جدل حول «استثناء» وزراء جزائريين من إجراءات حبس رجال أعمال مرتبطين بهم

عقب إيداع ملياردير السجن مع نجله وشقيقيه

محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية والتي مثل أمامها أمس  مسؤولون ورجال أعمال في قضية فساد يحقق بها القضاء (أ.ف.ب)
محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية والتي مثل أمامها أمس مسؤولون ورجال أعمال في قضية فساد يحقق بها القضاء (أ.ف.ب)
TT

جدل حول «استثناء» وزراء جزائريين من إجراءات حبس رجال أعمال مرتبطين بهم

محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية والتي مثل أمامها أمس  مسؤولون ورجال أعمال في قضية فساد يحقق بها القضاء (أ.ف.ب)
محكمة سيدي أمحمد في العاصمة الجزائرية والتي مثل أمامها أمس مسؤولون ورجال أعمال في قضية فساد يحقق بها القضاء (أ.ف.ب)

يحتدم في الجزائر حالياً جدل حول سبب عدم سجن أي من كبار المسؤولين السياسيين، ممن كانوا غطاءً وفّر الحصانة وامتيازات ضخمة لرجال أعمال بارزين يوجدون في السجن بتهم فساد. ومن آخر هؤلاء رجل الأعمال محيي الدين طحكوت، مالك شركة خدمات النقل الجامعي الوحيدة في البلاد، الذي يملك أيضاً شركة تركيب سيارات، وقد أودعته المحكمة الحبس الاحتياطي، فجر أمس، مع نجله واثنين مع أشقائه.
وظلت صور طحكوت وأفراد عائلته، وهم ينزلون من عربة الدرك الوطني، ويدخلون إلى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أمس، متداولة على شكل واسع أمس في شبكات التواصل الاجتماعي وفي نشرات الأخبار بالفضائيات المحلية. وقالت وكالة الأنباء الحكومية إنه موقوف بشبهة التورط في قضايا «تتعلق بالاستفادة من امتيازات غير مستحقة، منحت له من طرف كوادر بالديوان الوطني للخدمات الجامعية ووزارة النقل، بشأن نشاطه في الخدمات الجامعية، وأيضاً من طرف كوادر بوزارة الصناعة والوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، في القضية المتعلقة بشركة (سيما موتورز) (لتركيب سيارات آسيوية) التي يملكها».
واستمع قاضي التحقيق أيضاً إلى مسؤولين حكوميين، أمس، في هذه القضية، لكن لم يوجه لهم أي تهمة. وشوهد رئيس الوزراء سابقاً أحمد أويحيى ووالي الجزائر العاصمة سابقاً عبد القادر زوخ، وهما يدخلان المحكمة في الوقت نفسه تقريباً، من دون أن تعلن أي جهة عن سبب حضورهما. لكن ليس خافياً على أحد في الأوساط السياسية الجزائرية أن طحكوت كان يُعتبر قريباً من أويحيى وزوخ عندما كانا في السلطة.
وتم الاستماع إلى أويحيى وزوخ و11 وزيراً سابقاً، قبل أيام قليلة، في شبهات فساد تخص الإخوة كونيناف، وهم ثلاثة رجال أعمال أصحاب شركات وعقارات، عرفوا بعلاقات قوية مع عائلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. والثلاثة في الحبس الاحتياطي أيضاً، إضافة إلى رئيس «منتدى رؤساء الشركات» علي حداد، الذي يرتقب إصدار حكم ضده بعد أيام، وقد طلبت النيابة إدانته أثناء محاكمته بـ18 شهراً حبساً مع النفاذ. كما تم سجن الملياردير يسعد ربراب، الذي اشتهر على عكس الآخرين، بمعارضته الشديدة لنظام حكم بوتفليقة.
واستغرب ناشطون ما وصفوه بـ«استثناء» مسؤولين سياسيين من الحبس الاحتياطي، في المتابعات ضد رجال الأعمال. وقالوا إنه لولا نفوذ هؤلاء المسؤولين والمناصب والوظائف السامية التي كانوا فيها، لما تمكن مقاولون وتجار مثل طحكوت وحداد من أن يصبحوا في ظرف سنوات قليلة من أكبر أغنياء البلاد. ويُشتبه في أن هؤلاء التجار امتلكوا ثروات هائلة، وأقاموا شركات واستثمارات بفضل قروض بنكية قدمت لهم دون ضمانات، وبفضل قوانين خيطت على مقاسهم، ليأخذوا المشروعات المربحة في قطاعات البترول والغاز والري والأشغال العمومية.
وقال الصحافي والناشط الحقوقي حسان بوراس، إن محيي الدين طحكوت «ليس متهماً بقدر ما هو ضحية لمنظومة فاسدة متكاملة تختفي وراء اسمه، واستعملته كواجهة للاستيلاء على المال العام مثلما فعلت مع علي حداد بائع الدلاع (البطيخ) وقبلهما عبد المؤمن الخليفة الصيدلي (ملياردير في السجن منذ سنوات). اليوم الجهاز القضائي المُعسكر يسجن الصنيعة، ويترك الصانع حراً طليقاً».
من جهته، ذكر الكاتب الصحافي نجيب بلحيمر: «لعل أول ما يقفز إلى أذهاننا، ونحن نتابع أخبار استدعاءات رجال الأعمال والإطارات وكبار المسؤولين السابقين للتحقيق في قضايا الفساد هذه، هو الحديث الذي كان متداولاً حول الشبهات التي تحوم حول مشروعات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، لكن ذلك الحديث بقي مصنفاً ضمن ما يصفه الخطاب الرسمي بالإشاعات المغرضة التي يروجها من يريدون التشويش على الجهود المخلصة التي تبذل من أجل تنمية البلاد».
ويرى بلحيمر أن «ما تحرك القضاء للنظر فيه اليوم، كان محل شبهة منذ سنوات، وهذا يعني ببساطة أن القضاء كان مقيّداً، ولم يكن يسمح له بالتحرك، وهذا يضع القضاة أمام مساءلة أخلاقية كبيرة، فضلاً عن أنه يمثّل امتحاناً أيضاً لوسائل الإعلام وللنظام القائم ككل، ويكشف حجم الفساد الذي غرقت فيه البلاد، والذي تحول إلى نظام قائم بذاته له تراتبيته وقوانينه وغطاؤه السياسي الذي يجعله محصناً من أي ملاحقة، وحتى المحاكمات الآن قد تتوقف عند مستوى معين، لأن الآثار قد تطمسها الأوامر الشفوية التي تأتي عبر الهاتف».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.