احتفال قائد ليفربول ووالده يجسد لحظات الفرح بعد المعاناة

هندرسون رفع كأس دوري الأبطال لكن مشهد عناقه لأبيه يتجاوز كرة القدم

هندرسون على منصة التتويج يحتفل بكأس أبطال أوروبا في لحظة وعد بها والده منذ أن كان طفلاً (أ.ف.ب)
هندرسون على منصة التتويج يحتفل بكأس أبطال أوروبا في لحظة وعد بها والده منذ أن كان طفلاً (أ.ف.ب)
TT

احتفال قائد ليفربول ووالده يجسد لحظات الفرح بعد المعاناة

هندرسون على منصة التتويج يحتفل بكأس أبطال أوروبا في لحظة وعد بها والده منذ أن كان طفلاً (أ.ف.ب)
هندرسون على منصة التتويج يحتفل بكأس أبطال أوروبا في لحظة وعد بها والده منذ أن كان طفلاً (أ.ف.ب)

كان الوقت قبيل أعياد الكريسماس عام 2013 عندما توجه بريان هندرسون، ضابط شرطة متقاعد من منطقة تاين ووير في شمال شرقي إنجلترا، إلى المستشفى لإزالة كيس دهني من رقبته ليفاجأ بالأطباء يخبرونه أنه ورم سرطاني وأنه ليس هناك ما يضمن الشفاء منه تماماً، مثلما الحال دوماً مع هذا المرض اللعين.
في البداية، لم يرد إخبار ابنه، جوردون، بالأمر لقلقه من أن يؤثر عليه الخبر بالسلب وعلى أدائه كلاعب كرة قدم، خاصة أن هذا النبأ الصادم جاء في وقت كان جوردون، والذي كان في الـ23 من عمره حينها، يواجه صعوبة بالفعل في إثبات جدارته لأن يخلف ستيفن غيرارد في فريق ليفربول. إلا أنه في نهاية الأمر تبادل الأب والابن أخيراً تلك المحادثة المريعة التي غيرت مسار حياة الابن إلى الأبد عندما قرر الأب البالغ 59 عاماً أنه من الأفضل لجوردون ألا يراه أثناء خضوعه للعلاج.
وكانت رحلة العلاج بالإشعاع تجربة مروعة. وعن هذا، قال بريان: «إنها أسوأ تجربة خضتها في حياتي»، مشيراً إلى أنه فقد الكثير من وزنه خلال تلك العملية الطويلة الشاقة للتخلص من ورم سرطاني في الحلق. واضطر الأطباء لبتر ورم على لسانه كان في حجم قطعة نقود معدنية فئة 50 بنساً، بجانب اضطراره لخوض جراجه لاستئصال العقد الليمفاوية من كلا جانبي الرقبة.
يذكر أن بريان لعب من قبل لاعب جناح في فريق الشرطة الإنجليزية، لكن في صيف 2014 كان معتل الصحة لدرجة لم تمكنه من السفر جواً إلى البرازيل لمشاهدة مشاركة ابنه ببطولة كأس العالم، ممثلاً لإنجلترا.
توفر كل هذه المعلومات يضع إطاراً إضافياً كاشفاً لمزيد من الحقائق للذين عاينوا المشهد الرائع للأب وابنه وهما يلتقيان على طرف ملعب «واندا متروبوليتانو» في أتليتكو مدريد، بعد قرابة ساعة من رفع جوردون كأس دوري أبطال أوروبا نيابة عن ليفربول، ودخلا في عناق دافئ وطويل وحار في لحظة عفوية جميلة جعلت المرء يشعر أنه يعاين لحظة تتجاوز أي شيء آخر رآه خلال هذا النهائي الكروي.
من الصعب تحديد المدة التي استمر خلالها العناق الحار بين الأب والابن، لكن يبدو أن وقتاً طويلاً مر قبل أن يتمكنا من الابتعاد قليلاً عن بعضهما بعضاً. وبدا في حكم المستحيل أن يقاوم المرء دموعه لتأثره بقوة الرابطة بين الأب والابن عندما أوقف مراسل يتبع قناة «أوبتس سبورت» بريان الذي كان يرتدي قميصاً وردي اللون بينما يغطي الشيب رأسه، وسأله إذا كان بإمكانه التعبير عن شعوره في تلك اللحظة.
وبدأ الأب حديثه بسرد قصة عن اصطحابه نجله جوردون وهو في الـ12 إلى استاد أولد ترافورد عام 2003 لمشاهدة نهائي دوري أبطال أوروبا بين يوفنتوس وميلان. وقال إن جوردون انبهر للغاية بحجم الحدث والمدرجات المكتظة والألوان والأضواء وأخبر والده أنه سيشارك في مباراة كتلك يوماً ما.
وعندما سأله المراسل عن شعوره لحظة رفع ابنه كأس البطولة بينما أنظار العالم كله تتركز عليه، أجاب بريان بلكنة مدن الشمال الشرقي لبريطانيا: «كانت لحظة مؤثرة للغاية. لقد اغرورقت عيناي بالدموع وبدأ جسمي يرتعش. وبدأت أحتضن زوجتي وزوجة ابني وكل من وجدته بجواري... كنت سعيداً فحسب، سعيداً للغاية».
بحلول ذلك الوقت كانت المدرجات قد أصبحت خالية فعلياً وكانت الحشود في طريقها للعودة للاحتفال الصاخب في شوارع قلب مدريد، وبالنظر لاحتفالات جماهير ليفربول بالمدينة يمكننا الجزم بأن سكانها لم يعرفوا للنوم طعماً تلك الليلة.
والاحتمال الأكبر أن هذه الجماهير لم تدرك أنه لو أنها بقيت داخل الاستاد لفترة أطول كانت ستتمتع بلحظات إنسانية رائعة، مثلما حدث عندما تمكن اثنان من رفاق ترنت ألكسندر أرنولد بطريقة ما من دخول أرض الملعب وتبادل الكرة مع أحد أبطال ليفربول. وبعد ذلك، كان ألكسندر أرنولد كريماً بما يكفي لأن يلعب على نحو مفاجئ واحدة من كراته التي تخترق دفاعات الخصوم وانطلق أحد من أصدقائه في الجري حتى منتصف الملعب واتجه نحو المرمى ليسكن الكرة في الشباك. كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل وكان أعضاء فريق توتنهام هوتسبر المهزوم قد شرعوا بالفعل في الرحيل عن الاستاد.
في العادة في مثل هذه المناسبات، يختفي أعضاء الفريق المنتصر في الممر المؤدي لغرف تبديل الملابس للاحتفال والتقاط الصور، لكن اللافت بعد مباراة نهائي دوري الأبطال أن غالبية اللاعبين ظلوا داخل أرض الملعب لأن هذا كان المكان الأسهل الذي يمكن لأسرهم تحديد مكانهم فيه. وظهر الكثير من الأطفال الصغار الذين يرتدون قمصان ليفربول وتزين ظهورهم أسماء آبائهم. ولم تتمكن ناتاليا، زوجة أليسون حارس ليفربول من حضور المباراة لأنها على وشك أن تضع طفلهما الثاني، مما دفع الحارس البرازيلي إلى تصوير حصوله على الميدالية وبثه الحدث حياً لها عبر «فيسبوك».
المشكلة الصغيرة الوحيدة التي شهدها يوم الاحتفال هي عندما أخذ اللاعب ديجان لوفرين زوجاً من المقصات إلى المرمى الذي سجل فيه ديفوك أوريغي هدف ليفربول الثاني بقدمه اليسرى وتم وصفه بأنه نسخة من هدف غاري لينكر الشهير مع إنجلترا خلال بطولة كأس العالم عام 1990. لقد حاول لوفرين قطع جزء من الشبكة لحملها معه كتذكار من المباراة، وفي تلك اللحظة ظهرت مجموعة من الرجال من أصحاب السترات الرسمية التي تحمل شعار «اليويفا» وبدا على وجههم القلق دون شك، وأوضحوا أنهم على غير ثقة مما إذا كان هذا الأمر مسموح به. وقد رغب المدافع فيرجيل فان دايك هو الآخر في الحصول على قطعة من الشباك، ولم يرق له تدخل هؤلاء المسؤولين. ومع أن أحداً من اللاعبين الآخرين تمكن طول الموسم من اجتياز عقبة فان دايك بسلام، فإن هذه تحديداً كانت معركة لم يخرج منها فائزاً.
عامة لم يكن لهذا الأمر قيمة تذكر. وقد اعتاد كيفين كيغان، أحد أبطال نهائي عام 1977. القول بأنه عندما كان ليفربول يعود إلى ملعبه حاملاً بطولات أوروبية كان يشعر وكأنهم في روما القديمة وأنهم محاربون عائدون من غزوة دموية محملين بالذهب والغنائم التي استولوا عليها. والمؤكد أن المدرب يورغن كلوب ولاعبيه اكتشفوا هذا الشعور بأنفسهم عندما ركبوا الحافلة ذات السقف المفتوح لتطوف وسط المدينة.
وأشارت تقديرات إلى أنه سيوجد في مدريد 50 ألف من مشجعي ليفربول، لكن اتضح أن العدد الفعلي ربما يكون ضعف ذلك ـ وقد تجاوزت أعدادهم مشجعي توتنهام هوتسبر بدرجة بالغة لدرجة أنه كان من السهل أن ينسى المرء لدى التجول في الشوارع الرئيسية للمدينة الإسبانية أن هناك ناديين من إنجلترا في النهائي.
وليس المقصود من ذلك بالتأكيد التقليل من قيمة توتنهام هوتسبر الذي يحظى اليوم باستاد جديد يتسع لـ62 ألف مشجع ويعتبره الكثيرون النادي اللندني صاحب أقوى دائرة دعم خارج أرضه. إلا أن الأيام القليلة الماضية نجحت في تذكيرنا جميعاً بالحجم الهائل لليفربول وحق النادي في اعتباره واحداً من عمالقة كرة القدم بالنظر إلى عدد أصحاب اللكنات الآسيوية والأميركية والأسترالية من مشجعيه والنفوذ العالمي الذي يحظى به في عصر الإنترنت.
ولا يتفوق على ليفربول من حيث عدد مرات فوزه الست بالكأس الأوروبية سوى ريال مدريد، 13 مرة، وميلان، 7 مرات. وكان كلوب محقاً في قوله إنه يتعين على لاعبيه الانغماس في اللحظة والاستمتاع بها وتذكرها دوماً وإدراك أن هذا المستوى من السعادة لا يعايشه المرء كثيراً.
وسيكون من السهل أن يكتب المرء أنه يتعين على ليفربول استغلال هذا الانتصار كمنصة انطلاق للعثور على سبيل لتجاوز مانشستر سيتي الموسم المقبل، والتركيز على حقيقة أن النادي ما يزال يعاني خيبة أمل مؤلمة تتمثل في مرور 29 عاماً دون الفوز ببطولة الدوري الإنجليزي.
ومع هذا، تبقى اللحظة الراهنة الوقت الأمثل لإمعان النظر في كيف تمكن فريق من الفوز بالكأس الأوروبية وبلوغ نهائيات متكررة وحصد 97 نقطة في الدوري الممتاز وتحقيق شتى أنواع الأرقام القياسية في خضم ذلك ـ فهل هناك أداء أفضل من ذلك؟.
من جهته، تعهد كلوب بخوض معركة جديدة حامية الوطيس أمام مانشستر سيتي، لكنه رغب أولاً في الاحتفال والخلود للراحة قبل التفكير في الإعداد للموسم المقبل. وأكد كلوب أنه على المرء الاستمتاع بأقصى درجة ممكن من هذه اللحظات لأن أحداً لا يعلم ما يخبئه المستقبل ـ أمر يعيه تماماً بريان هندرسون، أحد أكثر الآباء شعوراً بالفخر هذه الأيام.


