عشرات الغارات على منطقة «خفض التصعيد»

تقارير عن مقتل 28 شخصاً بينهم 21 من الفصائل شمال غربي سوريا

رجل يقف أمس بين أنقاض مبان مدمرة ببلدة إحسم في محافظة إدلب السورية (أ.ف.ب)
رجل يقف أمس بين أنقاض مبان مدمرة ببلدة إحسم في محافظة إدلب السورية (أ.ف.ب)
TT

عشرات الغارات على منطقة «خفض التصعيد»

رجل يقف أمس بين أنقاض مبان مدمرة ببلدة إحسم في محافظة إدلب السورية (أ.ف.ب)
رجل يقف أمس بين أنقاض مبان مدمرة ببلدة إحسم في محافظة إدلب السورية (أ.ف.ب)

شهدت الأوضاع في ريفي حماة وإدلب بشمال غربي سوريا تصعيداً جديداً أمس، وسط تقارير عن عشرات الغارات التي شنتها طائرات النظام على بلدات تسيطر عليها المعارضة في آخر معاقلها. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) إلى مقتل ما لا يقل عن 28 شخصاً بينهم سبعة مدنيين جراء قصف سوري وروسي استهدف مناطق عدة تسيطر عليها فصائل المعارضة، غداة إعلان موسكو عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، نفته تركيا.
وأفاد «المرصد السوري»، في تقرير أمس، إلى «تواصل القصف الجوي والبري على مناطق متفرقة من الريفين الإدلبي والحموي ضمن منطقة بوتين - إردوغان»، في إشارة إلى منطقة خفض التصعيد التي اتفق عليها الرئيسان الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي، رجب طيب إردوغان، العام الماضي. وقال «المرصد» إنه رصد 40 غارة نفذتها طائرات النظام الحربية منذ صباح أمس على أطراف خان شيخون وأريحا والمسطومة والهبيط وجبل الأربعين واحسم وتل مرديخ وسطوح الدير والنقير والركايا وحيش ومطار تفتناز العسكري وكفرسجنة وصهيان بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، وكفرزيتا بريف حماة الشمالي، ومنطقة مخيم للنازحين في قرية تل حدية جنوب حلب. وأضاف أن قوات النظام استهدفت بعد ظهر الجمعة بأكثر من 60 قذيفة صاروخية مناطق في بلدة كفرزيتا شمال حماة، وبلدة الهبيط جنوب إدلب، بينما ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على مدينة خان شيخون.
وكان «المرصد» قال في وقت سابق إنه أحصى مقتل سبعة مدنيين جراء غارات وقصف مدفعي سوري طال الخميس مناطق بريفي إدلب وحماة. كما قتل 21 مقاتلاً من فصائل إسلامية وأخرى متشددة بينها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) جراء غارات سورية وروسية استهدفت المنطقة ذاتها. وتسببت الغارات، وفق «المرصد»، بتدمير مقرات وآليات للفصائل.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن حصيلة القتلى جاءت رغم إعلان الجيش الروسي ليلة الأربعاء أنه «بمبادرة من الطرف الروسي، وبوساطة تركيا وروسيا، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب» بدءاً من 12 يونيو (حزيران).
أما وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» فاتهمت فصائل المعارضة بـ«انتهاك» اتفاق منطقة خفض التصعيد عبر استهدافها بالصواريخ والقذائف «المناطق الآمنة في ريفي حماة وإدلب»، مشيرة إلى قصف استهدف محيط كفرنبودة وكرناز والحويز ما تسبب بوقوع أضرار مادية. وتابعت الوكالة أن وحدات جيش النظام «ردت فوراً على مصادر إطلاق القذائف في كفر زيتا واللطامنة»، معتبرة أن هاتين البلدتين تشكلان أبرز معاقل فصيل «كتائب العزة». وتابعت الوكالة بأن قوات النظام قصفت مواقع لـ«جبهة النصرة» في بلدات حيش واحسم والمسطومة بريف إدلب الجنوبي، مشيرة إلى التصدي «لهجوم عنيف» شنته الفصائل يوم الخميس عبر محور قريتي الحماميات والجبين بالريف الشمالي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.