قمم مكة: ردع الإرهاب الإيراني

تآزُر عربي وإسلامي لأمن المنطقة

مسؤولو ميناء الفجيرة يلتقطون صورة للسفينة «أندريا فيكتوري» التالفة في مياه الإمارات 13 مايو الماضي (رويترز)
مسؤولو ميناء الفجيرة يلتقطون صورة للسفينة «أندريا فيكتوري» التالفة في مياه الإمارات 13 مايو الماضي (رويترز)
TT

قمم مكة: ردع الإرهاب الإيراني

مسؤولو ميناء الفجيرة يلتقطون صورة للسفينة «أندريا فيكتوري» التالفة في مياه الإمارات 13 مايو الماضي (رويترز)
مسؤولو ميناء الفجيرة يلتقطون صورة للسفينة «أندريا فيكتوري» التالفة في مياه الإمارات 13 مايو الماضي (رويترز)

قمم مكة المكرمة الثلاث المتمثلة في القمة الإسلامية في دورتها العادية والقمتين الطارئتين لمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، حوت في طياتها حرصاً على التآزر العربي والإسلامي من أجل تحقيق الأمن في المنطقة، والتصدي بحزم للتهديدات العدوانية والأنشطة التخريبية.
تمثَّل ذلك في التشديد على إدانة الاعتداء الإرهابي باستهداف أربع سفن تجارية بعمليات تخريبية في ميناء الفجيرة الإماراتي وتخريب ناقلات نفط في السواحل الإماراتية، بالإضافة إلى الهجوم على محطتي ضخ تابعتين لشركة «أرامكو» السعودية، باستهدافه مصالح الدول وإمدادات النفط العالمية، كما تمثل في الإعراب عن التضامن مع السعودية والدعم اللامحدود للإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها القومي.

وأفادت نتائج تحقيق أوّلي مشترك حول استهداف ناقلتي نفط نرويجية وسفينة شحن إماراتية في الخليج بأن الهجمات نُفِّذت باستخدام ألغام بحرية على درجة من التعقيد تشير إلى أن دولة تقف وراءها، وهناك ترجيح بأن إيران مسؤولة عن ذلك. كما اتهم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، إيران بأنها مسؤولة عن الهجوم على ناقلات النفط. أما مؤتمر أعمال القمة الإسلامية فتم فيه التباحث في شؤون وتحديات الشرق الأوسط ومن ضمنها تدخلات إيران في المنطقة.

قيم الوسطية
من جهة أخرى، نجد هناك تشديداً على أهمية تأكيد قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة، بهدف التصدي لتيارات التطرف والإرهاب. وقد نصت وثيقة مكة المكرمة المنبثقة عن القمة التي انعقدت خلال الفترة من 27 إلى 29 مايو (أيار) 2019 على ذلك، سواء رفض العبارات والشعارات العنصرية أو التنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة، وفي ذلك تآزر رمزي بهدف دحض التطرف في العالم الإسلامي والعربي فكرياً ودينياً وتعديل القيم والمفاهيم المغلوطة من خلال المؤسسات السياسية والدينية وسن التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية والمحرضين على العنف والإرهاب والصدام الحضاري، مما هو كفيل بتجفيف مسببات الصراع الديني والإثني ومكافحة التطرف والإرهاب، خصوصاً مع تصاعد ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تدل على عدم المعرفة بحقيقة الإسلام وإبداعه الحضاري وغاياته السامية. والتعرف الحقيقي على الإسلام يستدعي الرؤية الموضوعية التي تتخلص من الأفكار المسبقة. ويظهر تصاعد الخوف من الإسلام فيما حدث في مدينة كرايستشيرش في نيوزيلندا من إطلاق النار على مصلين في مسجدين، وما ظهر من خلال البيان الذي شرح دوافع تنفيذ الهجوم بأنها محاولة لحماية العرق الأبيض، ما يشير إلى تصاعد اليمين المتطرف.
تأتي القمم الثلاث بعدة أهداف أبرزها التصدي لأذرع إيران الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط من الحوثيين و«حزب الله» وغيرهما، بالأخص في خضم التوتر ما بين الولايات المتحدة وإيران وموجات التصعيد من الطرفين نتيجة تقهقر الاتفاق النووي والعقوبات الأميركية حيال إيران، وما جاء في أعقاب ذلك من دعم إيراني للحوثيين الذين كثفوا من هجماتهم في المنطقة في التوقيت ذاته. وقد اتفقت غالبية الدول العربية على إدانة إيران والتنديد بتهديدها المستمر للمنطقة. كما أدانوا الهجمات التي يقوم بها الحوثيون بدعم من إيران باستثناء تحفظ قطر على بياني القمتين الخليجي والعربي.

دعم الحوثيين
دعم إيران للحوثيين جاء بتزويدهم بالأسلحة والصواريخ الباليستية إضافةً إلى الدعم اللوجستي، كما تم اكتشاف عناصر من «الحرس الثوري» ممن يقومون بتدريب الحوثيين في صعدة. وانعكس ذلك على إطلاق الحوثيين ما يزيد على 225 صاروخاً باليستياً و145 طائرة مسيّرة على منشآت حكومية سعودية استهدفت عدة مدن من ضمنها الرياض ونجران والعاصمة المقدسة مكة المكرمة. وجاءت عدة حوادث للكشف عن سفن ومراكب إيرانية محمّلة بذخائر وأسلحة بهدف تسليح الحوثيين، مثل ما حدث في 23 يناير (كانون الثاني) 2013 حين تم اعتراض سفينة «جيهان 1» الإيرانية وهي محملة بأسلحة عبارة عن صواريخ من طراز «كاتيوشا» وأنظمة رادار وصواريخ مضادة للطائرات ومتفجرات وأسلحة أخرى، بهدف دعم الحوثيين بها. ويظهر التغلغل الإيراني في اليمن ودول أخرى بتصريح قائد «الحرس الثوري» الإيراني في يناير 2016 بوجود 200 ألف مقاتل مرتبطين بـ«الحرس الثوري» في خمس دول في المنطقة: اليمن وسوريا والعراق وباكستان وأفغانستان، إضافة إلى «حزب الله» وميليشياته الإرهابية.

تأثُّر المتطرفين
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عدة مناسبات رسمية أن بلاده عازمة على منع النظام الإيراني من حيازة أسلحة نووية ووقف تمويله للإرهاب. وقد أظهرت معلومات استخباراتية أميركية أن فرض العقوبات الأميركية على إيران لم يتسبب فحسب في تدهور الوضع الاقتصادي فيها، وإنما كذلك الجماعات المدعومة من إيران تواجه أزمة مالية نتيجة نقص تمويل إيران لها. وحسب المعلومات التي نشرتها قناة «فوكس» الإخبارية فإن إيران أخبرت عدداً من الميليشيات الشيعية المتطرفة أنها بحاجة إلى إيجاد مصادر أخرى للدخل لأنها لم تعُد في وضع يتيح لها تزويدها بالأموال.
وتزامن ذلك مع دعوات أصدرها «حزب الله» على وسائل التواصل الاجتماعي طالب فيها أنصاره بالتبرع بالأموال. كما هدد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بأن أي حرب ضد إيران ستُشعل المنطقة. وعلى الرغم من أن «حزب الله» لا يزال يُظهر مواقف قوية داعمة لإيران؛ فإن تقريراً نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أشار إلى أن إيران لم تعد تعتبر «حزب الله» ذراعها الأهم للقيام بعملياتها والمشاركة في حروبها في المنطقة، وإنما هناك توجه إلى جعل الحوثيين الذراع الأهم، بالأخص في ظل اشتعال التوتر ما بين الولايات المتحدة وإيران. وأشار التقرير إلى رأي الباحث في معهد دراسات سياسة الشرق الأدنى في واشنطن مايكل نايت، أن إيران اختارت جعل التهديد عبر الحوثيين ليقع رد الفعل والهجوم داخل اليمن وليس في إيران، وليصبح الاستهداف موجهاً إلى السعودية لا إلى مصالح الولايات المتحدة بشكل مباشر لأن ذلك سيتسبب في رد فعل عنيف لا محالة.

دعم الميليشيات
يظهر تغلغل إيران ودعمها للجماعات المتطرفة في الدول التي تعاني من انعدام الاستقرار والأمن مثل دعمها للحوثيين في اليمن ولجماعات متطرفة في سوريا. لذلك ليس بمستغرب قلة عدد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها، باستثناء هجمة إرهابية في 7 يونيو (حزيران) 2017 استهدفت البرلمان الإيراني وضريح آية الله الخميني وأسفرت عن مقتل 17 شخصاً، وتبنى تنظيم «داعش» العملية الإرهابية، وسبقها في 15 يوليو (تموز) 2010 هجومان انتحاريان على مساجد في مدينة زاهدان في محافظة سيستان بلوشستان، وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2010 هجوم انتحاري في يوم عاشوراء تبنّته حركة جند البلوشية.
وتُتهم إيران بتقديمها الدعم المالي واللوجيستي وحتى إيوائها لأعضاء وقياديي تنظيمات إرهابية أبرزها «القاعدة»، وأبناء أسامة بن لادن، وأبرزهم حمزة بن لادن، وسيف العدل الذي أسهم في هجمات السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام، إضافة إلى سليمان أبو غيث المتحدث السابق باسم تنظيم «القاعدة». وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أخيراً عن أن إيران تواصل تمددها في الجنوب السوري ودير الزور وأماكن أخرى في دمشق وريفها. حيث إنها تقوم بالاستقطاب والتجنيد من خلال شبكة العرّابين والوكلاء بهدف ترسيخ وجودها هناك. وفي أعقاب التوتر الأميركي الإيراني حثّ قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الإيراني، قادة الميليشيات المدعومة من إيران في مناطق الشرق الأوسط على التحضير للحرب بالوكالة. ومن بينها «لواء الفاطميون» الذي يتكون مقاتلوه من الهزارة الأفغان من الأقلية الشيعية، وقد لوحظ مغادرتهم من سوريا لانتقال قتالهم إلى منطقة أخرى. ويعد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني والمسؤول عن تصدير الثورة الإيرانية، وقد وُضع قائده قاسم سليماني في فترة سابقة على قائمة الإرهابيين. ولـ«فيلق القدس» ميزانية سرية، ويظهر تورطه في كلٍّ من العراق وسوريا، وحسب وثيقة سنة 1998 لاتحاد العلماء الأميركيين فإن التركيز الأساسي لـ«فيلق القدس» هو على «تدريب الجماعات الإرهابية الأصولية الإسلامية».
الموقف الإيراني حيال منطقة الشرق الأوسط وإذكائه للاضطراب السياسي ليس بأمر سرّي، فإيران تقسّم العالم ما بين ثورة إسلامية وحدها هي الصائبة والتي ينبغي للعالم أجمع أن يتبعها، وبين بقية العالم ممن يمثلون التطرف والشر وهم كل من يقف ضد الجمهورية الإيرانية. ما يدل على ذلك هو استنكار الرئيس الإيراني حسن روحاني، تصنيف الولايات المتحدة لأول مرة «الحرس الثوري» على أنه تنظيم إرهابي، والرد الغرائبي الذي وصف فيه روحاني ذكر الولايات المتحدة بأنها «زعيمة الإرهاب العالمي». فيما يتلخص الطموح الإيراني إلى تغلغل الثورة الخمينية في منطقة الشرق الأوسط فيما ذكره النائب البرلماني الإيراني علي رضا زاكاني في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 من أن «ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران وتابعة للثورة الإسلامية»، وأن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة بعد كل من بغداد وبيروت ودمشق.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».