الحريري: البديل عن التسوية خراب البلد... وصلاحيات رئاسة الحكومة بخير

انتقد «زلات» باسيل... لكنه وصفه بـ«الشريك الأساسي»

رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي في بيروت ({الشرق الأوسط})
رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي في بيروت ({الشرق الأوسط})
TT

الحريري: البديل عن التسوية خراب البلد... وصلاحيات رئاسة الحكومة بخير

رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي في بيروت ({الشرق الأوسط})
رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي في بيروت ({الشرق الأوسط})

ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري على الحملة التي كان يتعرض لها طوال الفترة الأخيرة، مطلقاً مواقف تصعيدية في وجه من أسماهم «الشركاء الأساسيين»، مؤكداً في الوقت عينه أن «البديل عن التسوية السياسية» خراب للبلد، وأن صلاحيات رئاسة الحكومة بخير، ولا يمكن لأحد المساس بها كما لا يمكن السكوت على كلام يمس بالكرامات والدستور والأعراف.
وفي انتقاد غير مباشر لوزير الخارجية جبران باسيل، قال الحريري في مؤتمر صحافي مطوّل «البلد لا يجوز أن يدار بزلات اللسان والسقطات، وفي الأسابيع الأخيرة فرضت علينا سجالات واشتباكات على جهات عدة، ولا يمكن اعتبار أن الغضب في الوسط السني غير موجود، هو غضب حقيقي ناتج من مواقف من شركاء أساسيين».
وشدّد على أهمية الحفاظ على العلاقات مع الدول العربية، في رد منه على كلام وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسميه، إضافة إلى انتقاد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله موقفه في قمة مكة، قائلاً: «يجب أن يكون معلوماً أن هذه العلاقات غير خاضعة لمزاج البعض، أول سطر في الدستور يقول إن لبنان بلد عربي؛ فهذا لأن لبنان بلد عربي وعضو مؤسس لجامعة الدول العربية، ومن المفيد التذكير أنه عندما يقف رئيس الحكومة على أي منبر فهو يتكلم باسم لبنان، وأنا حضرت قمة مكة وباسم لبنان، ووافقت على القرارات باسم لبنان، وموقفي وكلمتي في القمة هما قمة بالالتزام بالبيان الوزاري، ومن يرَ غير ذلك فليعد إلى كل قرارات القمم السابقة ويرَ من يخرق النأي بالنفس».
وأكد أنه «لا يجب أن نضع الدول العربية والسعودية في موقع الخصومة مع لبنان، آن لنا أن نفهم أن مصالح البلد قبل مصالحنا الخاصة والسياسية والولاء إلى لبنان يتقدم الولاء لأي محور».
وفي موضوع التسوية والسجال مع «التيار الوطني الحر»، عبّر الحريري عن انزعاجه من الكلام الذي نقل عن باسيل في البقاع، معتبراً أن أفضل ما قام به هو نفيه، وأضاف: «ارتدادات الكلام كانت سيئة جداً، وذهبنا بالسجال إلى أماكن غير مقبولة، وسمعنا كلاماً بخلفيات طائفية، ثم أتى حكم المحكمة العسكرية بقضية الممثل زياد عيتاني وتفجير طرابلس، وهناك من خطر على باله أن يحاسب مؤسسة لأن ليس هناك من يحاسبه، هذا أمر غير مقبول، ولن أقبل في أي وقت أن يتم التطاول على المؤسسات الأمنية أو العسكرية».
وهنّأ الحريري بسلامة طرابلس «التي افتداها الجيش وقوى الأمن بأرواح 4 أبطال»، مؤكداً أن «خروج إرهابي من أوكار التطرف لن يبدل هوية طرابلس، مدينة الاعتدال والعيش المشترك رغم أنف المشككين ومستغلي الفرص، وموضوع العفو لا بد أن يمشي»، مضيفاً: «تربيت على ثقافة الحوار والعيش المشترك، ونحن لسنا هواة مشاكل وخلافات ومعارك، لكن لا يمكن أن نسكت عن الخطأ وتجاوز الخطوط الحمراء والأصول والأعراف».
وأكد الحريري على أن «الجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة، مؤسسات للدولة لكل الشعب، وممنوع أن يتم وضعها في خانة المحاصصة»، موضحاً «بعد الهجوم الإرهابي في طرابلس سمعنا كلاماً بلا طعم، عن البيئة الحاضنة وكيف خرج الإرهابي من السجن، ووضعوا تحقيقات شعبة المعلومات في دائرة الشك، والمحكمة العسكرية حكمت عليه وقضى كامل محكوميته»، متوجهاً إلى المشككين بالقول: «تفضلوا اسألوا الأمن العام والشرطة العسكرية والمحكمة العسكرية».
وعلّق على الانتقادات التي تواجهها الموازنة بالقول: «وكأن معظم الذين أقروا الموازنة في الحكومة من كوكب آخر، الوزراء مع نواب كتلهم سيذهبون في مجلس النواب للاعتراض على الموازنة» مؤكداً على «أهمية السير بالموازنة والمحافظة على نسبة العجز التي تم التوصل إليها، وهذه أول خطوة إصلاحية، وإذا كنتم تريدون المناكفة أنا أعرف كيف أناكف أيضاً»، لافتاً إلى أن «الذي لديه أي اقترح لموازنة 2020 فليتقدم به، ونحن لدينا أكثر من 30 اقتراحاً».
وأتت مواقف الحريري في الوقت الذي أكدت فيه مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»، أن التسوية تعرضت إلى بعض الاهتزاز، لكنها لم تسقط، معولة على الخطوة التي قام بها وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، سليم جريصاتي بلقائه مفتي الجمهوري عبد اللطيف دريان، حاملاً رسائل محددة من رئيس الجمهورية ميشال عون.
ورأت المصادر أن التسوية قائمة على قضايا استراتيجية لا خلاف عليها، كما أن عون ليس طرفاً في كل ما حصل واقتصر الأمر على النواب والوزراء، في حين أن موقف الرئيس هو ذاك الذي عبّر عنه جريصاتي بتكليف منه، نافية ما يرى فيه البعض أن الأمور وصلت إلى اللاعودة. ورأت «أن هناك مبالغة في توصيف ما حصل والحريري يلتقي رئيس الجمهورية بشكل عادي وطبيعي كرئيس للحكومة». وكان جريصاتي قد تحدث من دار الفتوى عما وصفه بـ«حكم الأقوياء» مؤكداً أن الرئيس عون حريص على تطبيق الدستور بالصلاحيات كافة، ويعتبر أن رئيس حكومة لبنان هو الرئيس سعد الحريري حتماً، وهو الأقوى في بيئته بمعايير التمثيل.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.