المحور الاشتراكي ـ الليبرالي يعمل لإزاحة المحافظين عن السلطة في الاتحاد الأوروبي

بضغط من التحالف القائم بين الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الإسباني

رئيس المفوضية الأوروبية الحالي المحافظ جان كلود يونكر (رويترز)
رئيس المفوضية الأوروبية الحالي المحافظ جان كلود يونكر (رويترز)
TT

المحور الاشتراكي ـ الليبرالي يعمل لإزاحة المحافظين عن السلطة في الاتحاد الأوروبي

رئيس المفوضية الأوروبية الحالي المحافظ جان كلود يونكر (رويترز)
رئيس المفوضية الأوروبية الحالي المحافظ جان كلود يونكر (رويترز)

تدلّ المؤشرات الأولى للمعركة الضارية المعلنة بين القيادات الأوروبية حول مراكز السلطة في الاتحاد، أنها قد تؤدي إلى شلل غير مسبوق في المؤسسات، بسبب صعوبة التوصّل إلى اتفاق حول توزيع المناصب العليا بين العائلات السياسية الكبرى، بعد الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي. هذا ما رشح عن اللقاء الذي عُقد بين قيادات الكتل السياسية الرئيسية الثلاث في البرلمان الجديد: المحافظون والاشتراكيون والليبراليون، حول عشاء غير رسمي دعا إليه رئيس الوزراء البلجيكي، الليبرالي شارل ميشال، وشارك فيه رؤساء وزراء إسبانيا والبرتغال وهولندا وكرواتيا وبولندا.
ويقوم المحور الرئيسي في هذه المعركة حول التحالف بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز، لوضع حد لسيطرة المحافظين على المؤسسات الأوروبية. وقد عرض هذا المحور الاشتراكي - الليبرالي على المحافظين، وعلى «الخُضر» أيضاً، الانضمام إليه لتشكيل تحالف واسع في وجه اليمين المتطرف والأحزاب المناهضة للمشروع الأوروبي، شريطة أن يتخلّى المحافظـون عن رئاسة المفوّضية الأوروبية التي يصرّون على الاحتفاظ بها، معربين عن استعدادهم للتفاوض حول رئاسات المجلس والبنك المركزي والبرلمان ومندوبية السياسة الخارجية.
البيان الرسمي المقتضب، الذي صدر عن هذا اللقاء الثلاثي، الذي دام أربع ساعات، اكتفى بالإشارة إلى «أن المحادثات كانت بنّاءة، وسوف تستمرّ في الأيام المقبلة». لكن مصادر دبلوماسية أكدت أن اللقاء أظهر عمق الخلاف بين المحافظين من جهة، والتحالف الاشتراكي - الليبرالي من جهة أخرى، وأن الجميع يدرك فداحة الضرر الذي سيلحق بالمشروع الأوروبي في حال شلل المؤسسات خلال الفترة المتبقيّة من هذا العام حتى ربيع العام المقبل، أمام استحقاق «البريكست»، وإقرار الإطار الجديد لموازنة الاتحاد، وفي خضمّ التوتّر التجاري والدبلوماسي المتزايد مع الولايات المتحدة.
وتفيد المصادر بأن الاشتراكيين والليبراليين، الذين أعلنوا تحالفهم في أعقاب الانتخابات الأوروبية، أواخر الشهر الماضي، وكانوا وراء الدعوة إلى هذا اللقاء الأوّل، يهدفون إلى إشراك المحافظين في جبهة أوروبية عريضة لعزل معسكر اليمين المتطرف والمناهض للمشروع الأوروبي، الذي في حال تحالفه قد يشكّل الكتلة الثانية في البرلمان الأوروبي. كما يخشى التحالف الاشتراكي - الليبرالي أن يؤدي تفاهم غير مستبعد كليّاً بين المحافظين واليمين المتطرف إلى إبعادهم عن مراكز القرار في المؤسسات الأوروبية.
لكن مصادر قريبة من «الحزب الشعبي» تؤكد أن المحافظين يصرّون على الاحتفاظ برئاسة المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية الرئيسية للاتحاد، كشرط لانضمامهم إلى الجبهة الثلاثية العريضة، التي قد تنضمّ إليها الأحزاب البيئية. ويستند المحافظون في مطلبهم هذا إلى كونهم الكتلة الأكبر في البرلمان الأوروبي وقوامها 179 نائباً. وتقول هذه المصادر إن «الحزب الشعبي» على استعداد للتفاوض حول برنامج سياسي لرئيس المفوضية الجديد يشمل البيئة وتغيّر المناخ والسياسة الاقتصادية والاجتماعية والدفاع والحرّيات الفرديّة، وإنه قد يتخلّى عن رئاسات بقيّة المؤسسات للكتل الأخرى.
أما الاشتراكيون والليبراليون، الذين يجمعون 259 نائباً بين الكتلتين، فإنهم يرفضون هذا العرض، ويتطلعون إلى تغيير في قمّة هرم المفوضيّة يكرّس الاتجاه السياسي الجديد بعد 15 عاماً متتالية من الرئاسات المحافظة. وقد أظهر هذا اللقاء الأول أن الاتفاق حول توزيع السلطة في الاتحاد ما زالت دونه عقبات كبيرة.
المرشّح الألماني عن المحافظين مانفريد ويبير، يشدّد على شرعيّة المرشحين الذين احتكموا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، أي هو ومرشّح الاشتراكيين الهولندي فرانز تيمرمانز. لكن الليبراليين يرفضون هذا المبدأ لاعتبارهم أنه لا يحمل أي قيمة ديمقراطية مضافة، ويصرّون على مرشحتهم الدانماركية مارغريت فستاجير. وتقول المصادر الدبلوماسية «إن المعركة ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن برلين قد أعطت مؤشرات عن عدم استعدادها للتراجع بسهولة أمام الهجوم المركّز على مرشحها، الذي يقوده ماكرون عن الليبراليين، وسانتشيز عن الاشتراكيين. لكن الصدام المرتقب بين ويبير وتيمرمانز قد يفتح الباب أمام مرشّح ثالث، قد تكون الدانماركية فستاجير، أو الفرنسي ميشال بارنييه الذي يرجّح أن يقبل به ماكرون رغم انتمائه إلى المعسكر المحافظ. ولا يستبعد مراقبون أن يستقّر الاتفاق في النهاية على مرشّح تكنوقراطي غير مكشوف يحصل على الأغلبيتين اللازمتين: أكثر من نصف الأعضاء في البرلمان، و16 من أصل 28 دولة عضو في المجلس تمثّل ما لا يقلّ عن 65 في المائة من سكان الاتحاد.
القمة الأوروبية المقبلة، التي ستنعقد في 20 يونيو (حزيران) الحالي، قد تكون الخطوة الأولى لغربلة المرشحين، تمهيداً للاختيارات النهائية في قمّة أخرى مبرمجة نهاية هذا الشهر قبل انعقاد البرلمان الأوروبي الجديد، في جلسته الأولى مطلع الشهر المقبل.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.