مسؤول فلسطيني: عباس مستاء من مخططات حماس لتدمير السلطة في الضفة

الحركة قالت إن هجوم أبو مازن «غير مبرر».. والحمد الله: كل دول العالم حذرتنا من دفع رواتب موظفيها

جانب من مواجهات اندلعت بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية بالقدس الشرقية أمس إثر إعلان وفاة فلسطيني متأثرا بجراحه برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
جانب من مواجهات اندلعت بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية بالقدس الشرقية أمس إثر إعلان وفاة فلسطيني متأثرا بجراحه برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

مسؤول فلسطيني: عباس مستاء من مخططات حماس لتدمير السلطة في الضفة

جانب من مواجهات اندلعت بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية بالقدس الشرقية أمس إثر إعلان وفاة فلسطيني متأثرا بجراحه برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
جانب من مواجهات اندلعت بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية بالقدس الشرقية أمس إثر إعلان وفاة فلسطيني متأثرا بجراحه برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)

قال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» بأن غضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الكبير من حماس مرده عدة قضايا، أهمها أن الحركة وقعت اتفاق مصالحة «شكليا» مع حركة فتح، أرادت منه الخروج من أزمتها السياسية والمالية، بينما تبقى هي التي تدير قطاع غزة من دون أن تسمح لحكومة التوافق بالعمل هناك، إضافة إلى كشف المخططات حول الانقلاب على السلطة، ومحاولاتها جر الضفة الغربية إلى مواجهة مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يعده عباس تدميرا للسلطة.
وأكد المسؤول أن الرئيس عباس كان مستاء للغاية من كشف حماس بعد شهرين مسؤوليتها عن عملية الاختطاف التي جرت في الضفة لـ3 مستوطنين في يونيو (حزيران) الماضي، وأدت إلى توتر كبير وسقوط ضحايا في الضفة وإشعال حرب في غزة.
وبحسب المسؤول فإن عباس يعتقد أن «حماس كانت تريد تدمير السلطة في الضفة من خلال هذه العملية لكنها لم تنجح». وأكد المسؤول أن عباس سأل خالد مشعل، زعيم حماس، عن عملية الخليل فنفى الأخير أي علاقة للحركة بالأمر. فتبنى عباس بدوره موقف حماس ونفى صلتها بالقضية أمام الإسرائيليين والأميركيين، وطلب منهم تقديم الدليل على تورط الحركة التي وقع لتوه مصالحة داخلية معها، ليكتشف فيما بعد أنها تقف فعلا وراء العملية. وأضاف المسؤول: «تعزز ذلك عندما كشفت نوايا وخطط وأفكار لإسقاط السلطة».
ويعد عباس بحسب المصادر أن حماس أرادت «استغلاله» بكل الطرق، عبر «مصالحة تحمل السلطة جميع الأعباء المالية في القطاع وتؤمن رواتب موظفيها، بينما تبقى الحركة هي الحاكم الفعلي هناك، وفي المقابل السعي لتدمير السلطة في الضفة عبر مواجهة مع إسرائيل».
سبب آخر، أدى إلى غضب عباس، بحسب المصادر، أن حماس تعاملت أثناء الحرب مع حركة فتح بمنتهى العدوانية وأطلقت النار على أقدام عناصر أجهزة أمنية تابعة للسلطة وناشطين في فتح في مشهد يعيد إلى الذاكرة الاقتتال الداخلي قبل سيطرة حماس على القطاع.
وكان عباس تحدث صراحة عن غضبه من حماس قائلا: إن صبره «نفد مع إسرائيل وأميركا وحماس»‎‎‏.
واتهم بشكل صريح حماس بـ«الكذب»، قائلا: «كيف تقول حماس إنها فوجئت بالحرب رغم أنها خطفت وقتلت وضربت صواريخ؟»‏‎‎‏. واستهزأ عباس من أنّ 4.000 صاروخ التي أطلقت «قد قتلت ثلاثة إسرائيليين فقط، وزادت وضع الشعب سوءا».
وكان عباس عبر عن غضبه سابقا من تشكيل حماس حكومة ظل في غزة، وانتقد ممارساتها التي يمكن أن تضر بالمصالحة بما في ذلك انفرادها بقرار الحرب والسلم والتدخل في المساعدات.
وسببت هذه القضايا تصاعدا في الخلافات التي زادت بعد تلقي موظفي السلطة في الضفة وغزة رواتبهم دون أن يتلقى موظفو الحكومة المقالة في غزة الذين عينتهم حماس سابقا أي رواتب.
وترفض السلطة دفع رواتب موظفي حماس وشكلت لجانا لفحص الأمر. وقال رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله، أمس، بأن حكومته تلقت تحذيرات من «كل دول العالم» بعدم دفع أي أموال لموظفي حركة حماس في قطاع غزة.
وقال الحمد الله في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية «تم تحذير الحكومة والبنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية أنه في حال دفع هذه الدفعات لحكومة حماس السابقة في غزة سيتم مقاطعة الحكومة».
ويقدر عدد الموظفين الذين وظفتهم حركة حماس في قطاع غزة منذ العام 2007. نحو 45 ألف موظف، بينهم، حسب الحمد الله، 27 ألف موظف مدني.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن إدراج موظفي حكومة حماس السابقة على قائمة موظفي السلطة الفلسطينية «من أهم المشاكل التي تمنع الحكومة من العمل في قطاع غزة، بل هي المشكلة الرئيسية».
ورفض محمد صيام رئيس نقابة الموظفين في قطاع غزة في مؤتمر صحافي أمس، تسلم أي رواتب من خارج الموازنة أو الخزينة العامة للسلطة. وقال صيام: «ما صبرت عليه نقابة الموظفين أمس لن تصبر عليه الآن وعلى الجميع تحمل النتائج المترتبة على تنكر الحكومة لحقوق الموظفين في غزة». وردت حركة حماس على هجوم عباس بهجوم، وقالت: إن تصريحاته «ضد المقاومة غير مبررة»، داعية إياه «للتوقف عن الحوار عبر الإعلام وإعطاء الفرصة للحوار والتفاهم بين حركتي حماس وفتح».
وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في تصريح له على صفحته في «فيسبوك»: «إن تصريحات عباس ضد حماس والمقاومة غير مبررة والمعلومات والأرقام التي اعتمد عليها مغلوطة ولا أساس لها من الصحة».
وشن القيادي في الحركة صلاح البردويل، هجوما عنيفا على عباس، وقال: «إن انبراء عباس للهجوم على المقاومة وعلى حماس يعكس شعورا من عباس بفقدان دوره السياسي». وأضاف في تصريح نشره المركز الفلسطيني للإعلام المحسوب على حماس «ما يدور به محمود عباس الآن في المحافل الإعلامية لا يليق برئيس على الإطلاق، فالرئيس يجب أن يترك هذه المهاترات للناطقين الإعلاميين، لكن يبدو أنه فقد دوره السياسي وبدأ يتعامل بهذيان وثرثرة ليس لها وزن سياسي لا في الداخل الفلسطيني ولا الدولي ولا حتى لدى الاحتلال».
وفي إسرائيل، عد وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتز بأن الهجوم الذي شنه عباس على حركة حماس: «لائق» لكنه لا يعفيه من مسؤوليته عما يجري في قطاع غزة. وأضاف شتاينتز: «حري بعباس السيطرة على غزة وجعلها منطقة منزوعة السلاح لأن عجزه عن ذلك يضع علامة استفهام كبرى أمام جدوى التعامل معه نحو المزيد من الخطوات الإسرائيلية الفلسطينية المشترك».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.