«داعش» يبحث في ليبيا عن «دولته المزعومة»

بعد رصد عناصر التنظيم في مواكب تجوب جنوب البلاد وغربها

TT

«داعش» يبحث في ليبيا عن «دولته المزعومة»

رصدت قيادات أمنية، ومجموعات من السكان المحليين، عناصر لتنظيم داعش يتجولون بسياراتهم ويلوحون براياته السوداء، في أكثر من مدينة جنوب ليبيا وغربها، فيما اعتبر مؤشراً إلى عودة وشيكة للتنظيم للتوسع مرة أخرى في ليبيا التي طُرد منها، مستغلاً استمرار المعارك العسكرية بين قوات «الجيش الوطني» وحكومة «الوفاق» في العاصمة طرابلس.
وتحدث عدد من سكان مدن الجنوب الليبي، عن مشاهدتهم، منذ منتصف الأسبوع الماضي، عناصر التنظيم يحومون حول بلداتهم النائية في قلب الصحراء. وقال جبريل بوسنة الذي ينتمي إلى مدينة مرزق، إن «عدداً من المواطنين رصدوا بعض العناصر المسلحة يتوغلون بسيارات مدججة بالمدافع، وتعلوها رايات سوداء، داخل المدينة، لكنها سرعان ما غادرت المنطقة إلى الصحراء، وتركت المواطنين في حالة خوف شديد».
وأضاف بوسنة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعلم أن الجماعات الإرهابية، التي تسكن التخوم الجبلية للمنطقة لن تغادرنا أبداً، وأنها ستنتهز الفرصة للانقضاض على بلداتنا للقتل والسرقة كما حدث من قبل»، ولفت إلى أن «الأوضاع المفككة في بلادنا تسمح بعودة الدواعش إليها للثأر بعد هزيمتهم الأعوام الماضية في المدن التي أرادوا إقامة دولتهم المزعومة فيها مثل سرت ودرنة وبنغازي».
وما حدث في مرزق تكرر في مدينة أوباري وعلى أطراف سبها، إذ تحدث بعض نشطاء الجنوب عن أن «الحدود المفتوحة، وغياب الأمن سهّل على مسلحي التنظيم التجول في الجنوب الليبي».
وتعرضت مناطق الفقهاء وزلة جنوب البلاد، لهجمات متكررة من عناصر «داعش»، التي ارتكبت جرائم قتل وتعذيب ونهب. وفي التاسع من أبريل (نيسان) الماضي، قتلت عناصر التنظيم عبد الكافي أحمد، أحد عناصر الحرس البلدي في الفقهاء، ورئيس المجلس المحلي أحمد ساسي.
ومنحت الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد مساحة واسعة للتنظيم كي يتحرك بحرية كبيرة، دفعته للعودة منتصف الأسبوع الماضي، إلى مدينة درنة الساحلية (شرق البلاد) التي أعلن «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر تحريرها، للثأر من قياداته وجنوده.
وتوقعت تقارير محلية ودولية انتقال حرب «الإرهابيين» بعد الضربات التي تلقاها «داعش» في سوريا والعراق إلى دول الساحل الأفريقي، محذرة من «بيئة خصبة» في ليبيا، لإقامة «الدولة المزعومة».
لكن وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوفاق» تقول إنها تقبض من وقت لآخر على عناصر ينتمون لـ«داعش»، يريدون استغلال الأوضاع في طرابلس، وتنفيذ عمليات إرهابية، مشيرة إلى أن عدداً من هؤلاء الإرهابيين يقبعون في سجونها.
وتبنى «داعش» عبر منصته الإعلامية، مساء أول من أمس، مسؤوليته عن تفجير سيارتين ملغومتين استهدف وحدة عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» في درنة، ما تسبب في إصابة 18 شخصاً على الأقل.
وربط سياسيون وأعضاء في مجلس النواب من الموالين لـ«الجيش الوطني»، بين العملية العسكرية الدائرة في طرابلس، وظهور عناصر «داعش» مجدداً، وقالوا إنه بعد «تحرير العاصمة من الميليشيات المسلحة، ستنتهي كل العمليات الإرهابية في درنة وبعض المدن الليبية».
وقال اللواء محمد الغصري، الناطق الإعلامي لقوة «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة «الوفاق» بأن القوة رصدت ظهور خلايا لتنظيم داعش في منطقة القره بوللي التي تبعد عن العاصمة طرابلس 60 كيلومتراً.
ووصف الغصري، بحسب وسائل إعلام محلية، أمس، الأمر بـ«الخطير ما لم يتم القضاء على خلايا التنظيم الإرهابي»، لافتا إلى أن «التنظيمات الإرهابية، هي المستفيدة من الحرب الدائرة في حول طرابلس، لذا تسعى إلى التمركز من جديد».
وكان مركز «ستراتفور» الأميركي للدراسات الأمنية والاستراتيجية المقرب من الاستخبارات، أفاد في تحليل نشره الأربعاء الماضي، أن تنظيم داعش الإرهابي يتوسع مرة أخرى في ليبيا، معتبراً أن عمليات «داعش» في درنة وفي أماكن أخرى بالبلاد، «تشير إلى أن الجماعة الإرهابية توسع مرة أخرى من منطقة نشاطها».
وتخوف المركز من قيام التنظيم بالعودة مجدداً للنشاط في ليبيا مع بدء الشهر الثالث لمعركة طرابلس، خاصة في ظل تبنيه العديد من العمليات الإرهابية.
وسبق وأعلن قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، رسمياً تحرير مدينة درنة من الإرهابيين قبل نحو عام. وقال في خطاب متلفز: «نعلن بكل فخر تحرير مدينة درنة الغالية على كل الليبيين وعودتها آمنة مطمئنة إلى أحضان الوطن لتعم الفرحة كافة أرجاء ليبيا».



