قلة الخبرة تضيف 30 % على فاتورة بناء المساكن للأفراد في السعودية

تعتبر أحد مصادر التضخم في القطاع العقاري

المبالغة في شراء مواد البناء ترفع أسعار تكاليف المساكن بسبب ضعف خبرة الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
المبالغة في شراء مواد البناء ترفع أسعار تكاليف المساكن بسبب ضعف خبرة الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
TT

قلة الخبرة تضيف 30 % على فاتورة بناء المساكن للأفراد في السعودية

المبالغة في شراء مواد البناء ترفع أسعار تكاليف المساكن بسبب ضعف خبرة الأفراد (تصوير: خالد الخميس)
المبالغة في شراء مواد البناء ترفع أسعار تكاليف المساكن بسبب ضعف خبرة الأفراد (تصوير: خالد الخميس)

كشف مختصون في قطاع الإنشاءات السعودية أن قلة خبرة الأفراد في تقدير تكاليف البناء تلعب دوراً كبيراً في زيادة تكاليف فاتورة العقار إلى مستويات كبيرة تصل إلى 30 في المائة، مما يؤثر بشكل سلبي على ميزان التضخم الذي يشكل فيه قطاع العقار أعلى مصادره، حيث دائماً ما يكون الراغبون في البناء غير متخصصين مما يجعلهم عرضة للوقوع في عمل بعض شركات المقاولات غير الاحترافية التي تسودها العشوائية وفقدان التنظيم، في ظل غياب مكاتب الاستشارات أو عدم لعبها دوراً كبيراً في تحديد تكلفة البناء، خصوصاً أن الاعتماد على الشركات الصغيرة والمتوسطة يظل مرتفعاً بين أوساط السعوديين الراغبين في البناء.
كما تحدث عدد من العقاريين أن الحكومة تكافح في السيطرة على الأسعار عبر فرضها الكثير من القرارات، إلا أنه لا يوجد إجراء ينظم عملية البناء أو وضعها تحت بنود بناء معين يلزم جميع الأطراف على وجود إشراف حكومي عند الرغبة في البناء.
وقال إبراهيم المسعود الذي يمتلك شركة للإنشاءات العقارية، إن من أكثر مصادر ارتفاع تكاليف فاتورة البناء هي المبالغة في قيمة البناء، حيث إن معظم الأفراد يفتقدون الخبرة في كيفية إنشاء المنازل بالتكلفة الحقيقية أو حتى طلب مواد البناء بكميات كافية لزيادة فيها، موضحاً أنه بحكم خبرته في هذا المجال يرى أن عددا كبيرا من الراغبين في البناء يفتقدون الخبرة الكافية للبناء ويتم تحميلهم تكاليف إضافية يمكن تجنبها، لافتاً إلى أن الهدر في كميات مواد البناء يضيف ما يلامس الـ30 في المائة من التكاليف على إنشاء المباني.
وحول أهم الأسباب للقضاء على هذا التلاعب، أبان المسعود بأن فرض جهة رقابية حكومية لتكون فيصلا بين المقاول والمستهلك، يتلخص عملها في تحديد التكلفة وقياس المواد التي يحتاجها البناء، مردفا بأن الإسراف في توفير مواد البناء له انعكاسات أكثر خطورة من مجرد تحميل قيمته للمستهلك، حيث إنها ستلقي بظلالها سلبا على حجم استيرادات المملكة من مواد البناء التي تشهد ارتفاعات سنوية، مؤكدا أن هناك فائضا كبيرا يتم التلاعب به أو إعادة تدويره، وهو ما يخلق سوقا سوداء لبيع مواد البناء، رغم انخفاض الطلب على العقارات التي ستؤثر مؤكدا على حجم الإنشاءات.
ورغم أن قطاع المقاولات يعتبر أحد أكبر القطاعات الاقتصادية في السعودية، فإنه لا يزال التنظيم فيه دون المأمول بل ويفتقر إلى أدنى معدلات التنظيم في قطاع تبلغ أرباحه مليارات الريالات، وهو ما ينعكس أيضا على تزايد أعداد البناء التجاري الذي يفتقد إلى الجودة في ظل غياب الرقابة على القطاع.
وفي صلب الموضوع، أكد إيهاب طبارة المدير العام لشركة مخزن الخليج لبيع مواد البناء، أن حجم سوق مواد البناء يصل إلى ملياري دولار، مع أنه لا يزال يستوعب الكثير بسبب التوجه الحكومي والشخصي للمشاريع والبنى التحتية والاستثمارات وغيرها كذلك، مؤكدا أن أسعار مواد البناء تشهد ارتفاعا مستمرا وإن كان بشكل مقيد وهذا على غالبية المواد، إلا أن بعضها بقي سعره مستقرا على ما هو عليه لفترة طويلة، مقدرا نمو السوق بأنه يتجاوز الـ15في المائة كل عام وذلك من عقد تقريباً، لافتاً إلى أنه ورغم تفاوت أداء السوق فإنه لا يزال يحقق أرقاماً جيدة وفي تزايد مستمر ولا يقف عند حد معين.
وعن حالات الغش وضعف جودة مواد البناء التي بدأت تطغى على القطاع، كشف طبارة أن حالات الغش في قطاع تجارة مواد البناء المستوردة لا يكاد يذكر، وذلك بسبب الحملات المستمرة والتفتيش الدائم الذي تقوم بها الجمارك على الحدود وتشديدها في رقابة كل ما يدخل للسعودية، إلا أن هذا الأمر على ما فيه من حسنات إلا أنه ساهم في تأخر تسليم البضائع وهذا الأمر يضر بالمستهلك والمستورد كذلك، لافتا إلى أن هناك منافسة من الصناعات المحلية التي بدأت تدخل السوق وبقوة إلا أن الأجنبي وبالتحديد الصيني هو المسيطر، يليه الألماني والأميركي، كما أن الإماراتي بدأ مؤخرا الدخول على الخط.
يشار إلى أن قطاع تجارة مواد البناء يعتبر من الروافد الرئيسية لقطاع البناء والتشييد، مما يعكس الحركة الاقتصادية للقطاع وللبلد كذلك، إذ يجعل الاستثمار العالي فيها دليلاً على النمو الاقتصادي والعقاري الذي يتم محلياً، ويشير إلى مدى ارتفاع الأمن في البلد، خصوصا مع دفع الكثير من الشركات العالمية بمنتجاتها في السوق السعودي، كما أن هناك الكثير من الشركات الوطنية التي بدأت تدخل في الخط وتقتسم نسبة جيدة من قطاع البناء الذي بات مقصدا للكثير من المستثمرين.
وفي الشأن ذاته، أكد عبد اللطيف العبد اللطيف المستثمر العقاري، أن غياب الرقابة على شركات المقاولات وخصوصا الصغرى والمتوسطة وهي التي يعتمد عليها أكثر من 80 في المائة من الراغبين في البناء، وهي وجه آخر للضعف الذي يشهده قطاع محلات البناء التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع هذه الشركات التي لا تدقق في حجم الكميات نتيجة عدم وجود جهة ثابتة استشارية محايدة تحدد الكمية المطلوبة لكل عملية إنشاء. وحول وجود تصنيفات المقاولين أكد العبد اللطيف أنها غير معترف بها إلا بالورق، وأن الواقع يحكي عن عدم اعتراف الراغبين في البناء بدليل تزايد الشركات المخالفة في السوق.
وأضاف: «تكمن المشكلة في أن بعض المشترين يعيب عليه ضعف الخبرة وعدم معرفته بما يحتاج له بالضبط من مواد البناء، فيقومون أحياناً بشراء بعض مواد البناء التي قد لا تفيدهم، وتزيد من أعبائهم عند إنشاء البنايات»، موضحاً أن التنافس بين شركات مواد البناء أمر صحي لمصلحة المستهلك، لكن التركيز يتم على المشاريع الضخمة التي عادة ما تكون هي الأكثر فائدة، والأوفر ربحاً.


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».