الخلافات تتصاعد داخل «الأصالة والمعاصرة» المغربي

بنشماش يتمسك بعدم قانونية اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر في أغادير

TT

الخلافات تتصاعد داخل «الأصالة والمعاصرة» المغربي

تتواصل فصول الأزمة المستفحلة داخل حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض، بين أمينه العام حكيم بنشماش، ومعارضيه من القيادات الرافضة لطريقة تدبيره شؤون الحزب، بعد قرارات الإقالة التي أصدرها في حق عدد من مناوئيه.
وفي آخر التطورات، أعلن بنشماش أن الدعوة إلى اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، الذي يستعد خصومه لعقده في 15 يونيو (حزيران) الحالي بمدينة أغادير (جنوب البلاد)، «لا تقوم على أي أساس قانوني، ولا تستند إلى أي مشروعية تنظيمية أو سياسية». وأضاف بنشماش في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الدعوات التي يروج لها في بعض مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية لعقد اجتماعات باسم حزب «الأصالة والمعاصرة» بمدينة أكادير «تتعارض مع القرارات الصادرة عن أجهزة الحزب». وأكد بنشماش أن الأمانة العامة للحزب أقرت «بإجماع أعضائها عدم شرعية استمرار اجتماع اللجنة التحضيرية، وما ترتب عنه من نتائج بعدما رفع الأمين العام أشغال اللجنة التحضيرية»، معتبراً أن أي اجتماع باسم اللجنة التحضيرية «لا شرعية له، كما أنه يعتبر خطأ جسيماً، بحسب مقتضيات المادة 64 من النظام الأساسي».
وزاد بنشماش أن دعوة المنسق الجهوي السابق للحزب إلى عقد لقاء تواصلي باسم «الأصالة والمعاصرة» تعد «خرقاً سافراً للقرار الصادر عن الأمانة العامة للحزب بتاريخ 23 مايو (أيار) 2019، الذي تم بموجبه إعلان شغور مناصب المنسقين الجهويين بمقتضى المادة 69 من النظام الداخلي».
ورد برلمانيو ومستشارو «الأصالة والمعاصرة» بجهة سوس – ماسة، على بيان بنشماش، معلنين رفضهم قرار إقالة الأمين الجهوي للحزب محمد ودمين وتمسكهم به، علماً بأن قرار الأمين العام للحزب شمل إقالة 9 أمناء جهويين من أصل 11. وجاء في رسالة موجهة لبنشماش وقّعها ستة برلمانيين من «الأصالة والمعاصرة» اطلعت عليها «الشرق الأوسط»: «نوجه عنايتكم، نحن نواب ومستشارو حزب الاصالة والمعاصرة لجهة سوس – ماسة، أننا نرفض رفضاً باتاً إقالة الأمين الجهوي السيد محمد ودمين، ونتمسك به، ونعتبر قراركم باطلاً وغير معنيين به؛ لمخالفته الأنظمة الداخلية ولغير ذلك من الأسباب».
وتعليقاً على بيان أمين عام «الأصالة والمعاصرة»، قال النائب عبد اللطيف وهبي، الذي يعد أحد أبرز مناوئي بنشماش، إن هذا الأخير «وضع نفسه خارج القانون وليقل ما يشاء لأنه فقد مصداقيته». وأضاف وهبي في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط»، أن قرارات الطرد التي أصدرها الأمين العام جاءت «خارج القانون وليس لها أي أساس»، مشدداً على أن معارضي بنشماش عازمون على المضي قدماً في عقد اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع بمدينة أغادير في 15 من الشهر الحالي.
وبشأن اللجوء إلى القضاء للطعن في قرارات بنشماش التي طالت معارضيه، أوضح وهبي أنه يشتغل على هذا الملف مع عدد من أعضاء الحزب و«جاري اللجوء إلى القضاء»، مؤكداً أن قرارات الأمين العام «غير قانونية، وسنطعن فيها أمام المحكمة لأنها وسيلة منحها لنا القانون»، وفق ما أعلنه في لقاء صحافي عقده الأسبوع الماضي.
ويتوقع أن تعرف الأيام المقبلة تصاعد وتيرة الخلافات بين الفريقين المتصارعين على قيادة الحزب الذي يوصف بالقريب من السلطة، وذلك في محاولة من الطرفين لكسب المزيد من الدعم والتأييد وسط أعضاء الحزب قبل المؤتمر الوطني الرابع المرتقب عقده أواخر العام الحالي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».