المغرب يتّجه إلى اعتماد استراتيجية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب

تنفيذاً لتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية

TT

المغرب يتّجه إلى اعتماد استراتيجية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب

تعتزم الحكومة المغربية اعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك تنفيذاً لتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية.
وقال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية أمس، إن حكومته بصدد إعداد مشروع قانون جديد لسد الثغرات وأوجه القصور التي تم تحديدها في تقرير التقييم المتبادل، حتى تكون القوانين الوطنية مطابقة للتوصيات الأربعين والمعايير المتفرعة عنها لمجموعة العمل المالي الدولية، مشيراً إلى أنّه جرت ملاءمة التشريعات ذات الصلة بصفة منتظمة مع المواثيق والاتفاقيات الدولية.
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث أمس في الندوة الوطنية التي نظمتها وحدة معالجة المعلومات المالية في رئاسة الحكومة حول موضوع «انعكاسات التقييم الوطني للمخاطر على منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، أن التقييم المتبادل في مجال محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي أشرفت عليه مجموعة العمل المالي الدولية، لم تكن بعض استنتاجاته وخلاصاته منصفة للمغرب. وأضاف أن المغرب بذل في هذا المجال مجهودات كبيرة.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن المملكة المغربية سبق لها أن خضعت للجولة الأولى من التقييم المتبادل سنة 2007، في الوقت الذي لم تكن تتوفر فيه بعد على قانون لمكافحة غسل الأموال ولم تكن قد أنشئت بعد وحدة معالجة المعلومات المالية، موضحاً أن البلاد خضعت للجولة الثانية للتقييم المتبادل لمنظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ابتداءً من سبتمبر (أيلول) 2017، وأبرزت خلاصات التقرير «التطور الملحوظ الذي عرفته هذه المنظومة بين الجولة الأولى والثانية، وإن كان بعض هذه الاستنتاجات غير منصف بالنظر إلى الانخراط الدائم واللامشروط لبلادنا في الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة جميع أشكال الجريمة المالية المنظمة». وتابع العثماني أن مرجعيات العمل لدى مجموعة العمل المالي الدولية عرفت تطوراً مهماً خلال سنتي 2012 و2013 «بالنظر إلى مراجعة التوصيات والمنهجية المعتمدة في التقييم، وذلك بالتركيز على الفعالية ودرجة الالتزام الفني وتقييم مدى تحقيق النتائج المباشرة». وأوضح أن «المنهج القائم على المخاطر يمثل العمود الفقري للمنظومة بالنسبة إلى جميع الدول»، مشيراً إلى أن حكومات الدول مدعوة لتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب بناءً على أوجه القصور والتهديدات التي تواجهها واعتماد نتائج هذا التقييم وتعميمه على القطاعين العام والخاص، وفي ضوء ذلك تبني استراتيجية وطنية للحد من تلك المخاطر والتحكم فيها. وشدد على أن المغرب كان سباقاً من بين دول المنطقة إلى إعداد التقرير الأول لتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منوهاً بالمساعدة التقنية التي قدمها البنك الدولي لبلاده لإنجاز هذا المشروع.
ولفت رئيس الحكومة المغربية إلى أن بلاده كانت دائماً «نموذجاً للتنسيق وتبادل التجارب والخبرات والمعلومات مع البلدان الصديقة والشقيقة وكذلك مع المنظمات الجهوية والدولية ذات الصلة، في مجال التعاون الدولي». وشدد على وجود «التزام سياسي مغربي قوي وراسخ للرقي بالمنظومة الوطنية في المجال وجعلها ملائمة للمعايير الدولية».
من جهته، قال جوهر النفيسي رئيس وحدة معالجة المعلومات المالية التي أُنشئت عام 2009، إن المغرب من بين الدول السباقة في المنطقة العربية التي تتوفر على تقرير رسمي يتعلق بتقييم مخاطر جرائم الأموال وتمويل الإرهاب، الذي يوجد بصدد المصادقة عليه من قبل الحكومة.
وأشار إلى أن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أخذت في السنوات الأخيرة بعداً استراتيجياً في العلاقات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف وأصبحت من صميم عمل العديد من المنظمات الإقليمية والدولية وحتى في مجلس الأمن.
ونبّه المسؤول المغربي إلى أن أهم ما خلص إليه تقرير التقييم المتبادل هي الدرجة التي حصل عليها المغرب في مجال التحقيق في جرائم تمويل الإرهاب ومحاكمة المتورطين فيها وخضوعهم لعقوبات رادعة، حيث منح المغرب درجة «أساسي» وهو ما يمثل اعترافاً دولياً جديداً بمكافحة الإرهاب وتمويله.
في المقابل، شدد النفيسي على أن هناك حاجة إلى «تعبئة شاملة للخروج من إجراءات المتابعة المعززة التي تفرضها مجموعة العمل المالية الدولية، وتفادي ما ينتج عنها من عواقب سلبية بالنسبة إلى النظام المالي المغربي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.