رسائل سياسية في ذكرى تأسيس «الأمن الداخلي» اللبناني

الحسن: ما يجمعه الدم لا تفرقه السياسة... وعثمان: التاريخ سينبذ من قضم المؤسسات

الحسن وعثمان خلال مراسم الاحتفال أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الحسن وعثمان خلال مراسم الاحتفال أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

رسائل سياسية في ذكرى تأسيس «الأمن الداخلي» اللبناني

الحسن وعثمان خلال مراسم الاحتفال أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الحسن وعثمان خلال مراسم الاحتفال أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)

طبعت الرسائل السياسية الاحتفال بالذكرى الـ158 لتأسيس قوى الأمن الداخلي في لبنان، أمس، إذ أكدت وزيرة الداخلية والبلديات اللبنانية ريا الحسن أن قوى الأمن الداخلي مصممة على القضاء على الإرهاب، بالتعاون مع المؤسسة العسكرية، فيما شدد مدير الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على أن «التاريخ سينصف من حافظ على البلد، وسينبذ من قضم المؤسسات»، مشدداً على أن «الاستقرار السياسي مرتبط بالاستقرار الأمني».
وقالت الوزيرة الحسن: «كان يُفترّض أن نطفئ اليوم 158 شمعة احتفالاً بعيد قوى الأمن الداخلي، لكنّنا، بدلاً من ذلك، نضيء شمعتين، إجلالاً لشهيدين غاليين قدّمَتهما هذه المؤسسة قبل أيام، وسقط معهما شهيدان من الجيش اللبنانيّ. لقد شاء أحد خرّيجي مدرسة التطرف والحقد والإرهاب، أن يحرُمَ الطرابلسيين واللبنانيين جميعاً، فرحة عيد الفطر، فنفّذ جريمة بشعة امتزجت فيها دماء قوى الأمن الداخلي بدماء الجيش اللبنانيّ. وما يجمعه الدمّ لا تفرّقه السياسة، ولا المزايدات».
وأضافت أن «جريمة طرابلس، هي من صُنع فلول الإرهاب الذي نجح لبنان في مواجهته. وما حققته الأجهزة الأمنية كلّها، ومنها قوى الأمن الداخلي، والأمن العام والجيش اللبناني وباقي الأجهزة، بفضل الإنجازات والضربات الاستباقية، يعود في جزء كبير منه إلى أن المجتمع اللبناني، بكل مكوّناته، يلفظ هذه الظاهرة، إضافة طبعاً إلى كفاءة العاملين في هذه الأجهزة، والأهم هو الدعم الذي وفرته ولا تزال السلطة السياسية، بدءاً من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب، فرئيس الحكومة، الذي ما انفك يوماً في إظهار دعمه كل ما من شأنه تطوير عمل هذه المؤسسة».
وتوجّه عثمان إلى عناصر الأمن الداخلي، قائلاً: «نحتفل بعيدكم بعد أسبوع من محاولة الإرهاب، مجدداً ضرب الاستقرار الأمني وتوجيه رسالة فتنة، عشية عيد الفطر من طرابلس لكل لبنان، فكنتم له بالمرصاد، وكنتم على قدر المسؤولية كما عهدناكم». وأضاف أن «هناك على أرض الفيحاء امتزجت من جديد دماء شهداء الجيش اللبناني وقوي الأمن الداخلي، كما امتزجت سابقاً في بيروت والبقاع والجبل والجنوب، دفاعاً عن لبنان، لتتحول شهادتكم أعراساً على مساحة كل الوطن».
ولفت إلى أن «قوى الأمن الداخلي باتت محط ثقة دولية ومحلية، ما حدا بالدول الصديقة أن تقوم بمساعدتنا للمضي قدماً بتطوير أداء المؤسسة وتجهيزاتها وتنفيذ جزء من خطتنا الاستراتيجية المرسومة»، مشيراً إلى أن «مفهوم الأمن بات مختلفاً عن السابق، ولهذا نقوم بتحويل قوى الأمن الداخلي إلى شرطة مجتمعية مبنية على شراكة فعالة مع شرائح المجتمع كافة، لنجعل كلاً منهم جزءاً من منظومة الأمن والأمان».
وشدّد على أنه «مهما حاول العابثون خفت وهج إنجازاتكم وسعيهم الدائم إلى محاربة مؤسستكم على صعد مختلفة وبشكل ممنهج، سنبقى فخورين بما حققناه ونحققه على المستويات كافة وبأننا أول من أطلق شرارة مكافحة الفساد، ابتداء من تطهير مؤسستنا، وصولاً إلى كشف الفاسدين في مختلف المؤسسات».
وقال عثمان: «نحن نقوم بتحقيقاتنا بكل شفافية وتحت إشراف القضاء المختص واستناداً إلى أدلة دامغة، والتاريخ سيحكم وسيُنصف من حافظ على البلد ومؤسسات الدولة، وسينبذ من كان همه قضم المؤسسات ومقدراتها لحساب مصالحه الضيقة والمشبوهة... سنبقى فخورين بمواقفنا التي اتخذناها في أصعب الظروف، والتي باتت تهدد مصالح أولئك المغرضين الذين اعتادوا على تجاوز القوانين والأعراف والأصول». وطمأن إلى أن «قوى الأمن الداخلي، كما كانت دائماً، في خندق واحد مع الجيش في مواجهة الإرهاب وأعداء الوطن».
وبعد السجال غير المباشر الذي حصل بينه وبين وزير الدفاع إلياس بو صعب، بعد توصيفه منفذ جريمة طرابلس عبد الرحمن مبسوط بـ«غير المستقر نفسياً»، أوضح عثمان: «عنينا بذلك يقيننا بأن كل من يفكر مجرد تفكير بالقيام بأي عمل إرهابي يهدف إلى القتل والتدمير والتخريب هو كائن مريض عقلياً ونفسياً وعصبياً، ولا يمكن لأي إنسان عاقل أن يقدم على ارتكاب أي فعل من شأنه أذيّة الناس».
ومع توجيهه تحية إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة، ووزيرة الداخلية، أكد عثمان أنه «لا استقرار أمنياً من دون استقرار سياسي ورعاية السلطة السياسية لمؤسسات الدولة، على رأسها المؤسسات الأمنية والعسكرية».
وبعد الاحتفال، افتتحت الحسن وعثمان حملة للتبرّع بالدم، كان قد أطلقها الأخير خلال إلقاء كلمته تحت شعار «دمنا عحسابك»، ليتبعهما الضباط والعناصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».