هدوء نسبي في ريف حماة بعد «معارك استنزاف»https://aawsat.com/home/article/1764901/%D9%87%D8%AF%D9%88%D8%A1-%D9%86%D8%B3%D8%A8%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%C2%AB%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%B2%D8%A7%D9%81%C2%BB
أفادت معلومات، أمس، بأن قوات النظام السوري واصلت قصفها على ريفي حماة وإدلب، وسط تراجع حدة المعارك ضد فصائل معارضة وأخرى متشددة ناشطة في المنطقة، وفي ظل غياب لافت لمشاركة الطيران الحربي في القصف بعدما كان قد شارك بفاعلية منذ بدء قوات النظام، بدعم روسي، هجومها على آخر معاقل المعارضة في شمال غربي البلاد، قبل أسابيع. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أنه وثّق مقتل شخصين جراء إلقاء طائرات براميل متفجرة مساء الثلاثاء على قرية كفرعين بريف إدلب الجنوبي، ليرتفع بذلك إلى 7 بينهم طفل ومواطنة عدد الضحايا الذين قضوا في هذا القصف. وأوضح «المرصد» أن قوات النظام جددت كذلك قصفها الصاروخي على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، وبلدة مورك بريف حماة الشمالي، بالإضافة إلى قريتي جسر بيت الراس والمنارة بسهل الغاب، ما أسفر عن اشتعال النيران في الأراضي الزراعية. في المقابل، قصفت الفصائل المقاتلة والإسلامية بنحو 35 صاروخاً مواقع لقوات النظام في تل الواسطة وتل علوش بريف حلب الجنوبي، وأماكن أخرى في كفرهود والجلمة وكرناز والمجدل والجديدة ضمن الريف الحموي. لكن «المرصد» لاحظ أنه رغم هذا القصف الصاروخي المتبادل، فإن منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا تشهد غياباً للقصف الجوي منذ منتصف ليلة أول من أمس. وأوضح: «شوهدت طائرات حربية روسية تحلق في سماء المنطقة صباح اليوم (أمس) دون تنفيذها أي ضربات». ولفت «المرصد»، في تقرير آخر، إلى أن هدوءاً نسبياً يسود محاور القتال بين قوات النظام، من جهة، وبين الفصائل الإسلامية والمقاتلة و«المجموعات الجهادية»، من جهة أخرى، وذلك بعد «معارك استنزاف دموية» شهدها ريف حماة الشمالي الغربي. وبدأت معارك الاستنزاف يوم الخميس، السادس من أبريل (نيسان)، بهجوم للفصائل والجماعات المتشددة على محاور الجبين وتل ملح وكفرهود حيث تمكنت خلال ساعات من فرض سيطرتها على المحاور المستهدفة، وتقطع تل ملح أوتوستراد السقيلبية – محردة. لكن قوات النظام نفّذت بدورها هجوماً مضاداً، بدعم بري وجوي روسي، لاستعادة هذه المناطق لكنها لم تتمكن إلا من استعادة كفرهود. وفي وقت أطلقت قوات النظام هجوماً، يوم الجمعة، لاستعادة قرية تل ملح الاستراتيجية، بدا أنها فوجئت بهجمات جديدة للفصائل على محور آخر شمال تل ملح وهو محور الجلمة، لتجري بعد ذلك عملية كر وفر وتبادل للسيطرة بين الطرفين. وفي نهاية المطاف، تمكنت قوات النظام من تثبيت مواقعها في الجلمة إلا أنها فشلت في استعادة تل ملح والجبين، حسب «المرصد» الذي اعتبر أن «معركة القرى الثلاث استنزفت العشرات من مقاتلي الطرفين». على صعيد آخر، هز انفجارٌ مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» شرق سوريا، تبين أنه ناجم عن انفجار قنبلة صوتية قرب مدرسة، دون خسائر بشرية. وقال «المرصد»، في تقرير بتاريخ 3 أبريل الماضي، إنه «رصد مزيداً من الانفلات الأمني ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في منطقة شرق الفرات»، مشيراً إلى اشتباكات ليلية في الرقة بين عناصر خلايا تابعة لتنظيم (داعش) وبين قوات (الأسايش) و(قوات سوريا الديمقراطية)».
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.