حركة محدودة في ثاني أيام إضراب السودان

«الحركة الشعبية» تتهم الخرطوم بـ«نفي» ثلاثة من قادتها إلى جوبا

دورية من «قوات الدعم السريع» في شارع النيل بالعاصمة السودانية أمس (أ.ف.ب)
دورية من «قوات الدعم السريع» في شارع النيل بالعاصمة السودانية أمس (أ.ف.ب)
TT

حركة محدودة في ثاني أيام إضراب السودان

دورية من «قوات الدعم السريع» في شارع النيل بالعاصمة السودانية أمس (أ.ف.ب)
دورية من «قوات الدعم السريع» في شارع النيل بالعاصمة السودانية أمس (أ.ف.ب)

أكّدت قوى «إعلان الحرية والتغيير» استمرار الشلل الذي أصاب السودان، بسبب العصيان المدني، لليوم الثاني على التوالي، فيما شهدت شوارع الخرطوم حركة محدودة للمارة والسيارات، وتواصل إضراب العاملين في الخدمة المدنية بالقطاع الحكومي، وبقيت معظم المتاجر والمحال مغلقة. لكن إعلام المجلس العسكري الانتقالي قلل من تأثير الإضراب، وتحدث عن عودة العمل في كثير من المؤسسات. جاء ذلك فيما أبعدت الخرطوم ثلاث من قيادات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، على رأسهم نائب رئيسها ياسر عرمان، إلى جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان.
وأشار شهود إلى أن بنك السودان المركزي ومعظم البنوك التجارية والمصارف كانت شبه متوقفة عن العمل، أمس، فيما بقيت أبواب بعضها مغلقة تماماً، كما بقيت معظم أسواق العاصمة الرئيسية والفرعية مغلقة. كذلك توقفت في شكل تام معظم شركات القطاع الخاص، وتواصل الإضراب في القطاعات الخدمية الحكومية، مثل الصحة والكهرباء والمياه، ما عدا حالات الطوارئ.
وفي أحياء العاصمة، ظلت معظم المتاجر ومراكز الخدمات مغلقة، منذ اليوم الأول للاعتصام، كما توقف العمل في أسواق الذهب في مدن الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وقال القيادي في قوى «إعلان الحرية والتغيير» عضو وفدها المفاوض، مدني عباس مدني، إن العصيان المدني «يسير بوتيرة جيدة في يومه الثاني، بما يوضح مقدرة شعب السودان على مجابهة عنجهية المجلس العسكري، حتى تحقيق مطالب الثورة». وأضاف: «سنناقش مسألة الاستمرار في العصيان المفتوح، أم تحديد مدى زمني له».
وأوضح عباس أن التفاوض المباشر مع المجلس العسكري غير وارد، وقال إن المجلس يحاول فرض واقع سياسي وأمني جديد يقوم على الإرهاب والترويع، حسب رأيه. وتابع: «لن تنجح (مساعي المجلس العسكري) لأن السودانيين لن يقبلوا بحكم عسكري». وأضاف: «يريد المجلس العسكري التنصل حتى من اتفاقه القديم معنا».
وقال عباس لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المجلس لم يتعامل بجدية مع الوساطة التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. لكنه أضاف أن «قوى الحرية والتغيير» في تواصل مستمر مع اللجنة الأفريقية المعنية بالوساطة، ونتبادل معها الآراء والمقترحات بشأن المبادرة. وحمّل عباس، المجلس العسكري الانتقالي، المسؤولية عن مقتل العشرات منذ فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للجيش، الاثنين الماضي.
في المقابل، قللت تقارير بثتها وكالة الأنباء الرسمية «سونا» من تأثير الإضراب، إذ جاء فيها أن العمل انتظم في البنوك والمصارف، لليوم الثاني، عقب عطلة عيد الفطر المبارك، بما في ذلك بنك السودان وبنوك أخرى، إضافة إلى عودة خدمة المياه والكهرباء. وقالت الوكالة إن العمل يسير بانسياب في هذه الخدمات. لكن تقاريرها لا تتوافق مع ما يتم تداوله من فيديوهات وصور وتقارير للنشطاء حول أثر الإضراب.
من جهة أخرى، أبعد المجلس العسكري السوداني، ثلاث من قيادات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، جناح مالك عقار، إلى دولة جنوب السودان، وذلك بعد أن أطلق سراحهم مباشرة من معتقلهم في الخرطوم. ووصل الثلاثي إلى جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان. وقال مصدر إنهم شرعوا في ترتيب أوضاعهم قبل تحديد خطوتهم المقبلة. والثلاثة هم نائب رئيس الحركة ياسر عرمان، الذي اعتقل من مقر إقامته بالخرطوم، الثلاثاء الماضي، واقتيد إلى جهة غير معلومة، والأمين العام للحركة إسماعيل جلاب، والمتحدث باسمها مبارك أردول.
وقبل وصول الرجال الثلاثة إلى عاصمة جنوب السودان، نفت الأجهزة الأمنية الثلاثة (جهاز الأمن، المجلس العسكري، المخابرات العسكرية) اعتقال الرجال الثلاثة. بيد أن وصولهم إلى جوبا يؤكد أن جهة ما قامت باعتقالهم في الخرطوم قبل ترحيلهم إلى جنوب السودان.
وقال عرمان، في تغريدة على حساب بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عقب وصوله جوبا، إنه أُبعد غصباً عنه، وبغير إرادته، من الخرطوم إلى جوبا، على متن مروحية عسكرية، دون إبلاغه بالجهة التي سينقل إليها. وتابع: «سألتهم مراراً عن المكان الذي ينقلونني إليه دون جدوى». وأوضح أنه نقل إلى المروحية، مقيد الأيدي ومعصوب العينين، مع رفيقيه جلاب ومبارك أردول.
من جهتها، قالت «الحركة الشعبية»، في بيان، أمس، إن المجلس العسكري الانتقالي نفى قياداتها خارج البلاد، واصفة الخطوة بأنها تتنافى وكل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان. كذلك قال المتحدث باسم الحركة، مبارك أردول، في بيان موجز، إنهم وصلوا إلى جوبا بعد الظهر. وتابع: «تم إبعادنا دون رغبتنا». وأضاف: «أتينا بطائرة تابعة للقوات المسلحة، واستقبلنا استقبالاً حاراً ودافئاً من حكومة جنوب السودان».
كان عرمان قد كشف بعد أيّام من وصوله إلى الخرطوم، عن تلقيه رسائل هاتفية من كبار قادة المجلس العسكري تطالبه بمغادرة البلاد فوراً، بيد أنه لم يستجب لها. ويواجه عرمان في السودان حكماً بالإعدام صدر ضده غيابياً من قبل حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، على خلفية تمرده في جنوب كردفان والنيل الأزرق.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.