عبَّر ناشطون سوريون عن غضبهم لحذف موقع «فيسبوك» منشورات كتبها ويكتبها السوريون في نعي وتأبين عبد الباسط الساروت، المعارِض الذي كان يوصَف بـ«حارس الثورة»، والذي قُتل قبل أيام خلال مشاركته إلى جانب فصيل مسلح في القتال ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي.
وقال الناشط الحقوقي دياب سرية، على حسابه في «فيسبوك»، إن الهجوم على «البوستات» و«الهشتاغات» الخاصة بالساروت «شغل محترفين، وشغل الروس تحديداً»، مستبعداً أن يكون ما يُعرف بـ«الجيش الإلكتروني» التابع للنظام قد قام بذلك. وبنى سرية اتهامه على ملاحظته أن منشورات كثيرة تتضمن هجوماً على روسيا حُذفت من «فيسبوك» بزعم أنها عبارة عن «خطاب كراهية». وذكر أن روسيا استطاعت قبل سنوات التشويش على الانتخابات الأميركية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر»، وبثَّت دعاية كاذبة صبَّت في صالح المرشح دونالد ترمب.
وليس هناك دليل مادي يؤكد الاتهامات بضلوع روسيا في حذف منشورات رثاء الساروت. لكن الناشط سرية اعتبر أن توحّد السوريين المعارضين على اختلاف توجهاتهم حيال رحيل الساروت وتفاعلهم الواسع على «فيسبوك» و«تويتر» وعلى وسائل الإعلام المختلفة «لم يعجب الروس والنظام، وتحديداً الروس»، لأن الساروت قُتل «على جبهات القتال في حماة وفي مواجهات مع قوات روسية... وهو من رموز الثورة السورية، ومسيرته الثورية هي مسيرة الثورة من السلمية إلى التسليح إلى الجهاد إلى الخسارة والانتقال إلى المقاومة الشعبية... هو رمز حقيقي لما حصل في سوريا وقصته تزعج الروس. هم لم يتدخلوا في سوريا لقمع مظاهرات سلمية وحراك شعبي مسلح يطالب بالديمقراطية والحرية. هم تدخلوا لينقذوا سوريا والمنطقة من الإرهاب. هذه روايتهم على المستوى الدولي. لذلك فالساروت يزعجهم».
وصدم المعارضون السوريون بقيام «فيسبوك» بحذف «بوستات» عبّروا فيها عن حزنهم على رحيل عبد الباسط الساروت يوم السبت الماضي متأثراً بجروح أصيب بها في معارك ريف حماة. والساروت، المنحدر من حي البياضة بمدينة حمص، كان حارس مرمى في نادي الكرامة الحمصي، قبل أن يلتحق بالثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد بداية عام 2011، ويصبح أحد أبرز وجوه الثورة، إذ كان في طليعة الشباب الذين تظاهروا في حمص، وألهب بصوته مشاعر آلاف المشاركين في المظاهرات السلمية، الذين تلقَّوا الرصاص بصدورهم العارية قبل أن ينتقلوا إلى القتال في صفوف الجماعات المسلحة مع نهاية عام 2011.
ورغم اختلاف الآراء والمواقف من انضمام الساروت لاحقاً إلى تنظيمات إسلامية متطرفة، فإن الغالبية العظمى من الناشطين المعارضين اتفقوا على نقاء رمزيته الثورية، حيث مثّل مقتله فاجعة اختزلت سيرة الثورة ومآلاتها المؤلمة. وأحدث حذف «فيسبوك» لمنشورات تأبينه صدمة لا تزال تتفاعل ردود الفعل حيالها.
وتوجهت في البداية أصابع الاتهام للنظام وجيشه الإلكتروني بالوقوف وراء حذف «فسيبوك» مواقف الإشادة بالساروت. لكن خبراء في التقنية استبعدوا أن تكون للنظام قدرة على دفع إدارة «فيسبوك» إلى حذف عشرات المنشورات التي كتبها سوريون بارزون مثل الممثلين فارس الحلو ومازن الناطور والكاتب ماهر شرف الدين والإعلامية نسرين طرابلسي، وغيرهم كثيرون. وأوضح الخبير التقني دلشاد عثمان، المقيم في واشنطن، عبر حسابه في «فيسبوك»، أن إدارة الموقع تتعاقد مع جهات مدنية تساعدها لتحديد تعابير ومصطلحات لغة الكراهية في كل مجتمع. وأضاف أن المسؤولية عن حذف منشورات نعي الساروت تقع على عاتق منظمات أعطت لنفسها حق تصنيف لغة الكراهية. ووصف عثمان الوضع بأنه «خطير جداً»، مذكّراً بأن عدداً من الصحافيين الكرد سبق أن تعرضوا لتوقيف حساباتهم في «فيسبوك» بالطريقة ذاتها، وذلك خلال تغطيتهم لأحداث كوباني (عين العرب) قبل سنوات.
وفي ردّ فعل على حذف إدارة «فيسبوك» منشورات السوريين حول الساروت، أطلق ناشطون حملات عدة منها «مظاهرة إلكترونية» مساء الثلاثاء حيث نشر مئات السوريين على حساباتهم صورة موحدة للساروت. وتوجت الحملات بإصدار بيان احتجاج أمس عبر موقع «أفاز» يطالب شبكة «فيسبوك» بالتوقف عن حذف منشورات رثاء الساروت «بلبل الثورة السورية وحارسها».
حذف «فيسبوك» رثاء لـ«حارس الثورة» يثير غضب معارضين سوريين
حذف «فيسبوك» رثاء لـ«حارس الثورة» يثير غضب معارضين سوريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة