مئات المستوطنين يحتفلون بـ«عيد التوراة» في المسجد الأقصى

مصلون فلسطينيون في المسجد الأقصى بالقدس صبيحة عيد الفطر الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
مصلون فلسطينيون في المسجد الأقصى بالقدس صبيحة عيد الفطر الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

مئات المستوطنين يحتفلون بـ«عيد التوراة» في المسجد الأقصى

مصلون فلسطينيون في المسجد الأقصى بالقدس صبيحة عيد الفطر الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
مصلون فلسطينيون في المسجد الأقصى بالقدس صبيحة عيد الفطر الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

اقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى، أمس، متحدين تحذيرات فلسطينية من استمرار اقتحام المسجد وتداعيات ذلك.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية، إن نحو 334 مستوطناً اقتحموا المسجد من جهة باب المغاربة، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وجاءت الاقتحامات الواسعة للمستوطنين استجابة لدعوات جماعات «الهيكل» للاحتفال بعيد «الشفوعوت» (نزول التوراة). وحولت إسرائيل البلدة القديمة في القدس إلى ثكنة عسكرية، بعدما دفعت بمزيد من قواتها إلى شوارع القدس القديمة، بما في ذلك الدوريات الراجلة وفرق الخيالة، وأغلقت كثيراً من الطرق لتأمين حركة المستوطنين المحتفلين.
ونفذ المستوطنون جولات استفزازية في المسجد الأقصى، واستمعوا إلى شروحات حول «الهيكل» تحت حماية إسرائيلية مشددة. والاقتحامات جاءت بعد ساعات من مسيرات للمستوطنين في البلدة القديمة في القدس، شملت أداء صلوات أمام أبواب المسجد الخارجية، وتحديداً أبواب القطانين، والأسباط، والحديد.
وتستمر الاقتحامات على الرغم من تحذير السلطة والأردن من جر إسرائيل المنطقة إلى حرب دينية. وأرسلت الأردن في وقت سابق رسائل احتجاج شديدة لإسرائيل. ونددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية باقتحام المسجد الأقصى من قبل المستوطنين، وطالبت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بضرورة وضع حد لهذه الانتهاكات التي تمس قدسية المسجد، مناشدة أبناء الشعب بضرورة شد الرحال إلى الأقصى والاعتكاف فيه.
وأكد وكيل وزارة الأوقاف حسام أبو الرب «أن الاستمرار في هذه الجرائم بين الحين والآخر وبمباركة من المستوى السياسي الإسرائيلي وبشكل علني، يلزم العالم بأن يقف عند مسؤولياته، وأن يتدخل بشكل جاد لوضع حد لهذه الانتهاكات». وشدد أبو الرب على أن «المشروع الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك لن يتحقق؛ لأن المسجد المبارك بساحاته وأروقته وكل جزء فيه، هو حق خالص للمسلمين وحدهم، ومدينة القدس ستبقى إسلامية، ولن يسلبها الاحتلال هويتها مهما عمل».
كما اتهمت وزارة الخارجية سلطات الاحتلال واليمين الحاكم في إسرائيل، باستغلال «المناسبات السياسية والأعياد الدينية لتنفيذ مزيد من الأهداف الاستعمارية التوسعية في أرض دولة فلسطين عامة، ومحطات (تحفيز) لتوسيع دائرة المشاركين في عمليات اقتحام واستباحة المسجد الأقصى المبارك، لتكريس تقسيمه الزماني ريثما يتم تقسيمه مكانياً».
وأضافت الخارجية في بيان: «إن الدعوات التي أطلقتها ما تُسمى (هيئة منظمات المعبد) لتكثيف الاقتحامات للحرم القدسي الشريف لمناسبة عيد (الشفوعوت) في التاسع والعاشر من حزيران الجاري، تأتي في هذا السياق عبر حملة إعلامية تضليلية واسعة النطاق، تُحاول إخفاء أي بعد عربي إسلامي مسيحي للمدينة المقدسة، وإبراز رواية الاحتلال التلمودية القائمة على إنكار وجود الفلسطينيين وصلتهم التاريخية والقانونية والدينية بالقدس وبالمسجد الأقصى».
وأدانت الخارجية استمرار التغول الإسرائيلي الممنهج على المسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة بشكل عام، وحذرت من النتائج الخطيرة لتصعيد تلك الاقتحامات، وتداعياتها على تحويل مضمون الصراع من سياسي إلى ديني، بما يخدم مصالح الاحتلال الاستعمارية وحلفائه من المسيحية الصهيونية في البيت الأبيض.



