ناشر «واشنطن بوست» الجديد.. جمهوري عمل مع ريغان

جيل «الانفتاحيين العالميين»؟

فريدريك رايان أحد كبار المستشارين الجمهوريين في واشنطن عمل مع نانسي ريغان أرملة الرئيس الأميركي رونالد ريغان
فريدريك رايان أحد كبار المستشارين الجمهوريين في واشنطن عمل مع نانسي ريغان أرملة الرئيس الأميركي رونالد ريغان
TT

ناشر «واشنطن بوست» الجديد.. جمهوري عمل مع ريغان

فريدريك رايان أحد كبار المستشارين الجمهوريين في واشنطن عمل مع نانسي ريغان أرملة الرئيس الأميركي رونالد ريغان
فريدريك رايان أحد كبار المستشارين الجمهوريين في واشنطن عمل مع نانسي ريغان أرملة الرئيس الأميركي رونالد ريغان

بعد كل هؤلاء الناشرين لصحيفة «واشنطن بوست»، جاء الجمهوري فريدريك رايان، واحد من كبار المستشارين الجمهوريين في واشنطن، وكان عمل مع (بل كان يحب) الرئيس رونالد ريغان.
جاء بعد ستلسون هاتشينز، مؤسس الصحيفة، عام 1877. كان هاتشنز ولد في هوايتفيلد (ولاية نيوهامبشير) في عائلة «واسب» (بيض، بروتستانت، انغلوساكسون)، توارثت الانتماء للحزب الديمقراطي في الولاية.
ثم انتقل إلى سانت لويس (ولاية ميزوري)، وصار من قادة الحزب الديمقراطي، وأسس صحيفة «سانت لويس تايمز» الليبرالية (سبقت صحيفة «سانت لويس تايمز ديسباتش» الحالية، الليبرالية).
ثم انتقل إلى واشنطن، حيث صار، أيضا، من قادة الحزب الديمقراطي. وأسس صحيفة «واشنطن بوست»، وكتب في أول عدد: «ولدعم مبادئ الحزب الديمقراطي»، وصار من أوائل «الليبراليين شبه الأرستقراطيين» (تعبير أميركي لمثقفين وسياسيين ليبراليين، نجحوا في الحياة، وصاروا مليونيرات. واشتروا قصورا صيفية على شواطئ ولايات نيو إنغلاند، ولايات شبه الأرستقراطيين الأوائل).
اليوم، يظل قبره في مقابر «روك كريك» في واشنطن. مع مثقفين شبه أرستقراطيين، مثل: هنري أدامز الروائي وأبراهام بولدوين رئيس جامعة جورجيا. غلبيرت غروسفينار مؤسس مجلة «ناشونال جيوغرافيك». واشنطن مالكين، مؤسس صحيفة «سنسناتي انكوايارار»، ثم مالك صحيفة «واشنطن بوست»، بعد وفاة مؤسسها. باتريشيا هاريس، صحافية ومحامية وأول وزيرة سوداء. فرانك هاتون، أول رئيس تحرير «واشنطن بوست» تحت ملكية هاتشينز.
ربما ليست صدفة أن أغلبية المدفونين في هذه المقبرة ليبراليون، وأغلبية هؤلاء صحافيون، أو كتّاب. (آخرهم، دُفن قبل 5 أعوام؛ تيم راسيت» مذيع تلفزيون «إن بي سي»).
هكذا، كان المؤسس هاتشنز، وخليفته ماكلين، ليبراليين في الحياة، ووسط قبور «المثقفين الليبراليين».
وفي عام 1933 (بعد نصف قرن تقريبا من تأسيسها، وبعد أن تأرجحت ملكيتها، ثم واجهت الإفلاس، ثم أفلست حقيقة)، تحولت ملكيتها من مثقفين ليبراليين «واسب» (مسيحيين أنغلوساكسونيين) إلى مليونير يهودي جمهوري؛ ايوجين مايار، الذي كان رئيس البنك المركزي (البنك الاحتياطي)، ثم صار أول رئيس للبنك الدولي.
وأعاد التاريخ نفسه.
في الأسبوع الماضي، تحدث ناشر «واشنطن بوست» الجديد، رايان، أمام الصحافيين (في غرفة الأخبار الواسعة جدا). كان يعرف أنهم يعرفون أنه ينتمي إلى الحزب الجمهوري. لهذا، سارع وقال: «ستكون (واشنطن بوست)، تحت إشرافي، صحيفة حرة مستقلة».
ربما هذا هو ما قاله المليونير اليهودي مايار، قبل 80 عاما تقريبا. وأضاف مايار: «لن تؤثر على هذه الصحافية أي جهة، أو حزب، أو جمعية».
جاء هذا في كتاب «بيرسونال هيستوري» (تاريخ شخصي)، الذي كتبته كاثرين غراهام، بنت مايار (غيرت اسم العائلة بعد أن تزوجها المحامي فيليب غراهام). قالت إن «والدها استثمر في الصحيفة ربما لأسباب اقتصادية (الربح) أكثر من أسباب فكرية (حرية الرأي)».
