الجيش الليبي يكبّد قوات «الوفاق» خسائر كبيرة في «معركة المطار»

TT

الجيش الليبي يكبّد قوات «الوفاق» خسائر كبيرة في «معركة المطار»

أعلنت قوات «الجيش الوطني»، التي صدَّت جميع المحاولات المستميتة للميليشيات المسلحة الموالية للسراج من أجل السيطرة على مطار العاصمة طرابلس، أنها كبّدت قوات «الوفاق» خسائر كبيرة، في «معركة المطار»، وفي غضون ذلك تعهّد فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق» الليبية، باستمرار قواته في «مقاومة ودحر» ما وصفه بـ«العدوان» على العاصمة طرابلس.
وفي بيان أصدره، مساء أول من أمس، أكد السراج، عقب اجتماعه بطرابلس مع غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أنه «لا تنازل عن معركة بناء الدولة المدنية»، لافتاً إلى أن «استئناف العملية السياسية مرهون بوضع قواعد جديدة لهذا المسار، شرط ألا يكون حكراً على أي فرد أو مجموعة».
في غضون ذلك، نفى المركز الإعلامي لغرفة عمليات «الكرامة»، التابعة لـ«الجيش الوطني»، ما وصفه بـ«فبركات وادعاءات» تنظيم الإخوان المسلمين وعصاباتهم لقوات الجيش، باستخدام الألغام وزراعتها حول مطار طرابلس العالمي. وقال إن تلك الاتهامات «تأتي على خلفية حجم الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في الهجوم الذي أحبطته قوات الجيش، أول من أمس، في محور مطار العاصمة، ولما وصلوا إليه من إنهاك وإعياء»، معتبراً أنها اتهامات «زور وبهتان».
وتابع موضحاً: «قواتنا المسلحة تحترم المواثيق والأعراف الدولية، وملتزمة بالقانون الدولي الإنساني لحقوق الإنسان، ونحن لم نقم باستخدام الألغام بكل أنواعها في أي مواجهة سابقة أو حالية مع العصابات الإرهابية الإجرامية».
ونقل البيان عن اللواء عبد السلام الحاسي، قائد غرفة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش، تأكيده بشأن تصدي قوات الجيش لهذا الهجوم، وتدمير قدرات قوات الميليشيات الإرهابية، وإلحاق خسائر في الأرواح على المشارف البعيدة للمطار.
في غضون ذلك، رصد «الجيش الوطني» مطالبة العشرات، من أمام مستشفى مصراتة (غرب)، بعودة أبناء مدينتهم من طرابلس، وذلك بعد وصول 11 جثة، جراء اشتباكات مطار طرابلس، وعدد آخر في القويعة نتيجة ضربة طيران على تجمع ميليشياوي تم رصده.
وفي إطار متابعة تنفيذ المبادرة الرئاسية الثلاثية للتسوية السياسية الشاملة في ليبيا، عقد وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر أمس اجتماعا تشاوريا في العاصمة التونسية تركزت أشغاله حول السبل الكفيلة بوقف الاقتتال الدائر في هذا البلد الشقيق، واستئناف المسار السياسي الجاري تحت رعاية الأمم المتحدة، خاصة في ظل استمرار المواجهات العسكرية في محيط العاصمة طرابلس.
وأشارت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تونس تسعى من خلال هذا الاجتماع للتحضير لعقد اجتماع يضم مختلف دول الجوار الليبي، اعتبارا إلى تداخل عدة معطيات إقليمية في الملف الليبي. ومن المقرر أن يجتمع الرئيس التونسي ورئيس القمة العربية في دورتها الحالية الباجي قائد السبسي صباح اليوم في قصر قرطاج مع وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس لمتابعة توصيات الاجتماع الوزاري التشاوري بين البلدان الثلاثة المجاورة لليبيا، الذي انتظم في ساعة متأخرة من مساء أمس في مقر الخارجية التونسية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.