بعد دعوة أوجلان لحلّ حزبه... آمال ومخاوف لدى أكراد سوريا والعراق

امرأة كردية عراقية تُلوّح بعَلم يحمل صورة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بينما يتجمع الناس بحديقة الحرية للاستماع إلى رسالة صوتية من الزعيم المسجون بالسليمانية (أ.ف.ب)
امرأة كردية عراقية تُلوّح بعَلم يحمل صورة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بينما يتجمع الناس بحديقة الحرية للاستماع إلى رسالة صوتية من الزعيم المسجون بالسليمانية (أ.ف.ب)
TT
20

بعد دعوة أوجلان لحلّ حزبه... آمال ومخاوف لدى أكراد سوريا والعراق

امرأة كردية عراقية تُلوّح بعَلم يحمل صورة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بينما يتجمع الناس بحديقة الحرية للاستماع إلى رسالة صوتية من الزعيم المسجون بالسليمانية (أ.ف.ب)
امرأة كردية عراقية تُلوّح بعَلم يحمل صورة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بينما يتجمع الناس بحديقة الحرية للاستماع إلى رسالة صوتية من الزعيم المسجون بالسليمانية (أ.ف.ب)

أثارت الدعوة التاريخية التي وجّهها الزعيم الكردي عبد الله أوجلان لحزب العمال الكردستاني لإلقاء سلاحه وحلّ نفسه، ارتياحاً، لكن أيضاً مخاوف على مستقبل أكراد سوريا والعراق التوّاقين إلى السلام، بعد نضال طويل من أجل الحكم الذاتي.

وفي تحوّل كبير بالقضية الكردية، دعا أوجلان، في رسالة حزبه الذي تُصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية»، إلى حلّ نفسه.

غير أن هذه الدعوة لا تزال تنتظر استجابة المقاتلين المتركزين بشكل أساسي في جبال شمال العراق، والذين لم يروا زعيمهم المسجون منذ 1999 إلّا في بعض الصور من سجنه.

وقاتلت الأقلية الكردية المقيمة في مناطق جبلية بتركيا وسوريا والعراق وإيران، لعقود، ومُنيت بهزائم وتخلّى عنها عدد من داعميها.

وتجد غالبية أكراد العراق وسوريا أماناً في إقليم كردستان العراق، المتمتع بحكم ذاتي وفي مناطق تُديرها الإدارة الذاتية بقيادة الأكراد في شمال شرقي سوريا، ولو أن هذه المناطق شهدت أحياناً فصولاً من المواجهات من تمرّد حزب العمال الكردستاني المتواصل منذ أربعة عقود ضد الدولة التركية.

وفي السليمانية، ثاني كبرى مدن كردستان العراق، أكّد ريباز حسن (31 عاماً) أنه كان يتطلع بشدّة إلى دعوة أوجلان، الخميس.

وقال: «إنه يوم تاريخي (...) لكن البعض لم يعرف ما إذا كان ينبغي أن يفرح أو يغضب»، مشيراً إلى أنه شاهد أناساً «يبكون»، وشخصاً «يرقص».

وأضاف: «أعتقد أن الدعوة يجب أن تُترجم من لغتها السياسية إلى لغة الناس».

تغيير جذري

في مدينة القامشلي بسوريا المجاورة، عَدَّ عكيد فاروق (35 عاماً) دعوة أوجلان «خطوة جيدة لحل القضية الكردية في تركيا».

وقال: «ستنعكس نتائجها بشكل إيجابي على المنطقة بشكل كامل (...) إذا نفّذها حزب العمال الكردستاني».

ففي حال التزم مقاتلو الحزب بدعوة زعيمهم، ستكون تركيا المستفيد الرئيسي من ذلك، وستتعزز مكانتها بصفتها قوة إقليمية، وفق محللين.

