الاقتصاد البريطاني مرشح للانكماش في الربع الثاني

عانى الاقتصاد البريطاني من الانحدار السريع في إنتاج السيارات بسبب الإغلاق المؤقت لمواجهة حالة عدم اليقين المحيطة ببريكست (رويترز)
عانى الاقتصاد البريطاني من الانحدار السريع في إنتاج السيارات بسبب الإغلاق المؤقت لمواجهة حالة عدم اليقين المحيطة ببريكست (رويترز)
TT

الاقتصاد البريطاني مرشح للانكماش في الربع الثاني

عانى الاقتصاد البريطاني من الانحدار السريع في إنتاج السيارات بسبب الإغلاق المؤقت لمواجهة حالة عدم اليقين المحيطة ببريكست (رويترز)
عانى الاقتصاد البريطاني من الانحدار السريع في إنتاج السيارات بسبب الإغلاق المؤقت لمواجهة حالة عدم اليقين المحيطة ببريكست (رويترز)

توقع تقرير صادر عن المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا انكماش اقتصاد بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي، بعد النشاط الاقتصادي الزائد لتكوين مخزون لدى الشركات قبل الموعد الأصلي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) الماضي، والذي أدى إلى تعزيز نمو الاقتصاد خلال الربع الأول من العام.
ويتوقع المعهد الوطني انكماش الاقتصاد بمعدل 0.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الربع الثاني. وأظهرت بيانات المعهد نمو الاقتصاد البريطاني خلال الشهور الثلاثة حتى أبريل (نيسان) الماضي بمعدل 0.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، في حين تراجع إجمالي الناتج المحلي خلال أبريل الماضي فقط بمعدل 0.4 في المائة بسبب تراجع الإنتاج ونشاط قطاع التشييد. من ناحيته، قال غاري يونغ رئيس إدارة توقعات الاقتصاد الكلي في المعهد، إن الغموض المحيط بقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الداخل والتوترات التجارية في الخارج تحد من تدفق الإنفاق الاستثماري ونمو الاقتصاد في بريطانيا.
كما أظهرت بيانات رسمية أخرى نشرت مساء الاثنين أن الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا تقلّص بنسبة 0.4 في المائة في أبريل على خلفية تراجع الصناعات الناجم بشكل أساسي عن الضبابية بشأن بريكست. وهذا الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي أشدّ مما أجمعت عليه توقعات محللين لوكالة بلومبرغ، قدّروا أن يكون بنسبة 0.1 في المائة فقط.
وهذا ثاني تراجع على التوالي في النشاط الاقتصادي البريطاني، بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في مارس، وهو مؤشر إلى تباطؤ اقتصادي بعد بداية عام جيدة. ومع ذلك لم تدخل المملكة المتحدة بعد في مرحلة الكساد، والتي تعني انخفاضا في الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين.
وفي أبريل، تضرر الاقتصاد البريطاني بشدة بسبب تراجع بنسبة 2.7 في المائة للإنتاج الصناعي، فيما شهد النشاط في قطاع الخدمات القوي حالة ركود. وعانى اقتصاد المملكة المتحدة جراء قرار المؤسسات الصناعية وقف تخزين سلعها استعداداً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي كان مقرراً أساساً في مارس ومدد حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ودعمت الزيادة في تخزين الشركات للسلع النمو في مطلع العام، لكن هذا الدفع لم يكن إلا موقتاً. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5 في المائة في الربع الأول من العام، أكثر مما قدّره الاقتصاديون.
وعانى الاقتصاد البريطاني في أبريل من الانحدار السريع في إنتاج السيارات بسبب الإغلاق المؤقت لمصانع بعض الشركات لمواجهة حالة عدم اليقين المحيطة ببريكست. وبالإجمال، تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى ثلاثة أشهر حتى نهاية أبريل عند 0.3 في المائة، ما ينبئ بربع ثان صعب أيضاً.
وتوقعت استطلاعات مرتبطة بمؤشر مديري المشتريات نشرتها مؤسسة «ماركيت» الأسبوع الماضي، احتمال حصول ركود وسط تباطؤ في الاقتصاد العالمي نتيجة الخلافات التجارية.
لكن التوقعات للعام أقل سوداوية، فقد قال اقتصاديون مستقلون استطلعت آراءهم وزارة الخزانة البريطانية إنهم يتوقعون ارتفاعاً بالناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4 في المائة في عام 2019.
وقال سامويل تومبس الاقتصادي في «بانثيون ماكروإيكونومكس»: «نحن مترددون في استنتاج أن الاقتصاد فقد زخمه بشكل أساسي، لأن التوقعات بشأن دخل الأسر لا تزال صلبة»، في وقت ترتفع فيه الرواتب بوتيرة أسرع من التضخم. لكن هذه التوقعات تكون صالحة إذا تمكنت البلاد من تجنب خروج من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي. غير أن هذا السيناريو الذي تخشاه أوساط الأعمال، يعود إلى الواجهة في خضم السباق لخلافة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
لكن من جهة أخرى، بقي معدل البطالة في بريطانيا عند أدنى مستوى له منذ 45 عاماً، وفق بيانات رسمية صدرت الثلاثاء، رغم الرياح المعاكسة بسبب بريكست وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وأفاد بيان لمكتب الإحصائيات الوطني بأن معدل البطالة بقي عند مستوى 3.8 في المائة خلال الأشهر الثلاثة حتى أبريل، وهو أدنى مستوى منذ الربع الأخير من العام 1974، ولم تتغير الأرقام عن المعدل الذي تم تسجيله في الربع الأول حتى مارس، وكانت مطابقة لتوقعات السوق.
وقال المحلل ديفيد شيتهام، من شركة «إكس تي بي» للتجارة الإلكترونية: «بالمجمل، ليس هناك الكثير مما يشير إلى أي ضعف» في سوق العمل... لكنه حذّر من تداعيات بريكست والاقتصاد العالمي الذي يشهد تباطؤاً.
وأفاد المحلل قائلا: «بصراحة، يبقى المشهد العام للاقتصاد البريطاني بعيداً عن الازدهار ويبدو أنه لا يحقق أي تقدم». وأضاف: «لكن نظراً للرياح المعاكسة المزدوجة في ظل الضبابية السياسية الحالية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، يمكن النظر إلى مستوى النشاط الحالي على أنه أفضل ما يمكن توقعه في الظروف الحالية».



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.