تيمور الموج: الطعام الشعبي في فلسطين كله مشاعر

برنامجه «شيف مان 4» يتجول بين أطباقها

تيمور الموج مع فريق العمل في بيت لحم
تيمور الموج مع فريق العمل في بيت لحم
TT

تيمور الموج: الطعام الشعبي في فلسطين كله مشاعر

تيمور الموج مع فريق العمل في بيت لحم
تيمور الموج مع فريق العمل في بيت لحم

في مطعم قعبر القديم بمدينة بيت لحم أوشك تيمور الموج أن يُغمى عليه حين تذوّق أول قطعة من دجاجة مشوية على الفحم، حينها وقع على سر هذه اللذة؛ إنها «المثوّمة» يغمس فيها المرء لقيمات من دجاج يظل محتفظاً بقوامه الطري فتعزف فرقة غنائية داخل الفم، هكذا يصف تيمور النكهة. ويزيد بالقول: «هنا لا يمكن أن تسمع صوتاً. الجميع مشغول بالطعام».
وبالمدينة نفسها يوجد مطعم للكباب الحار؛ خلطة الكباب فيه - مزيج من لحم العجل والخروف - لم تتغير منذ 35 عاماً؛ في حين تُفرد الخلطة على امتداد الفلفل الأخضر الطازج ليحملها بشكل ساحر فوق الجمرات.
«الشرق الأوسط» تطلع عن كثب على جولة استكشافية ساحرة بين ربوع فلسطين قام بها الموج في برنامجه «شيف مان» الموسم الرابع على قناة «رؤيا» للتعرف على الطعام التقليدي.
يقول تيمور عن تصويره لـ12 حلقة في أجواء ممتعة: «أضاف الطبخ الشعبي الكثير إلى تجربتي؛ فقد سنحت لي الفرصة للاطلاع على مهارات وأسرار لم أعرفها من قبل بشأن الطرق التقليدية الأصيلة؛ هذه الرحلة كانت مدرسة حقيقية».
«إنه الموسم الرابع من برنامجك... بأي روحٍ قدّمته شيف تيمور؟»... قفز الحماس إلى نبرة صوته حين قال: «كان مشوارا كاملا وليس فقط أطباق طعام، استمتعت فيه مع فريق العمل بطبيعة فلسطين وشوارعها وناسها؛ مجرد رؤية هذه البلاد المقدسة في الليل والنهار أشعرنا بالبهجة؛ لقد عشنا رحلة متكاملة مليئة بالقصص الجميلة منذ ابتدأت وحتى انتهت... يــا سلام!».
ويذكر الشيف الأردني سبب اهتمامه بالطعام الفلسطيني: «الإعلام لم يعطه حقه مع أنه ذائع الصيت، ثمة أطباق غنية بكل المقاييس يتوجب أن نتحدث عنها ونبادر إلى توثيقها سيما الأكلات التراثية الفلسطينية؛ وبدوري كان لزاما علي أن أشارك في إنصافها».
وعن التحديات التي واجهته أثناء إعداد الحلقات، يتحدث لـ«الشرق الأوسط»: «قطعت مع فريق العمل مسافة 900 كيلومتر لنغطي مناطق معينة في الأراضي الفلسطينية، لم يكن أمامنا سوى عشرة أيام للتصوير وأردنا أن نتناول قدر المستطاع أكلات ومطاعم تاريخية في فلسطين؛ كما تمنيت أن تدخل كاميرتنا إلى جميعها».
وبحسب ما يخبرنا فإن الجولة شملت كلاً من مدينة الخليل وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ونابلس ورام الله والقدس وجنين وأريحا وقريتي زيتا وعين عريك.