ويرى مدير المعهد الأوروبي للدراسات حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادل بكوان أن ذلك «سيؤدي إلى تغيير جذري؛ ليس فحسب في الحركة الكردية، بل أيضاً في جغرافية الشرق الأوسط وجغرافيته السياسية، من خلال وضع تركيا في مركز الثقل».

وفي وقتٍ قد تشهد فيه بغداد أخيراً نهاية قضية شائكة طالما تسببت في توتر علاقاتها مع جارتها تركيا، سيكون الوضع في سوريا أكثر تعقيداً.

واستفاد أكراد سوريا، الذين تعرضوا للقمع لعقود، من ضعف حكومة بشار الأسد، خلال الحرب الأهلية، لإنشاء إدارة ذاتية.

لكن منذ الإطاحة به في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بات الأكراد يواجهون مستقبلاً غامضاً مع مطالبة الإدارة الجديدة، المدعومة من تركيا، بدمجهم تحت مظلة وزارة الدفاع والجيش الجديد، رافضة أي نوع من الحكم الذاتي في مناطق الأكراد.

وقادت قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، المدعومة من الولايات المتحدة، الحملة العسكرية التي أدت إلى دحر تنظيم «داعش» من آخِر معاقله في البلاد عام 2019.

لكن تركيا تتهم مكوّنها الرئيسي؛ وحدات حماية الشعب الكردية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني.

إلّا أن محللين يرون أن اتفاقاً مع الحزب مِن شأنه أن يليّن موقف أنقرة.

ويرى بكوان أن مِن شأن عملية سلام أن تُحوّل «(قسد) من عدو يجب محاربته» إلى حليف يمكن لتركيا الاعتماد عليه في تحديد نفوذها بشكل أفضل.

ويقول الباحث في مركز «تشاتام هاوس»، ريناد منصور، إن العلاقة مع الأكراد تشكّل «بؤرة توتر» مع السلطات السورية الجديدة التي تعمل على ترسيخ سلطتها.

ويرى أن بناء علاقة جديدة بين تركيا و«حزب العمال الكردستاني» من شأنه أن «يؤثر على تطور النظام السياسي وتقاسم السلطة في سوريا».

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» مراراً إنها مستعدة للانضمام إلى الجيش السوري الجديد ككيان، لكنها ترفض الاندماج فيه، وهو شرط تَعدُّه السلطات الجديدة غير مقبول.

وفي حين رحّب مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية» بدعوة أوجلان، أكّد، الخميس، أن قواته غير معنية بها.

إنقاذ

حين سيطر تنظيم «داعش» على مساحات واسعة من العراق منذ 2014، انضمّ حزب العمال الكردستاني إلى الحرب ضد «داعش»، الذي أعلن الجيش العراقي، في نهاية 2017، دحره بدعم من الولايات المتحدة.

ومنذ ذلك الحين، وسّع المقاتلون الأكراد انتشارهم في العراق إلى خارج حدود إقليم كردستان، المتمتع بحكم ذاتي، ووصلوا إلى مناطق شمالية مجاورة.

وتقيم تركيا، منذ 25 عاماً، قواعد عسكرية في شمال العراق، لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات بإقليم كردستان.

ولطالما شكّلت هذه القضية مصدر توتر بين بغداد وأنقرة.

وشدّدت الحكومة العراقية المركزية، في الأشهر الأخيرة، لهجتها ضد «حزب العمال الكردستاني»، وعَدَّته، في مارس (آذار) 2024، «منظمة محظورة».

وعلى الرغم من ذلك، طالبت تركيا العراق ببذل جهود أكبر في هذه القضية. وفي منتصف أغسطس (آب) الماضي، وقّع البلدان اتفاق تعاون عسكري يتعلق بإنشاء مراكز قيادة وتدريب مشتركة في جزء من الحرب ضد حزب العمال الكردستاني.

ويَعدّ أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة بغداد إحسان الشمّري أن العراق سيكون «من أول المستفيدين» إذا «حُلّ ملف حزب العمال الكردستاني الشائك».

ويقول إن عملية السلام «تُنقذ الحكومة العراقية من إجراءات عسكرية كان يجب أن تتخذها» بضغط تركي «ضد حزب العمال»، وتُحسّن كذلك العلاقات بين البلدين.