«استهلاك الغذاء السيئ» غير مسبوق بمناطق سيطرة الحوثيين

نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
TT

«استهلاك الغذاء السيئ» غير مسبوق بمناطق سيطرة الحوثيين

نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)

بلغ «استهلاك الغذاء السيئ» في جميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين مستوى قياسياً، وتجاوز المرحلة «المرتفعة جداً»، التي تبلغ 20 في المائة، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لأحدث البيانات التي وزعها «برنامج الأغذية العالمي».

وفي تقريره الشهري عن الوضع الإنساني، ذكر «البرنامج» الأممي أن معدل انتشار «الاستهلاك غير الكافي من الغذاء» في اليمن، انخفض من 64 في المائة إلى 60 في المائة، وربط ذلك في المقام الأول بالأنماط الموسمية المتعلقة بموسم حصاد الحبوب، وانخفاض شدة الفيضانات، وبدء دورة المساعدات الغذائية الثالثة في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وتوزيع الغذاء من خلال عملية الاستجابة السريعة للطوارئ في المناطق الخاضعة للحوثيين.

ثلث الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين أبلغوا عن «حرمان شديد من الغذاء»... (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير، فقد أفاد نحو ثلث الأسر بمناطق سيطرة الحوثيين (32 في المائة) بـ«حرمان شديد» من الغذاء. وبيّن أنه رغم الانخفاض الشهري، فإن معدل انتشار «الاستهلاك السيئ من الغذاء» ظل أعلى بنسبة 65 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2023. وأكد «البرنامج» أن جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تجاوزت عتبة «المرتفع جداً»، التي تبلغ 20 في المائة لـ«الاستهلاك السيئ من الغذاء»، باستثناء مدينة صنعاء.

وذكر أن الذروة سُجلت في محافظات: البيضاء والجوف وعمران وريمة وحجة، مع زيادة تقترب من الضعف على أساس سنوي بمحافظات: البيضاء والحديدة والجوف والمحويت.

تباينات كبيرة

ولاحظ «البرنامج» وجود تباينات كبيرة؛ ففي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، واجهت نسبة 64 في المائة من الأسر «استهلاكاً غير كافٍ من الغذاء»، مع زيادة «الحرمان الشديد» بنسبة 39 في المائة على أساس سنوي، في حين بلغت هذه النسبة في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي 57 في المائة، لكن «الحرمان الشديد» في هذه المناطق ارتفع بنسبة 51 في المائة على أساس سنوي.

ووفق التقرير، فإنه يُعتمد بشكل كبير على «آليات التكيّف المتطرفة» بين الأسر، حيث تبنت 52 في المائة من الأسر اليمنية استراتيجيات تكيف شديدة في الاستهلاك، خصوصاً بمناطق سيطرة الحوثيين، بنسبة 54 في المائة. وشملت الممارسات الشائعة «تقليل أحجام الوجبات» بنسبة 77 في المائة، كما أفاد 72 في المائة بأنهم يتناولون «أطعمة أقل تفضيلاً».

64 % من النازحين اليمنيين عجزوا عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الدنيا (الأمم المتحدة)

كما لاحظ تقرير «برنامج الغذاء العالمي» تحديات شديدة في سبل العيش، مع انتشار استراتيجيات عدة في مناطق سيطرة الحوثيين، مثل التسول (9 في المائة) وبيع الأصول. وأشار إلى تأثر النازحين داخلياً بشكل خاص، فلم تتمكن 64 في المائة من الأسر النازحة داخلياً من تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا، وارتفعت نسبة «الحرمان الشديد من الغذاء» إلى 36 في المائة خلال مدة التقرير.

وعلاوة على ذلك، فقد أفاد التقرير الأممي بأن أسرة واحدة من كل 5 أسر يمنية (21 في المائة) أشارت إلى أن لديها فرداً واحداً على الأقل قضى يوماً وليلة كاملين دون تناول الطعام بسبب نقص الغذاء. وظل وضع الأمن الغذائي عند مستوى ينذر بالخطر في جميع أنحاء اليمن.

مستويات شديدة

وأكد «البرنامج» أنه بالمقارنة مع عام 2023، الذي صُنّف فيه اليمن بوصفه ثاني أعلى درجة على «مؤشر الجوع العالمي»، فقد تضاعفت أسعار الوقود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بينما زادت بشكل كبير في المناطق الخاضعة للحوثيين.

وفي نهاية الربع الثالث من العام الحالي، يذكر التقرير أن الأسر التي تعاني من نقص استهلاك الغذاء كانت أكثر من نصف الأسر التي شملها الاستطلاع باليمن (52 في المائة).

67 % من سكان مناطق الحوثيين اضطروا إلى تقليل حجم الوجبات (إعلام محلي)

والنسبة السابقة - وفق التقرير - أعلى بـ20 في المائة مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، مع مستويات شديدة من «سلوكيات التكيف الغذائي السلبية للغاية» التي تتوافق مع مستوى «المرحلة الثالثة» من «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والحرمان من الغذاء (استهلاك غذائي رديء)»، والتي ارتفعت بشكل كبير على مدار العام الماضي ووصلت إلى 33 في المائة.

وبيّن تقرير «برنامج الأغذية العالمي» أن الحد من حجم الوجبة، والاستهلاك الأقل تكلفة، من التحديات الرئيسية أيضاً، وذكر أن 67 في المائة من الأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات قالوا إن «استهلاك الأطعمة الأقل تفضيلاً» هو الاستراتيجية الأكثر استخداماً.