القِدرة بهاراتها بسمنتها
من الأطباق التي سال لها لعابه، الرقاب المحشوة بالأرز في مطعم أبو مازن بمدينة الخليل، وفي نابلس تذوق «حلاوة القرع الغوري» المُغري بلونه الأحمر ويُطلق عليها «حلاوة بزلابية» ويتهادى بها الناس في يوم المولد النبوي ويطلبها الأقارب المقيمون في الخارج، وفي محل عرفات الذي يتجاوز مائتي عام يجرب تيمور التمرية للمرة الأولى في حياته وهي من الأكلات التراثية النابلسية.
وبابتسامة عفوية يواصل حديثه: «لكل محطة في هذه الجولة سحرها الخاص على صعيد الناس والأطباق والأطباع؛ ولكل مطعم نكهته الجميلة في طريقة التحضير مهما بدا صغيرا ومثال ذلك مطاعم الحمص، في كل مكان زرته ارتوت روحي وعلى وجه الخصوص مدينة القدس؛ ويكفيني حفاوة الفلسطينيين وكرم ضيافتهم ودفئهم».
وفي مقام كهذا يتباهى المسخن الفلسطيني بمكانته، لذا لم يتردد تيمور في التوجه إلى مطعم الفلاحة بقرية عين عريك الوادعة، حيث يتولى المَهمة شاب ماهر يُعدّه من الصفر؛ يتابع «الشيف مان» الطريقة خطوة بخطوة ثم يبحث عن كلمة شكر تليق بالوجبة الفاخرة فلا يجد غير هذا: «رِيحة وطعم ولون؛ يجتمع خبز القمح والزيت ودجاج بلدي قد ذاب لحمه والسماق والصنوبر والبصل».
(لكن ماذا عن القدرة الخليلية؟) لم يكن له أن يفوّت فرصة التهام «أكلة» مليئة بالمشاعر حسب وصفه، فقد ذهب إلى فرن أبو سنّينة القديم، وفي عُرف أهل مدينة الخليل الذين يشتهرون بحبهم للسمن البلدي «القدرة» لا يضاف إليها البهار المعتاد وإنما يُستعاض عنه بـ«السمن البلدي» المطبوخ بزبدة النعاج، لذا توصف القدرة بعبارة دارجة «بهاراتها بسمنتها»، ولا يضاف إليها ثوم أو حمص كما تفعل المدن الأخرى، أي أن مقادير القدرة فقط: أرز ولحم وسمن وكركم، وفقا لتيمور.
ويتركز جوهر برنامجه على الطعام الشعبي، وراح بشغف يحكي عنه: «بكلمة واحدة «خيالي»؛ فيه نتعامل مع أكلات بسيطة تغلب عليها مشاعر جياشة وتاريخ عريق، يغمرها التجانس والحب، وثمة مطاعم شعبية يبلغ عمرها 100 عام توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وفي ذلك مدعاة للفخر!.
أسعد شخص في العالم
يُولّى وجهه نحو قرية زيتا المشهورة بزيت الزيتون الفلسطيني حيث تداعبه نسمات الريف على وقع ألحان تراثية؛ مشاركاً في عدة أطباق شهية تم وضعها بأوانٍ فخارية «قدِر» وإدخالها إلى الفرن العربي، وأمام الرباعية الجميلة: «الطافورة» وتتكون من لحم فقط؛ وورق عنب، وفريكة، ومقلوبة، يصف الطعم بكلمتين: «معمول بِنفس».
لمعة عينيه تفضح غرامه بطعام نابلس كلما زار أقدم محالها؛ حتى حين أحضر أحدهم له «مدلوقة منزلية مع قشطة» وَصَفها بالقول: «إشي ما صار».
يدخل «حلويات الأقصى للكنافة النابلسية» الذي يعد من أشهر محال الكنافة بنية أن يتعلمها على أصولها، إذ تُفرد السمنة على الصينية النحاسية ثم ترش عجينة الكنافة التي يُحضرّها صاحب المحل بنفسه وتكون ناعمة وجافة، ثم تضاف منها طبقة أخرى، ثم تُوزّع الجبنة المالحة عليها بعد تقطيعها إلى أجزاء صغيرة ونقعها في الماء لمدة يوم على أن يتم تنعيمها حتى تسيح بسرعة، وبعد 8 دقائق من وضعها تصبح جاهزة للتقديم؛ ولأول مرة يأكل «الكنافة الصح»، أسعفته جملة واحدة بعد أن عجز عن وصف مذاقها: «في هذه اللحظة أنا أسعد شخص في العالم».
إنها نابلس الحافلة بالمطاعم العتيقة؛ فيها مطعم عجعج الذي أقيم عام 1935 وقدم له فطور العجة؛ يعبر عن سعادته بذلك الصباح الذي لا يُنسى: «الطعام هنا بسيط لكن فيه روح غير عادية، كل ما هو جديد ومثير للانتباه حرصت على تعلّمه، ولو أن العم أبو سامر - صاحب «عجعج» - دوّن لي الوصفات واتبعتها حرفياً؛ فلن أفلح أبدا في الوصول إلى الطعم الخرافي نفسه».
تقارب شديد بين المطبخين الفلسطيني والأردني بفضل التجانس بين المكونات؛ هذا ما يراه تيمور؛ بدليل أن المطبخ الأردني يقدم الكثير من الأكلات الفلسطينية والعكس صحيح، «في فلسطين الكثير من المطاعم تطبخ المنسف؛ وفي الأردن مطاعم تقدم الكنافة والمسخن؛ لكن وقوفنا على طرق تحضير بعض الأطباق التراثية بشكلها الأصيل ينعش القريحة الطهوية ليصبح المذاق «حكاية مدهشة»، لأن العمل وفق تكنيك معين يرتقي بمستوى الطبخة»؛ تِبعاً لكلامه.
وعن أطباق تربّعت في قلبه وتجاوزت علاقته معها حد الإعجاب، ضحك وأجابني: «الكنافة النابلسية؛ إذ تتكون من جبن وكنافة وقطر وسر لا يبوحون به يجعل مذاقها مذهلا؛ دعيني أخبرك بأن الكنافة والمسخن على وجه التحديد لو جربتهما في أي مكان في العالم لا يمكن أن يكونا بذات النكهة والإتقان التي في فلسطين «ولا يُمكن»... مُجدَدا تخرجُ الكلمة من أعماقه بصدق.
ويبدو أنه شعر بحاجة للتوضيح أكثر فقال: «المكونات الأولية في فلسطين «طيّبة» وفيها خير مما يمنحها تميزاً فائقاً عن سائر المناطق».
«زيارة قطاع غزة» رغبة يتحرّق شوقا لها، إلا أن الظروف في الوقت الراهن لا تسمح لأن يجرب متعة التجوال بين أطعمتها وأهلها.
وحتماً سيشتعل الحنين في كل من تراوده أمنية القدوم إلى الأرض المباركة إذا ما سمع تيمور يترنّم بالقول في نهاية حديثه: «من لم يأكل أكلات فلسطينية في قلب فلسطين فقد فاته الطعم الأصلي والحقيقي لهذه الأطباق التاريخية الرائعة».



حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
TT

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها علي الأرجح خيار مخيب للآمال. على سبيل المثال، قالت أميليا جايست، طاهية المعجنات في The Lodge at Flathead Lake، وهي مزرعة شاملة في مونتانا الأميركية: «إذا كان المطعم جزءاً من سلسلة، فسأقرر أن معظم الحلويات يتم صنعها في مطبخ تجاري خارج الموقع»، وفقاً لما ذكرته لصحيفة «هاف بوست» الأميركية.

يرجع هذا إلى أن هذه المطاعم المملوكة للشركات تحتاج إلى تقديم خدمات ترضي الجماهير؛ وهو ما يؤدي عادة إلى اختيار آمن وتقليدي للغاية، وفقاً لريكي سوسيدو، رئيس الطهاة التنفيذي للحلويات في مطعم Pata Negra Mezcaleria في أتلانتا.

وقال سوسيدو: «عندما يكون الأمر عبارة عن كعكة براوني على طبق، وشريحة من الكعكة، وكريمة بروليه، وربما بعض الكريمة المخفوقة»، فهذه هي إشارة لتخطي الطبق.

وإذا رأيت كعكة معروضة مع خطوط قطع واضحة وموحدة تماماً، فمن المرجح أن تكون من مخبز جملة متخصص ولم تُعدّ بشكل طازج.

مع ذلك، قالت كلوديا مارتينيز، رئيسة الطهاة للحلويات في مطعم Miller Union الحائز نجمة ميشلان في أتلانتا: «إذا كان مطعماً صغيراً في منتصف الطريق، فقد تعلمت أنه عادةً لا يتم تصنيعه داخلياً؛ لأن معظم المطاعم لا تستطيع تحمل تكلفة وجود طاهي حلويات على قائمة الرواتب».

واتفق طهاة المعجنات على أن هناك علامات تحذيرية عن النظر في قائمة الحلوى، ولماذا يتخطون بعض الأصناف.

كعكة الجبن

بالنسبة لمارتينيز، فإن كعكة الجبن الكلاسيكية هي واحدة من أكبر المؤشرات على أنها قد تكون في سوق شعبية أو مطعم يجذب السياح.

من جانبه، جوس كاسترو، طاهي المعجنات، قال: «أتذكر أنني ذهبت إلى مطعم مشهور بكعكات الجبن واشتريت كعكة كاملة وقيل لي أن أنتظر ساعتين على الأقل حتى تذوب؛ لأنها تصل إليهم مجمدة»؛ وهو ما يؤكد بلا شك أنها لم تُصنع طازجة في المنزل بواسطة طاهي معجنات.

