مقترح تعديل قانون الانتخابات يثير ضجة في تونس

يقضي بإقصاء رؤساء الجمعيات والمؤسسات الإعلامية من السباق الانتخابي

TT

مقترح تعديل قانون الانتخابات يثير ضجة في تونس

عارضت أحزاب سياسية في تونس مقترحاً لتعديل القانون الانتخابي قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، المقررة في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام.
وتشمل المقترحات، التي تقدمت بها «كتلة الائتلاف الوطني» الممثلة للحزب الناشئ «تحيا تونس»، بزعامة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، منع ترشح رؤساء الجمعيات ومالكي القنوات الإعلامية.
كما تتضمن المقترحات تحديد العتبة الانتخابية بـ5 في المائة، وهي الحد الأدنى من نسبة الأصوات التي يتعين على الأحزاب الفوز بها لدخول البرلمان، وذلك بهدف الحد من حالة التشتت السياسي في ظل وجود أكثر من 210 أحزاب تنشط في البلاد.
واعترض أغلب الأحزاب المعارضة في البرلمان، لا سيما الأحزاب اليسارية والقومية، على هذا المقترح بالذات لأنه «سيضرب»، حسب تبريرها، التنوع السياسي في البرلمان، ويقلص من فرص كثير من الأحزاب في الفوز بمقاعد في الانتخابات التشريعية. فيما تلقى التعديلات المقترحة دعماً من «كتلة حزب حركة النهضة الإسلامية»، الشريكة في الائتلاف الحكومي والمتصدرة للبرلمان، لكن «النهضة» تدعو إلى إمكانية التوافق حول عتبة محددة بـ3 في المائة، مع تحديد ضوابط للخطاب السياسي خلال الحملات الانتخابية للحد من حالات الشحن النفسي للمواطنين.
وينظر نبيل القروي، مرشح «الرئاسية» المقبل من قطاع الأعمال والإعلام، إلى هذه التعديلات على أنها خطوة لقطع الطريق على طموحه للفوز بمنصب الرئاسة. علماً بأن القروي تصدر بشكل مفاجئ آخر نتائج استطلاع للرأي بشأن الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ولذلك أصدر مكتبه الإعلامي بياناً للتنديد بمقترح التعديل، ودعا إلى التراجع عنه، محذراً من «محاولات التعديل المقترحة بشكل انتقائي وإقصائي، خصوصاً ما تعلق بشروط الترشح، رغم انطلاق المسار الانتخابي فعلياً»، وعادّاً ذلك «مؤشراً خطيراً على عودة الديكتاتورية، والتراجع عن المسار الانتخابي».
بدوره، عارض الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يملك نفوذاً سياسياً في البلاد، مقترح التعديلات وطالب بإرجائها إلى ما بعد انتخابات هذا العام.
وقال الاتحاد في بيانه أمس إن «الرغبة في تغيير هذا القانون في هذا الظرف الحساس متأخرة، ومن شأنها أن تفاقم من حدة التجاذبات السياسية، وأن تعمق تعكر المناخات وتفسد العملية الانتخابية برمتها».
وأثار المقترح الحكومي، الذي قدمه إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، إلى البرلمان، جدلاً واسعاً بين الأحزاب السياسية الممثلة في الائتلاف الحاكم الحالي، وبين أحزاب المعارضة التي رفضت إقصاء رؤساء المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات الأهلية من السباق الانتخابي المقبل.
وينص هذ المقترح على إقصاء أصحاب المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات عن الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك على خلفية استغلالهم العمل الإعلامي والعمل الجمعوي لحشد الناخبين لصالحهم، والتأثير على نتائج الانتخابات المقبلة.
ونتيجة للغموض الذي رافق هذا المقترح، انقسمت الكتل البرلمانية بين رافض ومؤيد، ولم تنجح «لجنة التوافقات»، التي تضم رؤساء الكتل البرلمانية في الوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
وأوضحت مصادر برلمانية معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المقترح يستهدف في المقام الأول نبيل القروي، صاحب قناة «نسمة» التلفزيونية الخاصة، الذي دأب منذ أشهر على تنظيم حملات لفائدة أهالي المناطق الفقيرة، علاوة على موائد الإفطار التي عرضها على شاشة التلفزيون خلال شهر رمضان الماضي.
كما يهدف هذا المقترح إلى إقصاء التونسية ألفة التراس، رئيسة جمعية «عيش تونسي»، التي باتت تتمتع بحظوظ وافرة في تشكيل قائمات انتخابية قد تمثل مفاجأة في المشهد البرلماني المقبل.
وفي هذا السياق، اتهمت كتل برلمانية معارضة «حركة النهضة»، و«حركة تحيا تونس» بالتحضير لـ«صفقة سياسية»، يتم من خلالها تمرير المقترح الذي تدعمه «النهضة»، والوارد ضمن تنقيح القانون الانتخابي، والقاضي برفع العتبة الانتخابية من 3 إلى 5 في المائة، على أن توافق على اقتراح «حركة تحيا تونس» بإقصاء رؤساء الجمعيات والمؤسسات الإعلامية عن الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.