طائرة «بوينغ ماكس 737»... عيوب قاتلة وتغيير متأخر

تعد ذات نظام قوي بمخاطر أعلى

النسخة الأخيرة المعدلة من الطائرة اعتمدت على مجس واحد فقط... ما ترك النظام محروماً من حماية محورية (نيويورك تايمز)
النسخة الأخيرة المعدلة من الطائرة اعتمدت على مجس واحد فقط... ما ترك النظام محروماً من حماية محورية (نيويورك تايمز)
TT

طائرة «بوينغ ماكس 737»... عيوب قاتلة وتغيير متأخر

النسخة الأخيرة المعدلة من الطائرة اعتمدت على مجس واحد فقط... ما ترك النظام محروماً من حماية محورية (نيويورك تايمز)
النسخة الأخيرة المعدلة من الطائرة اعتمدت على مجس واحد فقط... ما ترك النظام محروماً من حماية محورية (نيويورك تايمز)

يمكن اقتفاء أثر العيوب القاتلة في تصميم الطائرة «ماكس 737» من إنتاج شركة «بوينغ»، إلى تعثر حدث خلال مرحلة متأخرة من جهود تطوير الطائرة، عندما لم يجر إخطار الطيارين والمهندسين والجهات التنظيمية المعنية بتعديل محوري جرى إدخاله على النظام الآلي ـ تعديل كان له دور نهاية الأمر في حادثي تحطم طائرتين من هذا الطراز.
قبل عام من إنجاز صنع الطائرة، جعلت «بوينغ» النظام أكثر قوة وأصبح ينطوي على مخاطر أكبر. وفي الوقت الذي اعتمدت النسخة الأصلية للتصميم على بيانات واردة من نمطين على الأقل من المجسات، فإن النسخة الأخيرة المعدلة اعتمدت على مجس واحد فقط، ما ترك النظام محروماً من حماية محورية. وفي كلتا الطائرتين المنكوبتين، واجه الطيارون صعوبة بالغة في السيطرة على الطائرة بسبب أن المجس الوحيد تعرض لعطب وأرسل الطائرة في غضون دقائق نحو هبوط عنيف مفاجئ.
إلا أن الكثير ممن شاركوا في مراحل بناء واختبار والموافقة على نظام «ماكس 737»، المعروف باسم «إم سي إيه إس»، أقروا بأنهم لم يكونوا على دراية تامة بالتغييرات. وتحدث مسؤولون حاليون وسابقون في «بوينغ» وإدارة الطيران المدني إلى «نيويورك تايمز»، وقالوا إنهم افترضوا أن النظام معتمد على أكثر من مجس، وإنه نادراً ما سيجري تفعيله. وبناءً على هذه الافتراضات المضللة، اتخذ الكثيرون منهم قرارات جوهرية كان لها تأثيرها على التصميم والتصديق والتدريب.
وقال طيار تجريبي سابق عمل على «ماكس»: «لا يبدو الأمر منطقياً على الإطلاق. أتمنى لو أنه توافرت أمامي المعلومات كاملة».
وفي الوقت الذي يعكف محققون ومشرعون على تجميع خيوط القضية للتعرف على مكمن الخطأ، أشار عدد من الموظفين الحاليين والسابقين لدى الشركة إلى قرار واحد مشؤوم لتغيير نظام الطائرة؛ ما أدى إلى سلسلة من الأخطاء المتعلقة بالتصميم والإشراف التنظيمي.
ومع إسراع «بوينغ» من جهودها للانتهاء من بناء الطائرة، وصف الكثير من الموظفين اتباع إدارة الشركة لتوجه تقسيمي، بحيث ركزت كل مجموعة على جزء صغير من الطائرة. وكان من شأن هذه العملية ترك الكثير من المعنيين بالعمل في الطائرة دون رؤية كاملة لنظام شديد الأهمية وتجلت خطورته لاحقاً.
أيضاً، قللت الشركة من أهمية نطاق عمل النظام أمام الجهات التنظيمية، ولم تكشف «بوينغ» قط النقاب عن التعديل الذي أدخلته على «إم سي إيه إس» أمام مسؤولي إدارة الطيران المدني المعنيين بتحديد احتياجات تدريب الطيارين، تبعاً لما ذكره ثلاثة مسؤولين من الإدارة. وعليه، فإن غالبية الطيارين الذين عملوا على «ماكس» لم يعرفوا بأمر الـ«سوفت وير» حتى ما بعد حادث التحطم الأول في أكتوبر (تشرين الأول).
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الشركة، جوردون جوندرو، في بيان: «ليس أمام (بوينغ) أولوية أعلى عن سلامة الركاب المسافرين عبر طائراتها. وقد درست إدارة الطيران المدني الشكل النهائي وحدود التشغيل لنظام (إم سي إيه إس) أثناء عملية الحصول على تصديق على النظام. وخلصت الإدارة إلى أن النظام متوافق مع جميع المتطلبات التنظيمية ومتطلبات التصديق».
بادئ الأمر، لم يكن «إم سي إيه إس» ـ «نظام تعزيز سمات المناورة» ـ يشكل «سوفت وير» شديد المخاطرة؛ ذلك أنه كان يجري تفعيله فقط في ظل ظروف نادرة ويدفع أنف مقدمة الطائرة باتجاه الأسفل لتيسير التعامل مع «ماكس» بدرجة أكبر أثناء التحركات عالية السرعة. واعتمد النظام على بيانات قادمة من مجسات متعددة تقيس معدل تسارع الطائرة وزاوية الطائرة بالنسبة للرياح؛ الأمر الذي أسهم في الحيلولة دون تفعيل «السوفت وير» على نحو خاطئ.
بعد ذلك، أعاد مهندسو «بوينغ» النظر في النظام وعمدوا إلى توسيع نطاق دوره لتجنب تعطل الطائرة في شتى أنماط المواقف. وسمح المهندسون لـ«السوفت وير» بالعمل على امتداد مراحل أكثر بكثير أثناء الطيران، ومكّنوه من دفع أنف الطائرة بقوة باتجاه الأسفل. واعتمدوا فقط على بيانات تتعلق بزاوية هبوب الطائرة؛ ما قضى على بعض أوجه الحماية.
وذكر أحد طياري الاختبارات ممن نادوا بادئ الأمر إلى توسيع نطاق عمل النظام، أنه لم يتمكن من استيعاب كيف أثرت التغييرات على سلامة الطائرة. وقال محللون معنيون بالسلامة إنهم كانوا ليتخذوا قرارات مختلفة لو أنهم عرفوا أن النظام يعتمد على مجس واحد فقط. جدير بالذكر أن الجهات التنظيمية لم تجرِ تقييماً نهائياً للسلامة للنسخة الجديدة من «إم سي إيه إس». وقال موظفون حاليون وسابقون، والذين تحدث الكثيرون منهم مع اشتراط عدم كشف هويتهم، إنه في أعقاب وقوع حادث التحطم الأول شعروا بصدمة بالغة إزاء اكتشافهم أن «إم سي إيه إس» اعتمد على مجس واحد فقط.
وقال مهندس شارك في تقييم مجسات النظام: «بدا أن أحداً لم يعرف ما كانوا يفعلونه».

