برلين تحذّر طهران من التصعيد ولا تَعدها بـ«معجزات» في الاتفاق النووي

وزير الخارجية الألماني أجرى مباحثات حول أوضاع المنطقة مع ظريف وروحاني

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية للحظة دخول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى مقر الرئيس حسن روحاني ويبدو نظيره محمد جواد ظريف في انتظاره
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية للحظة دخول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى مقر الرئيس حسن روحاني ويبدو نظيره محمد جواد ظريف في انتظاره
TT

برلين تحذّر طهران من التصعيد ولا تَعدها بـ«معجزات» في الاتفاق النووي

صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية للحظة دخول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى مقر الرئيس حسن روحاني ويبدو نظيره محمد جواد ظريف في انتظاره
صورة نشرها موقع الرئاسة الإيرانية للحظة دخول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى مقر الرئيس حسن روحاني ويبدو نظيره محمد جواد ظريف في انتظاره

حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في طهران أمس، من التصعيد العسكري في الشرق الأوسط وانفجار المواجهة بين إيران والولايات المتحدة، كما جدد التزام الدول الأوروبية بتفعيل آلية الدفع المالي لإنقاذ الاتفاق النووي. وفي المقابل، رهن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «خفض التوتر» برفع العقوبات، وقال: «لا يمكن أن يتوقع الذين يشنون حروباً كهذه أن يبقوا في أمان»، وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الضغوط الأميركية أدت إلى «ازدياد التلاحم والوحدة» بين أركان النظام، ودافع عن دور بلاده الإقليمي، عادّاً أن العقوبات «تهديد لاستقرار المنطقة».
وعقد ماس وظريف مؤتمراً صحافياً بعد محادثات استغرقت ساعتين من دون التوصل إلى نتائج محددة تتعلق بمساعي الحفاظ على الاتفاق النووي، لكن الوزير الألماني شدد على أهمية الحوار الصريح بين برلين وطهران. وفي الوقت ذاته، حرص ماس على تسليط الضوء على أوضاع المنطقة، بعد 3 محطات عربية توقف فيها، قبل أن يصل لطهران في وقت متأخر من أول من أمس.
وقال ماس إنه ناقش الأوضاع في سوريا، وإن «الوضع في المنطقة قابل جداً للانفجار وخطير للغاية... أي تصعيد خطير للتوترات القائمة يمكن أيضاً أن يؤدي لتصعيد عسكري» بحسب «رويترز».
وصرح ماس بأن «زيادة التوتر لن تخدم مصلحة أي طرف في المنطقة» وقال: «لقد تحدثت إلى الطرفين في الأيام الأخيرة، ولا أحد يريد التوترات في المنطقة»، مؤكداً: «أحمل هذه الرسالة من المنطقة إلى إيران» وفق ما نسبت وكالات رسمية إيرانية إلى ماس.
بدورها، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ماس قوله في هذا الصدد إنه «لا يمكن أن يصب ذلك في مصلحة أحد، لذلك يتعين تجنب هذا تحت كل الظروف».
ويعدّ ماس أكبر مسؤول من الدول الأوروبية الثلاث في الاتفاق النووي يزور طهران منذ إعلان الحكومة الإيرانية الشهر الماضي مهلة 60 يوماً لأطراف الاتفاق لرفع العقوبات وإعادة العلاقات البنكية، وإلا فستواصل مسار وقف تعهدات في الاتفاق. وتهدد إيران من جانبها بالرد بزيادة تخصيب اليورانيوم ما لم تجد القوى الأوروبية طريقة لحمايتها من تأثير العقوبات الأميركية.
ومع ذلك لم يقدم ماس عروضاً جديدة لضمان فوائد اقتصادية لإيران رغم المهلة الإيرانية، وأقر بوجود حدود للمساعدة التي يمكن للدول الأوروبية تقديمها. وقال في المؤتمر الصحافي: «نريد أن نفي بالتزاماتنا... لا يمكننا صنع معجزات، لكننا سنحاول تجنب فشل» الاتفاق النووي.
وفي وقت سابق من مباحثاته مع ظريف ذكّر ماس بأن هذا الاتفاق ينطوي «على أهمية قصوى» بالنسبة لأوروبا. وقال: «لا نريد أن تمتلك إيران أسلحة نووية».
وناقش ماس أمس الآلية المالية «إنستكس»، التي أطلقتها في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي الدول الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) المعارضة للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، في مسعى لحماية بعض قطاعات الاقتصاد الإيراني ومساعدتها في الالتفاف على العقوبات الأميركية. وفشلت المبادرة الاقتصادية الأوروبية حتى الآن، في حين عارض حلفاء واشنطن الأوروبيون قرارها العام الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي. وانسحبت الشركات الأوروبية الكبيرة التي أعلنت خططاً للاستثمار في إيران، من خططها منذ ذلك الحين خشية التعرض لعقاب من الولايات المتحدة.