في كل الأحوال، نجح الاستثمار.
وفي كل الأحوال، عادت ملكية الصحيفة من يهودي جمهوري إلى ديمقراطيين «واسب» (مسيحيين أنغلوساكسونيين).
وسبب ذلك هو أن كاثرين غراهام لم تعتنق ديانة والدها اليهودي، واعتنقت ديانة والدتها المسيحية، ثم تزوجت المحامي المسيحي. ثم صار الأبناء والبنات ديمقراطيين «واسب».
منهم دونالد (ناشر «واشنطن بوست»، منذ وفاة والدته، عام 2001. حتى باعها إلى جيف بيزوز، ملياردير موقع «أمازون» قبل عام). وأخته لالي (لا تزال تجري مقابلات في الصحيفة). وبنت أخيه كاثرين (ناشرة الصحيفة، حتى الأسبوع الماضي، عندما عين المالك الجديد جيف بيزوز الناشر الجديد فريدريك رايان).
هل انتهت سيطرة الليبراليين الأنغلوساكسونيين على صحيفة «واشنطن بوست»؟
الناشر الجديد فريدريك رايان «واسب» محامٍ، وصحافي، لكنه جمهوري.
والمالك الجديد جيف بيزوز تكنولوجي، ورجل أعمال.
ربما «نصف واسب» (والده ووالدته مسيحيان بروتستانيان. لكنهما تطلقا بعد سنة من زواجهما. وتبنى الطفل الزوج الجديد بيزوز، مهاجر كاثوليكي من كوبا).
وربما «نصف ليبرالي» (يؤمن بالليبرالية. لكنه، أحيانا، ينتقدها وينتقد الحزب الديمقراطي، ولا يراهما جادين في تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية).
لا يبدو حزبيا، ولا يبدو متدينا، ولا يبدو حتى يهتم كثيرا بالسياسة والسياسيين.
ليس «ليبراليا شبه أرستقراطي»، مثل الذين ملكوا، أو نشروا، «واشنطن بوست» في الماضي، ربما «تكنولوجي خيالي» (مرة قال إنه يريد أن يحوِّل الكرة الأرضية إلى متنزه، مثل «ديزني»). ربما «انفتاحي عالمي» (مرة قال إن الليبرالية ليست منفتحة كما يجب أن تكون).
لكن ستكون «واشنطن بوست» تحت الإشراف المباشر للناشر.
من هو الناشر؟
فردريدريك رايان «واسب»، وهو، أيضا، جمهوري منذ أن كان طالبا في كلية القانون في جامعة جنوب كاليفورنيا. عرف ريغان هناك عندما كان الأخير حاكما للولاية. وتطوع لمساعدته مع شباب الحزب في الولاية.
في وقت لاحق، تطوع لمساعدته في الانتخابات الرئاسية. وعندما فاز ريغان، عيَّنه مسؤولا عن المواعيد. في وقت لاحق، عينه مديرا لمكتب الاتصالات، ثم مساعدا له. وعندما انتهت فترة ريغان، عام 1988، صار مديرا لمكتبه ومكتب زوجته نانسي ريغان في مزرعتهما خارج سانتا باربرا (ولاية كاليفورنيا). وبعد وفاة ريغان، صار رئيسا لمكتبته ومركزه التذكاري في سيمي فالي (ولاية كاليفورنيا).
كان «أخلص من أخلص لريغان، حيا وميتا»، كما جاء في تعليق في صحيفة «هافنغتون بوست».
بعد حب ريغان، أحب النشر الصحافي. عاد إلى واشنطن وعمل في شركة «ألبرتون» (مالكة صحف وتلفزيونات وإذاعات). وفي عام 2008، أسس صحيفة «بوليتكيو» اليومية الصغيرة التي تركز على أخبار الكونغرس، والتي نجحت نجاحا كبيرا. بل نافست «واشنطن بوست» في تغطية أخبار الكونغرس.
في الأسبوع الماضي، سُئل بوزوز، مالك «واشنطن بوست» عن سبب اختياره لفردريك راي، وأجاب: «درست هذه الصحيفة الصغيرة (بوليتيو)، وكيف صارت تنافس هذه الصحيفة العملاقة (واشنطن بوست)». لم يتحدث عن الحزب الجمهوري، أو الحزب الديمقراطي، أو الليبرالية، أو السنديكالية، أو الأرستقراطية، أو شبه الأرستقراطية.
أخيرا، بعد عقود من ملكية «الليبراليين شبه الأرستقراطيين»، ربما ستكون «واشنطن بوست» صحيفة «الانفتاحيين العالميين».