- مولّد «إم سي إيه إس»
عام 2012، واجه الطيار الاختباري الأساسي لـ«ماكس» مشكلة، فأثناء مرحلة مبكرة من تطوير «ماكس 737»، كان راي كريغ، الطيار المتقاعد من البحرية الأميركية، يحاول تجريب خوض مواقف تتطلب سرعة عالية على جهاز محاكاة طيران.
إلا أن الطائرة لم تكن تسير بسلاسة، وتمثل أحد الأسباب وراء ذلك في محركات «ماكس» الأكبر. وسعياً لحل هذه المشكلة؛ قررت «بوينغ» الاعتماد على «سوفت وير». وكان المقصود من النظام المستحدث العمل في الخلفية، بحيث لم يكن الطيارون فعلياً على علم بوجوده.
ولضمان عدم تسببه في مشكلات، صمم المهندسون «إم سي إيه إس» في الأساس بحيث يجري تفعيله فقط عندما تتجاوز الطائرة على الأقل حدين منفصلين، تبعاً لما ذكره ثلاثة أشخاص عملوا على «ماكس 737». وارتبط الحد الأول بزاوية الهبوب، بينما ارتبط الآخر بقوة الجاذبية، أو القوة على الطائرة الناجمة عن التسارع.
وبناءً على ذلك، يتعين على «ماكس» الوصول لمستوى مرتفع للغاية من قوة الجاذبية عادة ما لا تبلغه طائرات الركاب. وفيما يخص زاوية الهبوب، استقى النظام البيانات من مجس خاص بذلك. ويعتبر هذا المجس البالغ طوله بضع بوصات فعلياً بمثابة مؤشر رياح صغير مثبت على جسم الطائرة.

- إضافة مزيد من القوة
أواخر يناير (كانون الثاني) 2016، انطلقت أول طائرة «ماكس» في أول رحلة تجريبية لها. من جهته، قال إد ويلسون، الرئيس الجديد للطيارين التجريبيين فيما يخص «ماكس»، في بيان صحافي في ذلك الوقت: «بدت «ماكس 737» على ما يرام أثناء الطيران، ما منحنا ثقة كاملة في أن الطائرة ستلبي توقعات العملاء». كان ويلسون قد حل محل كريغ العام السابق.
إلا أنه في غضون أسابيع قليلة لاحقة، شرع ويلسون والطيار المعاون له في ملاحظة أن ثمة خطباً ما، تبعاً لما ذكره شخص على معرفة مباشرة برحلات الطيران. ولم تكن «ماكس» تسير على نحو جيد وأوشكت على التوقف عند التحرك بسرعات بطيئة.
وأخبر ويلسون المهندسين بأنه من الضروري إصلاح هذه المشكلة. واقترح هو وزميله الطيار «إم سي إيه إس»، حسبما أضاف الشخص ذاته. ولم يثر التغيير كثير من الجدال، وإنما جرى اعتباره «تعديلاً عادياً»، حسبما ذكر الشخص سالف الذكر.
إلا أنه بمرور الوقت اتضح أن هذا التغيير كان جوهرياً، فقد استلزم توسيع نطاق عمل «إم سي إيه إس» إلى المواقف منخفضة السرعة إزالة الحد المتعلق بقوة الجاذبية. والآن، أصبح «إم سي إيه إس» لازماً للعمل في سرعات منخفضة لا تنطبق فيها قوة الجاذبية.
ونتيجة هذا التغيير، أصبح المجس المعني بزاوية الهبوب عنصر الحماية الوحيد في مواجهة حدوث خلل. ورغم أن طائرات «737» النفاثة الحديثة بها مجسين لزاوية الهبوب، فإن النسخة النهائية لـ«إم سي إيه إس» استقت بياناتها من مجس واحد فقط.
علاوة على ذلك، فإن تفعيل «إم سي إيه إس» في السرعات المنخفضة استلزم تعزيز قوة النظام. من جهتها، كانت إدارة الطيران المدني قد وافقت بالفعل على النسخة السابقة من «إم سي إيه إس». وتبعاً لقواعد الإدارة، فإنها لم تكن ملزمة بإلقاء نظرة ثانية على التغييرات التي لا تؤثر على عمل الطائرة في ظل الظروف الحادة.

- أحداث خارجية
بعد تركيب المهندسين النسخة الثانية من «إم سي إيه إس»، انطلق ويلسون وزميله الطيار بـ«ماكس 737» في رحلة تجريبية.
وقد اختبرا نقطتي إخفاق محتملتين لدى «إم سي إيه إس»: المناورة عالية السرعة التي لا يفعل خلالها النظام، والتوقف عند سرعة بطيئة عندما يجري تفعيله ثم يجمد. في كلتا الحالتين، تمكن الطياران من التحليق بالطائرة بسهولة، تبعاً لما ذكره مصدر مطلع.
إلا أنه خلال هذه الرحلات، لم يختبرا ما الذي سيحدث إذا جرى تفعيل «إم سي إيه إس» جراء قراءة خاطئة من مجس الهبوب ـ مشكلة وقعت في حادثي التحطم.
لم يدرس مهندسو «بوينغ» هذه الاحتمالية في تحليل السلامة الذي وضعوه للنسخة الأصلية من «إم سي إيه إس». وقد صنفوا هذا الحدث باعتباره «خطراً» ـ تصنيفاً أقل بدرجة عن الفئة الأخطر على الإطلاق، وهي كارثي، تبعاً لما ذكره مصدران مطلعان. ومن الناحية التنظيمية، فإن هذا كان يعني أن «إم سي إيه إس» من الممكن أن يخطئ باحتمال أقل عن مرة في كل 10 ملايين ساعة طيران.
إلا أن هذه الاحتمالية ربما قللت مخاطرة الأحداث الخارجية التي سبق وأن تسببت في تدمير مجسات فيما مضى، مثل اصطدام طيور بالطائرة أو تعرض جسد الطائرة لصدمات بسبب سلالم متحركة أو وقوف عمال الصيانة بأقدامهم على جسد الطائرة. ورغم أن جزءاً من التقييم يأخذ في الاعتبار مثل هذه الحوادث، فإنه لا يجري تضمينها في الاحتمالية العامة.
ولدى مراجعة «نيويورك تايمز» قواعد بيانات إدارة الطيران المدني، عثرت على مئات التقارير حول مجسات هبوب تعرضت للثني أو التحطم أو جرى تركيبها على نحو رديء أو عاجزة عن العمل على النحو الملائم لأي سبب آخر في طائرات تجارية على مدار ما يزيد على ثلاثة عقود.

- طلب بسيط
في 30 مارس (آذار) 2016، بعث مارك فوركنر، الطيار الفني الرئيس فيما يخص «ماكس»، رسالة بريد إلكتروني إلى مسؤولين رفيعي المستوى لدى إدارة الطيران المدني يحمل طلباً بسيطاً: هل من الممكن حذف «إم سي إيه إس» من كتيب الإرشادات الخاصة بالطيارين؟
وتبعاً للانطباع العام بأن هذا النظام بسيط نسبياً ونادراً ما يجري استخدامه، وافقت إدارة الطيران المدني على طلب فوركنر، حسبما أفاد ثلاثة مسؤولين.
ورغب «بوينغ» في قصر التغييرات على «ماكس»، بعيدا عن النسخ السابقة من 737. في العادة، تستلزم أي تغييرات كبرى من شركات تصنيع الطائرات إنفاق ملايين الدولارات على التدريب الإضافي. أما «بوينغ» وفي مواجهة ضغوط تنافسية شديدة من «إير باص»، فقد حاولت تجنب ذلك.
وكان فوركنر، الموظف السابق لدى إدارة الطيران المدني، في مقدمة هذه الجهود. وباعتباره الطيار الفني الأول، عمل فوركنر بمثابة حلقة الوصل الأساسية مع إدارة الطيران المدني وعمل على كتيب الإرشادات الخاص بالطيارين.
واعترف رسك لودك، مصمم كابينة الطيارين في «ماكس»، بأن: «كانت الضغوط علينا هائلة».
من ناحيته، قال محامي فوركنر، ديفيد غيرغير، إن عميله لم يضلل إدارة الطيران المدني. وأضاف: «في آلاف الاختبارات، لم يحدث شيء من هذا القبيل على الإطلاق. وبناءً على ما قيل له وما عرفه، لم يرد بخاطره قط إمكانية حدوث ذلك».
الواضح أن مجموعة إدارة الطيران المدني التي عملت مع فوركنر اتخذت بعض القرارات بناءً على مراجعة غير كاملة للنظام. ولم تختبر المجموعة قط احتمالية تعطل المجس، تبعاً للمسؤولين الثلاثة سالفي الذكر. ولم تطلب إخضاع الطيارين لتدريب إضافي.
من جهته، أخبر ويليام شوبي، المسؤول الرفيع لدى إدارة الطيران المدني، الطيارين وشركات الخطوط الجوية خلال اجتماع عقد في أبريل (نيسان) في واشنطن العاصمة، أن «بوينغ» قللت أهمية «إم سي إيه إس»، تبعاً لتسجيل اطلعت عليه «نيويورك تايمز».
أما «بوينغ»، فاستمرت في الدفاع عن «إم سي إيه إس» واعتماده على مجس واحد بعد حادث التحطم الأول لطائرة تتبع شركة «ليون إير» الإندونيسية.
وبعد أربعة أشهر، تحطمت طائرة ثانية طراز «ماكس 737» في إثيوبيا وخلال أيام جرى منع تحليق «ماكس» بمختلف أرجاء العالم.
وكجزء من جهود الإصلاح، أعادت «بوينغ» تعديل «إم سي إيه إس» ليقترب أكثر من النسخة الأولى، بحيث يصبح أقل مبادرة ويعتمد في عمله على مجسين.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.