الحكيم يحذر من عزلة دولية إذا دخل العراق لعبة «المحاور المتصادمة»

TT

الحكيم يحذر من عزلة دولية إذا دخل العراق لعبة «المحاور المتصادمة»

حذّر رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم، من «سياسات غير حكيمة قد تعرّض العراق لعزلة دولية»، مشدداً على ضرورة الحفاظ على المنجز السياسي المتحقق على الصعيد الإقليمي والدولي.
وجاءت تحذيرات الحكيم عقب تصريحات أطلقها المساعد المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية يحيى رحيم صفوي، ووضع فيها حكومة العراق ضمن ما سماها «جبهة المقاومة».
وذكر صفوي في تصريح لوكالة «أنباء فارس»، أمس، أن «الحرب في دول العراق وسوريا واليمن جاءت معها بالكثير من الدمار والخراب، إلا أنها أدت أيضاً إلى انتشار مدرسة ونهج المقاومة في الدول الإسلامية وإيجاد جبهة مقاومة أطرافها تتمثل في فلسطين و(حزب الله) لبنان وحكومتي سوريا والعراق».
وليس من الواضح ما إذا كان بيان رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» جاء في «سياق الرد على تصريحات صفوي، أم أنه يتعلق بتحديد موقف التحالف والبلاد من صراع المحاور الدائر في المنطقة».
ورغم المواقف المعروفة من الصراع الإيراني التي تتبناها غالبية القوى المؤتلفة في تحالف «الإصلاح» والرافضة لانخراط العراق في سياسة المحاور، فإن تحذير الحكيم الجديد يعد في نظر عدد من المراقبين أوضح موقف يصدر عن رئيس أكبر ائتلاف نيابي عراقي بشأن الأزمة المتفاقمة منذ أشهر، بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران وطبيعة الموقف العراقي، وفقاً لمراقبين.
ويضم تحالف «الإصلاح والإعمار»، ائتلاف «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى جانب «تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم وله أكثر من 120 مقعداً نيابياً.
وأكد رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم، في بيان التحذير الذي أصدره أمس، أن «مفهوم الانفتاح والتواصل الدولي يتطلب تضامناً وطنياً من جميع الجهات وهو ما يتطلب خطاباً وسلوكاً موحداً يعي ويدرك الأولويات الوطنية والمصالح العليا للبلد».
وحذر من «الانجرار إلى سياسات غير حكيمة، قد تعرّض العراق لعزلة دولية، وحينها يكون العراق قد رجع إلى المربع الأول الذي ابتدأ منه».
مشيراً إلى أن «الانفتاح والتواصل الدولي لا يعني تغييب الإرادة العراقية في اتخاذ المواقف الحاسمة تجاه ما نؤمن به من ثوابت وقيم نبيلة وسامية، إذ لا يمكن تحقيق الريادة العراقية من دون مواقف شجاعة وواضحة تجاه أزمات المنطقة انطلاقاً من مصالح العراق العليا، ومراعاة المصالح المتبادلة والمتشابكة مع دول الجوار من الأشقاء والأصدقاء».
وشدد الحكيم على أن «مصلحة العراق تقتضي تعميق العلاقة مع الدول الشقيقة والصديقة والعمق العربي والجوار الإسلامي والمجتمع الدولي، فلا يمكن أن يكون طرفاً في أي محور تصادم، كما لا يمكن أن نقف متفرجين في الوقت ذاته حينما يتعلق الأمر بمصالح العراق وأمنه القومي».
بدوره، لم يستبعد عضو في تحالف «الإصلاح والإعمار» أن يكون بيان عمار الحكيم «رداً على تصريحات يدلي بها مسؤولون إيرانيون أو أميركيون بين فترة وأخرى، تشير إلى أن العراق مع هذا الطرف أو ذاك».
ويقول المصدر، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، إن «قيادات تحالف الإصلاح بشكل عام مع استقلال العراق ونأيه عن أي صراع إقليمي في المنطقة، ويدافعون عن فكرة أن ما حدث في العراق منذ عقود من حروب ودمار كان نتيجة التدخل في شؤون الآخرين، سواء من قِبل حكومات العراق قبل 2003 أو من قِبل دول الإقليم والقوى الدولية».
ويضيف: «هناك شعور متنامٍ لدى أعضاء تحالف الإصلاح بالمخاطر التي سوف يتعرض لها العراق إن وضع نفسه في موضع الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك، لذلك، فإن أولويتهم دفع المخاطر عن العراق بأي ثمن».
وتعليقاً على تصريحات المستشار الإيراني يحيى رحيم صفوي، حول وضع الحكومة العراقية ضمن ما تسمى «جبهة المقاومة»، اعتبر المصدر أن «تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين المستفزة صارت مؤلفة بالنسبة إلينا، وقبل أيام اعترف وافتخر الرئيس الإيراني حسن روحاني بمسألة تدخلهم في العراق والنفوذ الذي يتمتعون به في المنطقة. هؤلاء يبحثون عن مصالحهم وعمن يقف معهم في أزمتهم الخانقة، وعلى الحكومة والعراقية وجميع الكتل عدم السماح بانجرار العراق إلى معارك الآخرين».
من جهة أخرى، شن القيادي في تحالف «القرار» محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، أمس، هجوماً لاذعاً على رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، واتهمه باستغلال فرص التعيين بـ«الوكالة لبث مجموعة تؤمن بمشروع الثورة الإيرانية في دوائر الدولة العراقية» خلال فترة توليه منصب رئاسة الوزراء لدورتين بين عامي 2006 - 2014.
وقال النجيفي في منشور على صفحته في «فيسبوك»، إنه «في السنين الأولى للاحتلال تنافست القوى السياسية للحصول على المناصب العليا المتغيرة كالوزراء والنواب، وعمل المشروع الإيراني بصمت على تشكيل دولة عميقة من خلال السيطرة على المناصب الثابتة الأقل درجة كالمديرين العامّين ومساعديهم».
وأضاف أنه «بعد عام 2006 استغل المالكي فرصة التعيين بالوكالة لبث مجموعة تؤمن بمشروع الثورة الإيرانية في أجهزة الدولة الاستخبارية في الدفاع والداخلية والوزارات الحساسة والهيئات المستقلة والبنك المركزي وحتى القضاء».
لكنّ مدير مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، نفى ذلك، واتهم محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي، بـ«خيانة أبناء محافظته، وأنه يحاول العودة مجدداً عبر مشروع الثورة الإيرانية».
وقال مدير المكتب هشام الركابي في تغريدة على «تويتر»، إن «أثيل النجيفي أقل ما يقال عنه إنه فاسد ومتورط في ملفات فساد كثيرة وخائن لأبناء محافظته ويتحمل كل ما حصل ويحصل في الموصل الحدباء اليوم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.