هل يؤدي تراجع اهتمام ناشرين بـ«فيسبوك» إلى تعزيز حضورهم على «تيك توك» و«يوتيوب»؟

شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
TT

هل يؤدي تراجع اهتمام ناشرين بـ«فيسبوك» إلى تعزيز حضورهم على «تيك توك» و«يوتيوب»؟

شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)

شهدت العلاقة بين ناشرين ومنصة «فيسبوك» تغييرات جذرية خلال العامين الماضيين، عقب تراجع المنصة عن دعم الأخبار، من خلال خفض حركة الإحالة إلى المواقع الإخبارية، ما دفع المؤسسات الإعلامية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الرقمية. وحقاً، انخفضت «حركة الإحالة (Referral Traffic)» إلى المواقع الإخبارية من «فيسبوك» بنسبة 67 في المائة خلال العامين الماضيين، وفق بيانات تضمَّنها التقرير السنوي لـ«معهد رويترز لدراسة الصحافة» لعام 2025.

مراقبون فسَّروا هذا التراجع بأنه «يعكس تغييراً في استراتيجية «فيسبوك»». ويبدو أن الناشرين كذلك يبادلون «فيسبوك» انخفاض الاهتمام، فوفق تقرير «رويترز» فإن المنصة الزرقاء «لم تعد بين أولويات الناشرين»، إذ نقل التقرير عن نتائج استطلاع أجراه «معهد رويترز» انخفاض اهتمام الناشرين بـ«فيسبوك» بمعدل قُدِّر بتقييم سلبي بلغ ناقص 42 نقطة. ولفت التقرير إلى أن «هناك تراجعاً في الجهود المبذولة لتعزيز العلاقة مع (فيسبوك)، حيث يعدّ كثيرٌ من الناشرين المنصةَ أقل أهمية وأقل فائدة للصحافيين مقارنة بالمنصات الأخرى».

خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» يرون أن هذا التراجع المتبادَل يعود إلى التغييرات في خوارزميات المنصة، التي أصبحت تُبرز المحتوى الترفيهي على حساب المحتوى الإخباري.

محمد عبد الوهاب السويعي، المتخصص في إدارة تقنية المعلومات والأمن السيبراني والباحث في أنظمة الذكاء الاصطناعي بالمملكة العربية السعودية، قال: «في السابق كانت منصة (فيسبوك) تمثّل نافذةً أساسيةً لنقل الأخبار إلى الجمهور، حيث وفَّرت المنصة وسيلةً سريعةً ومنخفضة التكلفة لنشر المحتوى، ولكن مع ذلك، تغيّر تركيز (فيسبوك) نحو المحتوى الترفيهي والتواصل الاجتماعي، ما جعل الأخبار تجد صعوبةً في الحصول على مكان بارز على المنصة».

السويعي عدّ هذا التحول دافعاً للناشرين إلى البحث عن بدائل جديدة لتوصيل محتواهم. وعدَّد البدائل مثل «النشرات البريدية، التي تشهد ازدياداً في شعبيتها بوصفها وسيلةً مباشرةً للتواصل مع الجمهور، وقد باتت بديلاً بارزاً ضمن استراتيجيات المؤسسات. وأيضاً أصبح تحسين محركات البحث (SEO) ضرورةً ملحّةً؛ لتعزيز ظهور المحتوى في نتائج البحث، مما يضمن تدفقاً مستداماً وطبيعياً للزوار».