قد تقدم المطاعم التي يعمل بها طهاة معجنات تفسيرات راقية للطبق المفضل التقليدي من قبل قاعدة عريضة من الجمهور، واعترف جايست: «إذا تم صنع كعكة الجبن في المنزل أو بواسطة مخبز محلي، فمن الصعب عليّ أن أقول لا!» لكن هذا لا يزال اختياراً غير آمن.

وقال سوسيدو: «خلال تجربتين مختلفتين، أعطوني كعكة جبن فاسدة، وربما نسوا السكر في إحداهما!». ومنذ ذلك الحين، أصبح لا يثق في كعكات الجبن.

كريمة بروليه

قالت دانييلا ليا رادا، رئيسة الطهاة في مطاعم هيلتون اتلانتا: «كريمة بروليه هي الحلوى التي لا أطلبها أبداً». وتضيف: «تستخدم معظم المطاعم قاعدة مسحوقة لصنعها، كما تستخدم الفانيليا المقلدة لتقليل التكلفة وإخفاء زيف قاعدة المسحوق. وعادة ما تكون مطبوخة أكثر من اللازم وحبيبية، ولا يتم حرقها بشكل صحيح أبداً ويتم تزيينها بنسبة 99 في المائة بالفراولة، وهو أمر قديم الطراز للغاية».

كعكات براونيز

قالت جايست: «البراونيز من الحلويات التي أعطيها صفراً؛ لأنها في الغالب مصنوعة تجارياً»، وأشارت إلى أنه من السهل وغير المكلف شراء مزيج كعكات براونيز لخبزها في المنزل للحصول على نتائج أفضل. تقترح إضافة رقائق شوكولاته إضافية أو طبقة من زبدة الفول السوداني لجعلها أكثر روعة.

مولتن كيك

تأخذ ليا رادا الشوكولاته على محمل الجد؛ ولهذا السبب، لن تطلب كعكة الحمم البركانية المذابة (المولتن كيك) أبداً. قالت: «عادةً ما تكون مصنوعة من الشوكولاته الرخيصة ذات النسبة العالية من السكر».

قالت كاريليس فاسكيز، رئيسة الطهاة في فندق فورث أتلانتا إنها «تميل إلى مذاق معززات النكهة الاصطناعية».

وقالت مارتينيز بشأن شكاوى الجودة: «البراونيز تُنتج دائماً بكميات كبيرة وتُباع بتكلفة عالية؛ مما يجعلها ذات قيمة رديئة».

الفطائر

لا يوجد شيء جميل مثل الفطائر الطازجة المخبوزة، لكن لسوء الحظ، لا يثق الكثير من طهاة المعجنات في تلك التي تظهر في قوائم الحلوى ويستشهدون بها باعتبارها الحلويات الأكثر شيوعاً التي تتم الاستعانة بمصنعات ومخابز جملة تجارية لإعدادها.

قالت جايست: «يتم الحصول على الفطائر دائماً بشكل تجاري؛ لأنها رائعة للمطاعم وفي متناول اليد نظراً لسهولة تخزينها والحفاظ عليها طازجة في الفريزر». بالإضافة إلى ذلك، «تشتريها المطاعم بتكلفة منخفضة وتفرض مبلغاً جنونياً لبيعها إلى الزبون»، كما قال كاسترو.

ويتجنب الطهاة في العادة فطيرة الليمون والكرز؛ لأن «تلك الفطائر عادة ما تعتمد على معزز النكهة بدلاً من الفاكهة الحقيقية».

وتصف الطاهية مارتينيز فطيرة الليمون بأنها «مخيبة للآمال، وتفتقر إلى الإبداع، وحلوة للغاية وعادة ما تكون مجمدة»، وقالت ليا رادا إنها تنفر من «القشرة الناعمة، وكريمة الليمون الحلوة للغاية». بالنسبة لجيست، «إنها ببساطة ليست شيئاً يجب اختياره إذا كنت ترغب في تناول منتجات طازجة من الصفر».

الحلويات المزينة بشكل سيئ

الجميع يحبون ملعقة كبيرة من الكريمة المخفوقة... أليس كذلك؟ على ما يبدو، هذا اختيار خاطئ، وفقاً لهيئة طهاة المعجنات الأميركية.

وكشفت مارتينيز: «كريمة مخفوقة على شكل نجمة مع زينة النعناع، ​​وفراولة مقطعة مثل الوردة، هذه علامات على أن الحلوى ربما تم توفيرها من قِبل مخبز تجاري».

تلك التفاصيل التي توضح أن الحلوى لم يحضّرها شخص لديه خبرة احترافية في مجال الحلويات.