مقالات ذات صلة

جزائية فينيسيوس المهدرة تجبر البرازيل على التعادل مع فنزويلا

رياضة عالمية فينيسيوس في جدال مع لاعبي فنزويلا (رويترز)

جزائية فينيسيوس المهدرة تجبر البرازيل على التعادل مع فنزويلا

أهدر فينيسيوس جونيور ركلة جزاء في تعادل البرازيل 1-1 مع مضيفتها فنزويلا في تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم.

«الشرق الأوسط» (مونتيفيديو)
رياضة عالمية ليونيل ميسي (أ.ف.ب)

«فيفا»: ميسي يتصدر الهدافين التاريخيين في أميركا الجنوبية

استعرض الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قائمة الهدافين التاريخيين لتصفيات اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول) المؤهلة لكأس العالم 2026.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية عمر توبراك (الشرق الأوسط)

التركي توبراك يعتزل بابتسامة بعد مسيرة حافلة في البوندسليغا

أعلن المدافع التركي عمر توبراك، الذي خاض أغلب مسيرته في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم، الخميس، اعتزال كرة القدم الاحترافية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية تقنية «إف ڤي إس» ستكون إضافية لـ«الڤار» لحسم القرارات التحكيمية المثيرة للجدل (الشرق الأوسط)

«فيفا» يوسع تجارب التحديات التقنية للمدربين على غرار «الڤار»

يأمل «فيفا» في الحصول على إذن من «المجلس الدولي لكرة القدم (إيفاب)» لمواصلة تجارب «الدعم بالفيديو في كرة القدم (إف ڤي إس)»، وهو نظام بديل لـ«تقنية الفيديو».

فاتن أبي فرج (بيروت)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون قبل مباراة فرنسا وإسرائيل: «لن نرضخ لمعاداة السامية»

أعلن الرئيس الفرنسي، الخميس، أن بلاده «لن ترضخ إطلاقاً لمعاداة السامية»، قبل ساعات من مباراة كرة القدم بين إسرائيل وفرنسا سيحضرها الرئيس في ملعب استاد دو فرنس.

«الشرق الأوسط» (باريس)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».