وتريد الأطراف الأوروبية أن تفي آلية «إنستكس» بمعايير التمويل المشروع التي وضعتها مجموعة العمل المالي، ومقرها باريس، رغم أن إيران بصفتها دولة لم تمتثل لها بعد امتثالاً كاملاً.
وقال ماس: «هذه أداة جديدة من نوعها، لذا فإن تشغيلها ليس بسيطاً». وأضاف: «لكن كل المتطلبات الرسمية متوفرة الآن، لذا أفترض أننا سنكون مستعدين لاستخدامها في المستقبل القريب».
وأدانت إدارة ترمب الخطط الأوروبية. ونسبت «رويترز» لدبلوماسيين أن الأداة «لن يكون لها تأثير كبير، على الأرجح، على التجارة مع إيران، لكن يمكن استخدامها في المعاملات الإنسانية المسموح بها في العقوبات الأميركية».
وفي جزء آخر من كلامه، أعرب ماس بوضوح عن دعمه إسرائيل، وقال: «حق إسرائيل في الوجود جزء من المصلحة الوطنية الألمانية، وغير قابل للتفاوض بالنسبة لنا تماماً»، مؤكداً أن هذا الدعم نتاج التاريخ الألماني وأنه غير قابل للتغيير، وقال: «هذا يعني أن وجودي هنا في إيران لن يغير بالتأكيد في هذا الوضع شيئاً».
في المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه إذا بدأت الولايات المتحدة أو إسرائيل حرباً، فإن إيران ستدافع عن نفسها، وقال: «كما أننا سنحدد نهاية مثل هذا النزع، وليس الخصم».
وأضاف أنه أجرى «محادثات صريحة وجادة مع ماس... ستتعاون طهران مع الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق لإنقاذه».
وألقى ظريف باللوم على الولايات المتحدة في التصعيد. وأضاف: «خفض التوتر ممكن فقط من خلال وقف الحرب الاقتصادية التي تشنها أميركا... لا يمكن أن يتوقع الذين يشنون حروباً كهذه أن يبقوا في أمان»، مطالباً ألمانيا وباقي الشركاء الآخرين في الاتفاق النووي بالعمل من أجل تحقيق هذا الهدف.
واتهمت إيران الولايات المتحدة بشن حرب اقتصادية عليها بإعادة فرض العقوبات وتوسيعها. ومع ذلك فقد أبلغ ظريف نظيره الألماني ماس بأنها «ما زالت تريد العمل مع القوى الأوروبية لإنقاذ الاتفاق».
وأثارت تصريحات وردت على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران يهدف إلى توسيع اتفاق فيينا عبر إدخال مزيد من القيود للحدّ من نشاط إيران الباليستي وسياستها في المنطقة، غضب الإيرانيين قبل وصول ماس، كما عززت مخاوف في طهران من ابتعاد أوروبا واقترابها من مواقف الإدارة الأميركية، خصوصاً بعدما أكد ماكرون على ضرورة استمرار القيود على برنامج إيران النووي حتى ما بعد 2025؛ وهو عام نهاية الاتفاق النووي.
ورفضت طهران الجمعة الماضي اقتراح الرئيس ماكرون. وقال ظريف أول من أمس إن «الأوروبيين ليسوا في وضع يسمح لهم بانتقاد إيران، حتى في القضايا التي لا علاقة لها» باتفاق فيينا.
واختتم ماس، أمس، مشواره بمباحثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أعرب عن رغبة إيران في تنمية العلاقات السياسية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً ألمانيا؛ وفق ما نقل موقع الرئاسة الإيرانية.
ودافع روحاني عن دور إيران في المنطقة، خصوصاً في أفغانستان والعراق وسوريا، وعدّ «دورها مؤثراً وإيجابياً».
ووجه روحاني انتقادات إلى مواقف المسؤولين الأوروبيين إزاء خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع طهران بعد 12 عاماً من المحادثات؛ على حد تعبير الرئيس الإيراني.
واتهم روحاني الولايات المتحدة بـ«ممارسة الإرهاب الاقتصادي» على إيران؛ في إشارة إلى العقوبات، عادّاً أن الضغوط على إيران «تهديد لاستقرار المنطقة».
وقال روحاني في هذا الشأن إن «أمن المنطقة لن يتحقق أبداً عبر ممارسة الضغوط والعقوبات على إيران»، لافتاً إلى «أهمية الاتفاق النووي في الحفاظ على أمن المنطقة». وأضاف: «الولايات المتحدة اختارت المسار الخطأ. أركان البلد والشعب أصبحا أكثر تلاحماً ووحدة منذ العام الماضي، ومن المؤكد أن قرارات الولايات المتحدة لن تنفعهم ولن تنفع الآخرين؛ خصوصاً الاتحاد الأوروبي».
في هذه الأثناء، نقل التلفزيون الإيراني عن المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي انتقاده الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لـ«فشلها» في إنقاذ الاتفاق. وقال: «حتى الآن لم نشهد تحركات عملية وملموسة من الأوروبيين لضمان مصالح إيران... طهران لن تبحث أي قضية خارج نطاق الاتفاق النووي». وقال موسوي إن «الاتحاد الأوروبي ليس في موقف يؤهله لطرح أسئلة عن قضايا إيران بخلاف الاتفاق النووي».



ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)
متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت جنت فيه البنوك والشركات الكبرى ومصانع الأسلحة في إسرائيل أرباحاً كبيرة، أشار تقرير اقتصادي جديد، الاثنين، إلى أن نحو ربع المواطنين يعيشون في حالة فقر وانعدام أمن غذائي، ونحو 34 في المائة منهم من الأطفال في البلاد (وهم 1.075.500) مليون طفل. ولدى الدخول في التفاصيل يتضح أن غالبية هؤلاء الفقراء هم من المواطنين الذين يعيشون في عائلات كثيرة الأولاد، من العرب (فلسطينيي 48) ومن اليهود المتدينين (الحريديم).

وقد وردت هذه المعطيات في تقرير نشرته منظمة «لاتت»، التي تتابع الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية للمواطنين بشكل مستقل عن التقارير الرسمية. وجاء فيها أن الوضع الاقتصادي للأسر التي تدعمها «لاتت» ومنظمات الإغاثة المماثلة، تراجَع لدى 65 في المائة. وأن نحو نصف الأهل الذين يحصلون على المساعدات اضطروا إلى التخلي عن بدائل حليب الأم أو استخدام كمية أقل من الكمية التي أوصي بها، وأن 80 في المائة من الأهل الذين يحصلون على المساعدات لم يكن لديهم المال لشراء ما يكفي من الطعام.

وأكد التقرير أن هذا الوضع ترك أثره حتى على القرارات المتعلقة بصحة المدعومين. وأفاد 86.4 في المائة منهم بأنهم اضطروا إلى التخلي عن المساعدة النفسية، فيما أكد 70.8 في المائة أنهم تخلوا عن شراء الأدوية أو العلاج الطبي اللازم.

وحسب التقرير، يعيش في إسرائيل 2.756.000 مليون شخص فقير، أي 28.7 في المائة من إجمالي السكان، بينهم 1.240.000 مليون طفل، يشكلون 39.6 في المائة من الأطفال. ويحذر التقرير من وجود أسر في الطبقة المتوسطة والمنخفضة خطراً ملموساً من التدهور إلى الفقر. وفي ظل اتساع الأزمة، أفادت 70.9 في المائة من الجمعيات التي تساعد على توفير المواد الغذائية بانخفاض التبرعات العام الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، وفقاً للتقرير، ارتفع الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية للأسرة في إسرائيل في العام الماضي بنسبة 6.9 في المائة، بينما في عام 2023 كان الحد الأدنى لتكلفة المعيشة الشهرية لأسرة مكونة من بالغين وطفلين 12.735 شيقل (الدولار الأمريكي يعادل 3.6 شيقل). وفي عام 2024، وصل إلى 13.617 شيقل، وهذا يعني مبلغاً إضافياً قدره 10.500 شيقل لكل أسرة في السنة.

ومن المؤشرات التي تظهر في التقرير أن 84.8 في المائة من العائلات المدعومة تعاني «نقص الطاقة» وتواجه صعوبات في تدفئة المنزل في الشتاء، وتبريده في الصيف، أو أنه لا يمكنها فعل ذلك أبداً. وجرى قطع التيار الكهربائي عن 22.1 في المائة من العائلات المدعومة في السنة الأخيرة، بسبب عدم تسديد حساب الكهرباء.

وفيما يتعلق بالتعليم، أفاد التقرير بأن التحصيل الدراسي تراجع لدى 44.6 في المائة من الأطفال في العائلات المدعومة، بينما هذه النسبة هي 14.1 في المائة لدى إجمالي السكان. وتسرب 22.8 في المائة من الأطفال في هذه العائلات من المدارس، و18.9 في المائة اضطروا إلى الانتقال إلى مدارس داخلية بسبب الضائقة الاقتصادية.

المعروف أن هذه المعطيات لا تعكس بعد تأثير الحرب وتبعاتها على المجتمع الإسرائيلي. ويُتوقَّع أن تزداد الأوضاع الاقتصادية حدةً مع بدء تطبيق الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة لتسديد تكاليف الحرب الباهظة، التي تقدَّر في الحسابات المتفائلة بأكثر من 200 مليار شيقل، حتى الآن، وهي تشمل زيادة ديون الدولة بنسبة 10 في المائة. ولكي تعوض الحكومة هذه الخسائر قررت إجراء تخفيضات كبيرة في خدمات الدولة وارتفاع كبير في الأسعار وزيادة الضرائب وتجميد الأجور والرواتب. وقد رفضت الحكومة إجراء أي تخفيض في ميزانيات الاستيطان، وأقرَّت زيادة كبيرة في ميزانيات الجيش.