قال مستشار الصناعات الدفاعية التركية، إسماعيل دمير، إن الولايات المتحدة لم تشكل مجموعة عمل مشتركة لتقييم مخاوفها بشأن شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400»، بموجب اقتراح من أنقرة، في الوقت الذي أكد فيه مسؤولون أتراك عدم حدوث تغيير على خطط بلادهم لتسلم المنظومة الروسية.
وقال دمير، أمس، إن المسؤولين الأتراك يجهزون رداً على خطابٍ من وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، باتريك شاناهان، المرسل إلى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الخميس الماضي، الذي أوضح فيه خطوات إقصاء تركيا من برنامج تصنيع وتطوير مقاتلات «إف 35» بحلول 31 يوليو (تموز) المقبل، إذا واصلت قدماً في تنفيذ صفقة «إس 400». وبدأت هذه الإجراءات بوقف استقبال الطيارين الأتراك للتدريب على المقاتلات، التي كان مقرراً حصول تركيا على 100 منها، تسلمت منها اثنتان في يونيو (حزيران) 2018، لكنهما بقيتا في أميركا لتدريب الطيارين الأتراك عليهما.
وتقول واشنطن إن المنظومة الروسية تشكل تهديداً على مقاتلات «إف 35» التي تنتجها شركة «لوكهيد مارتن».
وأكد مسؤولون أتراك عدم وجود تغيير في خطوات أنقرة لاستكمال صفقة شراء صواريخ «إس 400»، حسبما نقلت صحيفة «حرييت ديلي نيوز» التركية عن المسؤولين الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم. وأضاف المسؤولون أن «بعض المؤسسات الأميركية لا تريد أن تأخذ بعين الاعتبار القضايا التي اتفق عليها الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والأميركي دونالد ترمب، في السابق، وأن اقتراح تركيا تشكيل لجنة فنية مشتركة مع الولايات المتحدة لبحث مسألة (إس 400) لا يزال مطروحاً».
وتصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا، في الشهور الأخيرة، مع اقتراب موعد تسليم روسيا منظومة «إس 400» لأنقرة، التي تعتبرها واشنطن تهديداً لأنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومقاتلات «إف 35» الأميركية التي تسعى أنقرة للتزود بها.
في السياق ذاته، كشفت صحيفة «يني شفق» التركية عن وضع السلطات بدائل للمقاتلة الأميركية «إف 35»، عقب تهديد الولايات المتحدة بعدم منحها لأنقرة، منها المقاتلة الروسية «سوخوي 57»، والصينية «جي 31» عقب إرسال شاناهان خطابه إلى نظيره التركي خلوصي أكار.
وقررت السلطات الأميركية في أبريل (نيسان) الماضي، تجميد صفقة بيع 100 مقاتلة «إف 35» إلى تركيا، حيث شاركت الأخيرة في نسبة ما بين 6 إلى 7 في المائة من أجزاء هذه الطائرة.
في غضون ذلك، كشفت تقارير أن إردوغان يكثف البحث عن مخرج من «ورطة» صواريخ «إس 400» الروسية، رغم تأكيده في العلن تمسكه بها. ونقلت مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن مصادر «رفيعة» لم تسمها، أن إردوغان يصر في العلن على التمسك بالصفقة مع روسيا، لكنه يبحث باستماتة خلف الأبواب المغلقة عن مخرج من الورطة التي وضع بلاده فيها، مع إظهار واشنطن حسمها في القضية.
وذكرت المصادر أن إردوغان يخشى التراجع بشكل مفاجئ وغير مبرر عن الصفقة، ما ستنتج عنه أزمة حادة في العلاقات مع روسيا التي يحتاجها بشدة في ضوء تعقد الأوضاع في سوريا، لكنه يدرك أيضاً أن التمسك باستكمال الصفقة يعني عزلة دولية لتركيا، ويعرض اقتصادها «المترنح بالأساس» إلى هزة عنيفة جداً، لأن واشنطن لن تتوانى عن فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة على أنقرة، وتهميشها سياسياً وعسكرياً داخل حلف «الناتو».
واعتبرت المصادر أن المخرج الوحيد أمام تركيا الآن بات تشكيل لجنة مشتركة مع واشنطن ودول «الناتو»، لفحص «الثغرات الأمنية» في منظومة الحلف الدفاعية ومقاتلات «إف 35» قبل تسلم المنظومة الروسية. وفي حال اكتشاف ثغرات بالفعل في المنظومتين، وهذا مرجح، سيكون التراجع عن الصفقة مع روسيا مبرراً.
وكان إردوغان كرر حديثه، الأسبوع الماضي، عن المقترح التركي للولايات المتحدة، بتشكيل لجنة مشتركة لمراجعة ملف منظومة الدفاع الجوي في تركيا بشكل عام، ما يعني أنه بدأ السير في هذا الطريق.
ويعول إردوغان على اللقاء المحتمل مع ترمب، على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في اليابان، أواخر يونيو الحالي، للخروج من الأزمة بأقل الخسائر.
في شأن آخر، انتقدت الخارجية التركية تحذير قبرص من إلقاء القبض على العاملين على سفينة «الفاتح» التركية للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط. وقالت، في بيان، أمس، إنه إذا كان قرار قبرص صحيحاً، فهذا يعد تجاوزاً للحدود، وهو في حكم العدم بالنسبة لأنقرة، والذين يتجرأون على هذه الخطوة، عليهم أن يدركوا ردة فعلنا.
كانت السلطات القبرصية أصدرت تحذيراً للشركات والأفراد الداعمين للأعمال «غير القانونية» لسفينة الحفر التركية، مؤكدة أنهم سوف يواجهون عواقب قد تشمل إصدار مذكرة توقيف دولية بحقهم. كما نددت قبرص، بشدة، بقيام تركيا بعمليات تنقيب عن المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز) داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لها (الجرف القاري) التي أعلنت عنها تركيا في 4 مايو (أيار) الماضي. وأشارت إلى أنه يجري بالفعل اتخاذ إجراءات على المستوى القانوني والسياسي والدبلوماسي بهذا الشأن.
وأثارت الخطوات التي تقوم بها تركيا انتقادات شديدة من جانب قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، إلى جانب مصر، التي حذرت أنقرة في حينها من «انعكاس أي إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط».
وقالت السلطات القبرصية، في رسالة التحذير، «ما تقومون به هو عمليات غير قانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري لجمهورية قبرص، أفعالكم تنتهك القانون الدولي وإجراءات السلامة البحرية، وأنتم ترتكبون جرائم جنائية خطيرة بموجب قوانين جمهورية قبرص».
وأضافت: «أي أفراد وشركات، يعملون، أو يقدمون خدمات، ويساعدون ويلتمسون دعم الأعمال غير القانونية لسفينة التنقيب التركية (الفاتح) ينتهكون حقوق جمهورية قبرص والقانون الدولي وإجراءات السلامة البحرية»، مشددة على أنهم سيواجهون جميع النتائج، وفقاً للقانون الأوروبي والدولي، وستصدر مذكرة اعتقال دولية بحقهم. وتابعت: «نطالب بالتوقف الفوري لأفعالكم غير القانونية».
في شأن آخر، يلتقي وزير العدل التركي عبد الحميد غل، نظيره الأميركي بيل بار، اليوم، في واشنطن، على هامش مشاركته في «اليوم التركي - الأميركي»، وذلك للبحث مجدداً في تسليم فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة انقلاب 15 يوليو 2016، بالإضافة إلى التعاون القضائي بين البلدين.
كما سيلتقي غل، غداً الأربعاء، أعضاء في الكونغرس الأميركي وممثلي منظمات مجتمع مدني، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية في ندوة يعقدها وقف الميراث التركي بواشنطن، سيتطرق خلالها إلى قضية بقاء غولن في الولايات المتحدة، حيث يقيم في ولاية بنسلفانيا كمنفى اختياري منذ عام 1999. وطالبت تركيا مراراً بتسليم غولن، إلا أن الإدارة الأميركية طالبتها بتقديم أدلة دامغة على ضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة، مؤكدة أنها قضية تخضع للقضاء، وليست شأناً سياسياً.
إلى ذلك، وافق حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم، وحزب «الشعب الجمهوري» المعارض، التركيان، على إقامة مناظرة تلفزيونية بين مرشحيهما لرئاسة بلدية إسطنبول، بن علي يلدريم، وأكرم إمام أوغلو، مساء الأحد المقبل.
وستعقد المناظرة قبل أسبوع واحد من انتخابات الإعادة على منصب رئيس البلدية، الذي سبق أن فاز به مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، لكن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم رفض الاعتراف بالنتيجة، وشكك فيها، وقدم سلسلة طعون إلى اللجنة العليا للانتخابات، التي اتخذت قراراً مثيراً للجدل في 6 مايو الماضي، بإلغاء نتيجة الاقتراع على منصب رئيس البلدية فقط، وإعادته في 23 يونيو الحالي، دون إعادة الانتخابات بالكامل في إسطنبول التي شكلت خسارتها ضربة قوية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وحزبه.
كان أكرم إمام أوغلو، الذي أُقصي من منصبه بعد 18 يوماً فقط من تسلمه، عقب سلسلة من إعادات فرز الأصوات في دوائر إسطنبول، وتدقيق الأصوات الباطلة، طلب إجراء المناظرة مع منافسه يلدريم الذي علق قبوله لها على موافقة الحزبين.
وتشير آخر استطلاعات للرأي إلى تفوق أكرم إمام أوغلو، الذي يخوض حملة انتخابية ناجحة، بفارق يتراوح بين نقطة و5 نقاط على يلدريم، وأنه في سبيله لتكرار الفوز بمقعد رئيس البلدية مجدداً، وسط تعاطف واسع من الناخبين الذين يرون أن ما قامت به اللجنة العليا للانتخابات تم تحت الضغط وشكل ضربة للديمقراطية واغتصاباً للمنصب من المرشح الفائز إمام أوغلو.
أنقرة تبحث عن مخرج من أزمة «إس 400»
الخارجية التركية انتقدت تحذير قبرص بشأن غاز المتوسط... ومناظرة مرتقبة بين إمام أوغلو ويلدريم
أنقرة تبحث عن مخرج من أزمة «إس 400»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة