طلاب الطب في المغرب يقاطعون الامتحانات بنسبة 100 %

الممرضون يخوضون إضراباً عن العمل 5 أيام

TT

طلاب الطب في المغرب يقاطعون الامتحانات بنسبة 100 %

فشلت الحكومة المغربية في إقناع طلاب الطب باجتياز الامتحانات التي انطلقت أمس، حيث بلغت نسبة المقاطعة 100 في المائة بمختلف الجامعات المغربية، الأمر الذي يجعل سيناريو السنة البيضاء أمراً وارداً رغم استبعاده في مناسبات عدة من طرف وزراء ومسؤولين حكوميين.
وقال حمزة قرمان، عضو التنسيقية الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان، إن مقاطعة الامتحانات كانت «مائة في المائة بمختلف الجامعات». وأضاف: «لم نلزم أي طالب بمقاطعة الامتحانات، بل كانت المقاطعة عن وعي وقناعة».
وأفاد قرمان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، بأن الطلبة الأطباء قرروا «عدم الحضور للكليات حتى لا تتم عرقلة السير العادي للامتحانات»، مبرزاً أن المقاطعة الشاملة للامتحانات جاءت «رداً على وزارتي التربية والتعليم، والصحة، اللتين اتهمتا التنسيقية بعدم إيصال صوتها لعموم الطلبة الأطباء الذين أعلنوا رفضهم لبيانها».
وأكد قرمان أن الطلبة الأطباء المغاربة «لا يسعون وراء تسجيل سنة بيضاء، وإنما نريد اجتياز الامتحانات بعد الاستجابة لمطالبنا المشروعة». وشدد على أنه «إذا أرادت الوزارة أن تعتبر جميع طلبة كليات الطب رسبوا في الامتحانات، وأن نسبة الرسوب تصل فيها مائة في المائة، سيكون لذلك انعكاس سلبي على صورة هذه الجامعات».
واتهم عضو التنسيقية الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان المغاربة، وزارة التربية والتعليم والصحة، بـ«تمويه الرأي العام وعدم الأخذ بعين الاعتبار مقترحاتنا في صياغة الاتفاق الذي أعلنت نقاطه الـ14»، معتبراً أن ما أعلن عنه «فيه تراجع ببعض النقاط مقارنة مع الصيغة السابقة». وبشأن النقطتين الخلافيتين بين الحكومة والطلبة الأطباء، المتمثلين في الإقامة والسنة السادسة بالنسبة لطلبة طب الأسنان، قال قرمان «إن النقطتين تمثلان 90 في المائة من أهمية الملف المطلبي للطلبة الأطباء»، معتبراً أن الإقامة «هي مستقبل الطلبة الأطباء وحقهم في التكوين المستمر، لذلك نطالب بالمحافظة على حقنا في التكوين المستمر وضمان جودة التكوين».
وزاد محذّراً مما سماه «الاستمرار في محاولة قتل كليات الطب العمومية». وأضاف: «لا نريد تكرار الأخطاء نفسها التي سقطت فيها المدرسة العمومية، ونسعى للحفاظ على كليات الطب باعتبارها مكتسباً للشعب المغربي».
ودعا قرمان، الحكومة، ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الصحة، إلى التحلي بـ«المسؤولية والجدية والكف عن المماطلة لإيجاد حل للملف»، مشدداً على أهمية تجاوب الوزارة مع مطالب الطلبة الأطباء من خلال «التفاوض المباشر والرد على مقترحاتنا التي أرسلناها، كما طلب منا، ولم نتلق أي جواب عليها، سواء بالقبول أو الرفض».
وشهدت كليات الطب تنظيم وقفات احتجاجية لآباء الطلبة الذين قاطعوا الامتحانات، طالبوا فيها الوزارة والحكومة بالاستجابة لمطالبهم التي وصفوها بـ«العادلة»، مؤكدين دعمهم الكامل لأبنائهم في معركتهم المستمرة منذ شهر مارس (آذار) الماضي، بعد إعلانهم مقاطعة الدراسة، وخوض العديد من المظاهرات الاحتجاجية.
في غضون ذلك، دخل الممرضون وتقنيو الصحة المغاربة، أمس، في إضراب لخمسة أيام، احتجاجاً على الحكومة، وعدم استجابتها لمطالبهم «المشروعة»، حيث تعتزم حركة الممرضين وتقنيي الصحة بالمغرب تنظيم اعتصام أمام وزارة الصحة، غداً الأربعاء، ومسيرة وطنية احتجاجية بالعاصمة الرباط، الخميس المقبل.
ويتهم الممرضون وزارة الصحة بأنها «لا تملك عرضاً جدياً للخروج من الأزمة} ويقولون إن {جلسات الحوار التي تتم مع النقابات هي للاستهلاك فقط».
ويطالب الممرضون وتقنيو الصحة المغاربة، الحكومة، بـ«الإنصاف في التعويض عن الأخطار المهنية، وإحداث هيئة وطنية للممرضين وتقنيي الصحة، وإدماج الممرضين وتقنيي الصحة العاطلين في إطار النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية». كما يتمسكون بدعوة الحكومة إلى القطع مع «سياسة التعاقد، وإنصاف ضحايا المرسوم رقم 535 - 17 - 2، ومراجعة شروط الترقي»، ويشددون على أن مسؤولية السلم الاجتماعي المفقود في القطاع الصحي «تتحملها وزارة الصحة والحكومة».
في موضوع منفصل، دخل أمس، ما يزيد على مائتي متصرف تربوي في اعتصام إنذاري بمقر مديرية الموارد البشرية لوزارة التربية الوطنية في الرباط، مع إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد، للمطالبة بحل «عاجل لملفهم المطلبي». وقال محمد مصلح، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للمتصرفين التربويين، ضحايا المرسوم 2.18.294 المحدث لإطار متصرف تربوي، البالغ عددهم نحو 350 موظفاً، إن الخطوة الاحتجاجية تأتي رداً على «عدم التزام وزارة التربية الوطنية بتقديم جواب على مطالبنا، كما وعدت الأسبوع الماضي. وأضاف مصلح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «اقتحمنا مديرية الموارد البشرية لوزارة التربية الوطنية بالرباط ونخوض إضراباً عن الطعام لمدة يومين إلى أن يتحقق مطلب الحوار، وتتم الاستجابة إلى مطالبنا»، مؤكداً أن الأمور تبقى مفتوحة على الاحتمالات كافة، ويمكن أن «ننفذ مبيتاً ليلياً في مقر مديرية الموارد البشرية».
ويطالب المحتجون، وزارة التربية والتعليم، بإصدار لائحة استدراكية بأسماء «جميع خريجي مسلك الإدارة التربوية الذين اجتازوا امتحانات الكفاءة المهنية دورة 2018 بناءً على استدعاءات رسمية حفظاً لمصداقية هذه المباريات وصوناً للحقوق المشروعة للمرشحين».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.