التحقيقات في جريمة طرابلس تشمل شخصاً عَلِم بحصول الإرهابي على السلاح

TT

التحقيقات في جريمة طرابلس تشمل شخصاً عَلِم بحصول الإرهابي على السلاح

يواصل فرع التحقيقات في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وبناء على إشارة من القضاء العسكري، تحقيقاته مع الموقوفين لديه رهن التحقيق لتبيان دوافع عبد الرحمن مبسوط لتنفيذ عمليته الإرهابية في طرابلس عشية حلول عيد الفطر، التي ذهب ضحيتها 4 جنود من الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن التحقيق يشمل موقوفاً لدى شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي تردد أنه كان على علم بحصول مبسوط على السلاح الذي استخدمه لتنفيذ جريمته الإرهابية.
وتركز التحقيقات على جمع المعلومات، والتدقيق فيها، وتوثيقها، في محاولة يمكن أن تؤدي إلى التأكد مما إذا كانت هناك جهة محرضة أو مشغلة للإرهابي مبسوط، خصوصاً أن من بين الموقوفين رهن التحقيق من كانوا على علم بابتياعه الأسلحة التي استخدمها في ارتكاب جريمته، وصولاً إلى تبيان ما إذا كان من بين الموقوفين من هو على دراية بوجود نية للقيام بعمل إرهابي يستهدف القوى الأمنية.
وحول ما كان قد تردّد، من أن مبسوط أُوقف في آذار (مارس) الماضي وأُخلي سبيله، رغم أنه هدّد لدى توقيفه بالثأر من الجيش وقوى الأمن، أكدت مصادر أمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن ما تناقله البعض في هذا الخصوص ليس دقيقاً، وأن هناك مبالغة في نسب مثل هذه الأقوال إلى مبسوط.
وقالت إن مبسوط بعد خروجه من السجن، سعى للبحث عن وظيفة، وقصد مرفأ طرابلس لعله يعمل حمالاً، لكن دائرة الأمن العام فيه أوقفته بناء على وجود مذكرة تنص على مراقبته والتقصي عنه.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن الأمن العام في المرفأ سلمه إلى الشرطة العسكرية التي استجوبته، وتواصلت مع النيابة العامة العسكرية التي طلبت الإفراج عنه، وقالت إنه لدى التحقيق معه كرّر أقواله، بدءاً من توجّهه إلى سوريا للقتال إلى جانب المجموعات الإرهابية، وصولاً إلى توقيفه في تركيا، وإبعاده إلى بيروت.
واستغربت المصادر ما أُشيع عن أنه تم الإفراج عنه، رغم أنه هدد لدى توقيفه في مرفأ طرابلس بالثأر من الجيش وقوى الأمن، وقالت إن مبسوط باع أثاث منزله وهو يستعد للقيام بجريمته الإرهابية، وإن التحقيقات جارية للتأكد مما إذا كان قد صَرَفَ هذا المال لشراء الأسلحة التي استخدمها في جريمته، أم أن هناك جهة مشغلة تولت تأمين كل التسهيلات اللوجيستية له.
وأكدت المصادر أن التحقيقات تركز حالياً حول ما تردد من أنه استخدم دراجة نارية غير دراجته في أثناء تنفيذ جريمته على مراحل، بذريعة أن المسافة التي قطعها من مكان إلى آخر لا يستطيع أن يقطعها مشياً على الأقدام. وقالت إن الجهود قائمة لجمع كل ما لدى الموقوفين من معلومات شخصية تتعلق به، إضافة إلى زوجته ووالده وشقيقيه.
واستبعدت المصادر أن يكون قد شارك في المعارك التي دارت بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، أو توجّه إلى بلدة عرسال البقاعية للقتال إلى جانب المجموعات الإرهابية المتشددة، قبل أن يصار إلى تحرير جرودها.
كما أن التحقيقات لم تأخذ بما كان قد قاله الوزير بوصعب فور وقوع الجريمة الإرهابية، خصوصاً لجهة أنه سيطلب إجراء تحقيق للتأكد مما إذا كانت هناك جهة تدخلت لخفض العقوبة التي حُكم بها مبسوط، وسعت للإفراج عنه.
وعزت مصادر أمنية وسياسية السبب إلى أن موقف بوصعب لم يلقَ ارتياحاً لدى القضاء العسكري، ولا لدى بعض القيادات السياسية التي تعاملت معه وكأنه أراد أن يغمز من قناة جهاز أمني معين، في إشارة إلى شعبة «المعلومات»، وإلا لما ترتّب على مطالبته هذه فتح سجال مع قيادات في تيار «المستقبل»، إضافة إلى الموقف اللافت الذي صدر عن وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، وكان بمثابة رد قاطع توضيحاً للحقيقة، خصوصاً أنه لا علاقة لـ«المعلومات» بتحديد مدة العقوبة التي حُكم بها مبسوط.
كما أن الاجتماع الأمني - السياسي الذي ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون في اليوم التالي من وقوع الجريمة لم يأخذ بـ«نصيحة» بوصعب الذي عاد، بحسب ما توافر لـ«الشرق الأوسط» من معلومات، وأجرى اتصالات سعى من خلالها إلى توضيح موقفه في اتجاه سحب اقتراحه من التداول وكأنه لم يكن. وشملت اتصالات بوصعب كثيراً ممن انزعجوا من اقتراحه، وتعاملوا معه وكأنه يشكك بالأحكام الصادرة عن القضاء العسكري، أو يحاول الغمز من قناة شعبة «المعلومات»، حتى أنه تردّد أن رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله لم يكن مرتاحاً لموقف وزير الدفاع، وأنه أسرّ بانزعاجه إلى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي نجح منذ اللحظة الأولى في تصويب الموقف في اتجاه دعوته إلى التنسيق لمواجهة الإرهاب والتصدي له.
لذلك لم يكن من مجال - كما تقول مصادر وزارية - أمام القوى الأمنية سوى التنبُّه، ورفع مستوى الجاهزية والتنسيق، تحسباً لما إذا كانت هذه العملية الإرهابية بمثابة مؤشر على استيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة بناء لأمر عمليات من «داعش»، مع أنه ثبت أن طرابلس ليست حاضنة للإرهاب، وتدعم مشروع الدولة، وكانت أول من تصدى للمجموعات المتشددة.
وعليه، فإن التحقيقات في ملف العملية الإرهابية تدور حول 3 فرضيات: الأولى أن تكون لدى مبسوط اضطرابات نفسية دفعته لما أقدم عليه، والثانية وجود أكثر من شخص نفذ العملية، والثالثة تأتي في سياق فرضية «الذئب المنفرد»، الأكثر ترجيحاً حتى الساعة، إلا إذا توصلت التحقيقات إلى تبيان فرضيات أخرى، مع الإشارة إلى أن مبسوط كان قد بدأ يتعاطى المخدرات قبل بلوغه سن الرشد، وأوقف مراراً بسبب إيذاء أشخاص والتعرض لهم من دون أي مبرر.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.