رسم تقرير أسترالي صورة مرعبة لسيناريو كارثي للبشرية، إذا لم نشرع في التعامل مع التغييرات المناخية، ولمّح إلى أنه بحلول عام 2050 ربما تتعرض أنظمة المناخ العالمي لأضرار لا يمكن التغلب عليها، وتؤدي إلى عالم من الفوضى، يصبح فيه الذعر السياسي هو القاعدة، ويضعنا على الطريق نحو نهاية الحضارة.
وذكر خبراء أن أسوأ ما يتعلق بالتقرير أنه يعتبر نظرة هادئة وعقلانية لمدى التردي الذي قد يصيب كوكبنا ومدى سرعته، إذا لم يتوقف البشر عن إطلاق الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
من بين هؤلاء الخبراء آدم سوبيل، بروفيسور الفيزياء التطبيقية والرياضيات بجامعة كولومبيا في مدينة نيويورك، والذي يدرس ديناميكيات المناخ والغلاف الجوي، والذي قال: «لا تبدو هذه السيناريوهات مستبعدة من وجهة نظري. ولا أرى أن هناك أي عنصر بها مفرط في الجنون أو الخيال».
كان التقرير قد صدر عن مؤسسة فكرية مستقلة في أستراليا، تدعى «بريكثرو ناشونال سنتر فور كلايمت ريستوريشن»، ويطرح سيناريو لعام 2050، في عالم لم يخفض البشر فيه انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يكفي لمنع ارتفاع درجات الحرارة.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة نشرت تقريراً العام الماضي، أكدت خلاله ضرورة تحرك دول العالم بسرعة نحو الحدّ من استخدام الوقود الحفري لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة سيليزية. وذكر التقرير ضرورة أن يبدأ التحول بعيداً عن الوقود الحفري الآن، ويستمر على مدار الـ20 عاماً القادمة.
أما التقرير الأسترالي، فقد رسم صورة العالم حال عدم تحقيق ذلك وارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات سيليزية أو أكثر، ما يعادل ارتفاعاً بقيمة 5.4 درجة فهرنهايت. وبينما قد لا يبدو هذا ارتفاعاً كبيراً، فإنه من المتوقع أن تنجم عنه على المستوى العالمي تحولات كبرى وكارثية في المناخ والزراعة، بل إمكانية سكنى البشر في بعض المناطق.
وعلّق سوبيل على ذلك بقوله: «ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات سيليزية بحلول العام 2100 يعد تقديراً متوسطاً، فهو ليس متطرفاً، ويبدو معقولاً تماماً».
وقال واضعو التقرير إن السيناريو الذي رسموه يطرح «لمحة لعالم من (الفوضى الكاملة) في طريقه نحو نهاية الحضارة البشرية والمجتمع الحديث كما نعرفهما، وتصبح في إطاره تحديات الأمن العالمي هائلة، ويتحول الذعر السياسي إلى العرف السائد».
ويسير السيناريو الذي رسموه على النهج التالي...
خلال السنوات المؤدية إلى العام 2050، يخفق صانعو السياسات في تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتتعرض الحجة الداعية للتعبئة المناخية العالمية الطارئة إلى «تجاهل مهذب». تصل انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى ذروتها عام 2030، وتبدأ في التراجع لاحقاً بسبب انخفاض معدلات استخدام الوقود الحفري، لكن الضرر يكون قد وقع بالفعل، ويصل ارتفاع درجات حرارة الأرض إلى 3 درجات سيليزية.
بحلول عام 2050، يرتفع منسوب مياه البحار بمقدار 1.6 قدم، ومن المتوقع ارتفاعه بما يصل إلى 10 أقدام بحلول عام 2100.
عالمياً، يعيش 55 في المائة من البشر في مناطق تتعرض لأكثر عن 20 يوماً من الحرارة القاتلة سنوياً، ما يتجاوز قدرة للبشر على البقاء.
تعاني أميركا الشمالية من تقلبات مناخية مدمرة، منها حرائق غابات وموجات شديدة الحرارة وجفاف وفيضانات. وتنحسر المياه في الأنهار الكبرى بآسيا بسبب فقدان أكثر عن ثلث الغطاء الجليدي لمنطقة الهيمالايا. وينجم عن ذلك تشريد مليار شخص.
وبالتوازي مع ذلك، فإنه في غضون 30 عاماً من اليوم تنهار الأنظمة البيئية المرتبطة بالشعاب المرجانية والغابات المطيرة في الأمازون، وبالتالي تتضرر نشاطات الصيد ومعدلات الأمطار.
وبسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قاتلة، يصبح كثير من المناطق غير صالحة لسكنى البشر، ويتعرض أكثر من مليار شخص في غرب أفريقيا والمناطق الاستوائية من أميركا الجنوبية والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا للتشريد.
ويعاني مليارا نسمة على الساحة العالمية من نقص المياه، ويتراجع إنتاج الطعام بمقدار الخمس، بسبب الجفاف وموجات الحرارة العالية والسيول والعواصف التي تؤثر على المحاصيل.
وبسبب ارتفاع منسوب مياه المحيطات، تصبح بعض أكثر مدن العالم ازدحاماً بالسكان غير صالحة للمعيشة، منها مومباي وجاكارتا وكانتون وهونغ كونغ وشنغهاي ولاغوس وبانكوك ومانيلا. ويصبح من الضروري إعادة توطين المليارات من السكان.
ويؤدي ذلك إلى اشتعال نزاعات حول الأراضي والموارد والمياه، وربما يسفر عن اندلاع حروب وتعرض مناطق للاحتلال.
من جهتهم، أعرب خبراء عن اعتقادهم بأن السيناريوهات الواردة بالتقرير جميعها محتملة للغاية. من بين هؤلاء جوناثان باتز، الطبيب ومدير «معهد الصحة العالمية»، التابع لجامعة ويسكونسن - ماديسون، وعكف على دراسة العواقب الصحية لارتفاع درجات حرارة الأرض على مدار عقدين.
وعن هذه الدراسة، قال باتز: «هناك دراسات أخرى تتوقع تعرض ضعف هذا العدد لمخاطر الجوع بحلول منتصف القرن بسبب الجفاف. وتتوقع تفشي أوبئة معدية مثل الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا. وقد يسفر ذلك عن موجات هجرة اضطرارية ومشكلات هائلة فيما يخص اللاجئين». وأشار إلى أنه قبيل اشتعال الحرب الأهلية السورية عام 2011، تسببت واحدة في أقسى موجات الجفاف القياسية بالمنطقة إلى ارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر إلى 4 أضعاف المعدل الطبيعي ووقوع أعمال شغب بسبب نقص الطعام.
من جهته، قال ديفيد دونيغر، الذي يتولى إدارة برنامج المناخ لدى «مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية»، وهو منظمة بيئية غير هادفة للربح، مقرّها مدينة نيويورك، إننا بدأنا بالفعل في تذوق مثل هذه التطورات المروعة.
وأشار إلى الظروف المناخية المتطرفة التي أسفرت عن فيضانات تاريخية في منطقة الغرب الأوسط هذا العام، وحرائق الغابات الضخمة التي اشتعلت العام الماضي، والعواصف التي هبّت على مختلف مناطق البلاد. وأضاف أنه يتعين علينا تخيل تكرار مثل هذه الظواهر على المستوى العالمي.
- خدمات «تريبيون ميديا»
تقرير يحذر من نهاية العالم بسبب التغييرات المناخية
تقرير يحذر من نهاية العالم بسبب التغييرات المناخية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة