هونغ كونغ ترجئ مناقشة مشروع قانون تسليم المطلوبين لبكينhttps://aawsat.com/home/article/1763736/%D9%87%D9%88%D9%86%D8%BA-%D9%83%D9%88%D9%86%D8%BA-%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D8%A6-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%88%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%83%D9%8A%D9%86
هونغ كونغ ترجئ مناقشة مشروع قانون تسليم المطلوبين لبكين
وسط تدفق المحتجين إلى الشوارع
جانب من المظاهرات في هونغ كونغ (رويترز)
هونغ كونغ:«الشرق الأوسط»
TT
هونغ كونغ:«الشرق الأوسط»
TT
هونغ كونغ ترجئ مناقشة مشروع قانون تسليم المطلوبين لبكين
جانب من المظاهرات في هونغ كونغ (رويترز)
أرجأت السلطات في هونغ كونغ دراسة مشروع قانون مثير للجدل يسمح بتسليم المطلوبين إلى الصين، فيما تظاهر الآلاف في هونغ كونغ اليوم (الأربعاء) وأغلقوا طرقاً رئيسية وسط المدينة في استعراض للقوة ضد مشروع القانون.
وقام آلاف المتظاهرين - ومعظمهم من الشباب الذين يرتدون ملابس سوداء - بتطويق مبانٍ حكومية وسط المدينة وشلوا حركة المرور خلال مطالبتهم سحب مشروع القانون الذي تدعمه بكين.
وانخفضت البورصة كذلك في هذا المركز المالي العالمي بأكثر من 1.5 في المائة.
من جهته، حذر نائب رئيسة الحكومة ماثيو شونغ المتظاهرين اليوم من مواصلة الاحتجاجات، وطلب منهم في رسالة فيديو التفرق واحترام القانون، في أول رد فعل حكومي على المظاهرات المناهضة لمشروع القانون.
وكان عدد من عناصر شرطة مكافحة الشغب المنتشرين مرتدين أقنعة وخوذات ونظارات واقية.
وجاء هذا التحرك قبل قراءة ثانية مقررة للنص في البرلمان. وفيما واصلت الحشود التدفق إلى الشوارع، أعلن رئيس البرلمان الذي يضمّ نواباً يكون غالبيتهم موالين لبكين عن إرجاء المناقشات المتعلقة بمشروع القانون إلى «موعد لاحق».
وأعاد هذا التحرك إلى الذاكرة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي عصفت بالمدينة عام 2014، والتي أغلقت مساحات كبيرة من هونغ كونغ لمدة شهرين.
واستخدمت الشرطة أمام مقر البرلمان رذاذ الفلفل ضد المتظاهرين، ولوحوا لهم بلافتات تحذرهم من استعدادهم لاستخدام القوة في حال لم يتوقفوا عن التجمع.
وكانت المدينة، وهي مستعمرة بريطانية سابقة، قد شهدت خلال عطلة نهاية الأسبوع أكبر مسيرة احتجاجية منذ عودتها إلى السيادة الصينية عام 1997، حيث طالبت حشود قدّرها المنظمون بأكثر من مليون شخص بإلغاء مشروع قانون تسليم المطلوبين الذي تدعمه بكين.
ورغم هذا التحرك الكبير في هذه المدينة البالغ عدد سكانها 7 ملايين نسمة، رفضت رئيسة الحكومة كاري لام سحب هذا القانون.
وأثار النص قلق حكومات غربية كما أغضب سكان هونغ كونغ الذين يعتبرون أن القضاء الصيني غامض ومسيس، ويرون أن هذا القانون يسيء إلى صورة هونغ كونغ الدولية التي تتمتع بسيادة شبه ذاتية.
وأعربت حكومة تايوان اليوم عن دعمها للمتظاهرين في هونغ كونغ.
وقال وزير خارجية تايوان جوزف وو، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أقف جنبا إلى جنب مع مئات الآلاف في هونغ كونغ، الذين يتصدون لمشروع قانون التسليم. من فضلكم اعلموا أنكم لستم وحدكم. تايوان معكم! إرادة الشعب ستسود!».
وبموجب اتفاق لعام 1984 بين لندن وبكين، تتمتع هونغ كونغ بسيادة شبه ذاتية وبحريات غير موجودة في الصين نظرياً حتى عام 2047.
ومنذ عشرات السنين، تشهد المدينة تحركات سياسية قوية تخوفاً من التدخل المتزايد للصين في شؤونها الداخلية، وبسبب الشعور بأنه لا يتم احترام مبدأ «بلد واحد، نظامين» الشهير.
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