثر من 260 كم، يضاف إلى ذلك أن السيطرة على قضاء حديثة يعني عزل المنطقة الغربية تماما عن مناطق الوسط والجنوب». وأضاف الحديثي: «ومن هذا المنطلق، فقد عملت الجهات الرسمية، وبدعم واضح من العشائر، على منع تنفيذ هذه الخطة، وأحبطت العشائر الكثير من العمليات التعرضية، لا سيما بعد أن تمكن (داعش) من السيطرة على بروانة»، موضحا أن «عملية السيطرة على بروانة لم تكن كاملة، بمعنى أن (داعش) الذي سيطر على هذه الناحية، بعد أن حاصرها من جهة نهر الفرات، حوصر هو الآخر من قبل الجيش والعشائر من الجانب الآخر من النهر، ومن ثم صار الحصار متبادلا بين الطرفين».
وإلى الشرق من الأنبار، أعلن محافظ صلاح الدين، رائد الجبوري، اعتقال عدد من مرتكبي مجزرة قاعدة «سبياكر» قرب تكريت التي راح ضحيتها أكثر من 1700 عسكري من طلبة القوة الجوية ومتطوعي الجيش. وقال الجبوري، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس ببغداد، إنه «جرى إلقاء القبض على عدد من مرتكبي جريمة سبايكر خلال عملية أمنية خاصة»، مشيرا إلى أن «مرتكبي هذه الجريمة سيعدمون على المنصة نفسها التي قتل عليها شهداء سبايكر في مجمع القصور الرئاسية بتكريت».
في سياق متصل، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين، أحمد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأجهزة المختصة والعشائر كان لها دور بارز في تشخيص المجرمين الذين نفذوا تلك العملية بدم بارد، وهو ما أدى إلى محاصرة الكثيرين منهم، مما سهل عملية اعتقالهم، فضلا عن مقتل البعض الآخر». وردا على سؤال بشأن التردد في عملية اقتحام تكريت، لا سيما مع تكرار العمليات الهادفة إلى تحريرها من سيطرة «داعش»، قال الجبوري إن «القوات العراقية تقدمت نحو تكريت من عدة محاور، والمدينة الآن محاصرة من أكثر من جهة، ولكن هناك أسباب موضوعية تقف دون إكمال عملية التحرير؛ وهي أن اقتحام المدينة يفضل أن يكون من أبنائها، الأمر الذي أدى إلى تشكيل لواء من المتطوعين من أبناء تكريت ومن عشائر معينة لها دور في مقاتلة (داعش)، فضلا عن رجال الشرطة، ويبلغ عدد هؤلاء المتطوعين أكثر من 4000 متطوع». وأوضح الجبوري أن «المتطوعين خضعوا خلال الفترة الماضية لتدريبات مكثفة، بالإضافة إلى تجهيزهم بالأسلحة، والأهم من كل ذلك كونهم من أبناء المدينة، فهم يعرفونها جيدا، ومن ثم تسهل عليهم العملية»، مؤكدا أن «العملية تتطلب كذلك جهدا هندسيا كبيرا بسبب عمليات التفخيخ الواسعة التي قام بها تنظيم (داعش) لمدينة تكريت».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.