ضغوط إسرائيلية على برلين لاعتبار دعوات المقاطعة «عداء للسامية»

TT

ضغوط إسرائيلية على برلين لاعتبار دعوات المقاطعة «عداء للسامية»

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن حكومة بنيامين نتنياهو تمارس ضغوطاً شديدة على الحكومة الألمانية كي تتبنى قرار البرلمان (البوندستاغ) في برلين، وتقرر هي أيضاً اعتبار حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) حركة عنصرية ضد اليهود ومعادية للسامية.
وقالت هذه المصادر إن قراراً حكومياً كهذا يعني عدم السماح لحركة المقاطعة باستخدام مبانٍ عامة في ألمانيا، وإعادة النظر في التمويل الألماني لهيئات داعمة لحركة المقاطعة.
وكان البرلمان الألماني قد قرر، الشهر الماضي، للمرة الأولى في برلمان أوروبي، بشكل رسمي اعتبار حركة المقاطعة معادية للسامية، وتوجه إلى الحكومة بطلب تبني القرار وتطبيقه بشكل عملي. وقد حظي القرار بدعم واسع من قبل كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر، وأيده عدد من أعضاء «الخضر»، بينما امتنع آخرون.
وحسب مصادر في تل أبيب، فإن وزارة الداخلية الألمانية تميل إلى دعم الاقتراح، في حين تعارضه وزارة الخارجية. وكان مسؤولون في الخارجية قد قالوا لصحافيين، أخيراً، إنهم يعارضون مقاطعة إسرائيل، ولكن «توجد في الحركة أطياف واسعة من المواقف، ما يستوجب فحص كلّ حالة أو منظّمة بذاتها من أجل الحسم، فيما إذا كانت تحمل خصائص معادية للسامية».
وقد قررت الحكومة في برلين إجراء دراسة حول الموضوع في الأيام القريبة المقبلة، بعدما توجهت إسرائيل إلى أصدقائها في الحكومة تحثهم على تبني قرار البرلمان.
وكان نحو 240 مثقفاً يهودياً ممن يعارضون الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وينشدون صنع السلام مع العرب وفق مبادرة السلام العربية، قد نشروا عريضة، الأسبوع الماضي، ضد قرار «البوندستاغ»، واعتبروا أن المقاطعة سلاح احتجاج مشروع وغير عنيف. ودعا الموقِّعون الحكومة الألمانية إلى عدم تبني القرار، وإنما دعم حرية التعبير، ومواصلة دعم الجمعيات الإسرائيلية والفلسطينية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي بطرق سلمية، التي تكشف الخروقات الخطيرة للقانون الدولي وتعزز المجتمع المدني.
وكان المتحف اليهودي في برلين قد نشر العريضة في حسابه على «تويتر»، الأمر الذي عرضه لهجمات، بينهم سفير إسرائيل في برلين، جيرمي يسخاروف، الذي اعتبر نشرها «عاراً».
والمعروف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد طلب من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وقف تمويل هذا المتحف، بادعاء أنه «يعرض القدس من وجهة نظر إسلامية عربية»، كما طلب منها العمل ضد تمويل منظمات أخرى بادعاء أنها معادية لإسرائيل.
ومن جهة أخرى، تم الكشف في تل أبيب، أمس (الأربعاء)، أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي غلعاد إردان، استعان بجهاز المخابرات الخارجية «الموساد»، من أجل مكافحة نشاط حركة المقاطعة العالمية، وذلك من خلال جلسات التشاور والتنسيق التي عقدها مع كثير من المسؤولين بالجهاز، ومن ضمنهم رئيس الجهاز يوسي كوهين. كما أقام إردان في عام 2018، «شركة خاصة لصالح الجمهور»، باسم «كيلاع شلومو (مقلاع سليمان)»، ثم تم تغيير اسمها إلى «كونسيرت»، بهدف نشر «أنشطة توعية جماهيرية سرية» في إطار محاربة حملة نزع الشرعية عن إسرائيل حول العالم.
وقد رصدت الحكومة الإسرائيلية مبلغ 128 مليون شيقل (الدولار 3.5 شيقل) لهذه الشركة ونشاطاتها، وتُضاف هذه الميزانيات الحكومية إلى مبالغ بقيمة 128 مليون تقرر جمعها من جهات خاصة حول العالم، علماً بأن الشركة المذكورة لا تخضع لقانون حرية المعلومات.
ومنذ توليه منصب وزير الشؤون الاستراتيجية، ركز إردان نشاط الوزارة ضد حركة المقاطعة العالمية، وحاول المسؤولون في الوزارة، وبينهم الرقيب العسكري السابق سيما فاكنين - جيل، استبعاد الوزارة من قانون حرية المعلومات، حيث يميلون للتستر وإلى إخفاء أجزاء كبيرة من ميزانياتهم وأنشطتهم.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.