وأردف الخبير السعودي أنه، في المقابل، «بدأت منصات جديدة تلفت انتباه الناشرين بوصفها بدائل واعدة، على سبيل المثال، تقدم منصة (بلوسكاي Bluesky) نموذجاً لا مركزياً يمنح المستخدمين مزيداً من الحرية في اختيار المحتوى الذي يتابعونه، الأمر الذي يوفر تجربةً أكثر تخصيصاً. كذلك أصبحت منصة (غوغل ديسكفر Google Discover) خياراً مفضلاً لدى كثير من الناشرين، كونها تعتمد على تقديم المحتوى بناءً على اهتمامات المستخدم، ما يضمن وصول الأخبار إلى جمهور مستهدف بدقة». غير أنه على الرغم من هذه النظرة المتفائلة، فإن السويعي يقول إن «المنصات تواجه تحديات ملموسة أبرزها، الحاجة إلى توسيع قاعدة المستخدمين لتحقيق تأثير حقيقي ونتائج فعّالة للناشرين».

بالعودة إلى تقرير «رويترز» فإن الناشرين بصدد إعادة توجيه جهودهم نحو منصات بديلة، لا سيما المنصات المُعزَّزة بالفيديو؛ نتيجة لتغيير اهتمامات المستخدمين. وأشار التقرير إلى أن مجموعة متزايدة من المؤسسات تخطط لتكثيف حضورها على منصات مثل «يوتيوب»، التي ارتفع الاهتمام بها بما يعادل (+52 نقطة) مقابل (+48 نقطة) لـ«تيك توك»، أما «إنستغرام» فقد أبدى الناشرون اهتماماً بها بنسبة قُدِّرت في التقرير السنوي بـ(+43 نقطة). وعزى السويعي هذا الاتجاه بالقول إن «منصة (يوتيوب) توفِّر مساحةً لتقديم تقارير إخبارية مُصوَّرة أو بث مباشر للأحداث المهمة، ما يضيف بُعداً بصرياً وسياقاً غنياً للمحتوى، ومن جهة أخرى، أثبتت منصة (تيك توك) فاعليتها في الوصول إلى الفئات الشابة». ودلّل الخبير السعودي على ذلك بأن «الإحصاءات تشير إلى أن الفيديوهات التفاعلية على (تيك توك) جذبت جمهوراً واسعاً، حيث سجَّل المستخدمون إنفاقاً يتجاوز 10 مليارات دولار لدعم صناع المحتوى في عام 2023، كما حقَّقت حملات تسويقية مثل حملة (Morning Brew) أكثر من 23 مليون ظهور، مما يؤكد فاعلية المنصة في إيصال المحتوى لجمهور واسع ومتفاعل».

من جهة ثانية، قال خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في مصر والمملكة العربية السعودية، إنه ليس بوسع المؤسسات الإعلامية أن تعتمد هذا العام على استراتيجيات ثبت نضوبها. وأوضح: «بشكل عام نحن أمام تحوّلات أجبرت الناشرين على اتّباع نموذج عمل لا يعتمد على مصدر أحادي للنشر، بينما يعد تنويع قنوات الوصول للجمهور استراتيجيةً مستدامةً تحمي الناشرين من خطر التغيير الذي يسير حسب هوى المنصات العملاقة».

وتابع عبد الراضي أن هذا الاتجاه لا يقتصر على «فيسبوك» فحسب، إذ وفقاً لتقارير صدرت مطلع العام الحالي فإن «حركة الإحالة» من منصة «إكس» (تويتر سابقاً) «انخفضت بنسبة 50 في المائة»، ما يشير إلى أن الاعتماد على منصة بوصفها مصدراً رئيساً للزيارات لن يحقق استقراراً للمؤسسات. ولذا عدّ أن الخيارات المستدامة أمام الناشرين في العام الجديد تشمل «الاستثمار في تطوير القوالب الإخبارية؛ لتضمن تجربة أكثر متعة وتفاعلاً، والاعتماد على قنوات متنوعة للوصول إلى الجمهور المستهدف، ووضع خطط الظهور على كل منصة وفقاً للخوارزميات الخاصة بها وخصائص مستخدميها». واختتم أن «المؤسسات الإخبارية ستواجه مزيداً من التحديات مع صعود الذكاء الاصطناعي».