الجزائر: مصادرة لافتات معادية لقائد الجيش لمنع تداولها في مظاهرات الجمعة

التحضير لعقد أول مؤتمر لـ«الحراك» منتصف الشهر الحالي

خلال مظاهرة في الجزائر مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
خلال مظاهرة في الجزائر مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: مصادرة لافتات معادية لقائد الجيش لمنع تداولها في مظاهرات الجمعة

خلال مظاهرة في الجزائر مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
خلال مظاهرة في الجزائر مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)

نشرت قوات الدرك والشرطة الجزائرية عناصرها وسط العاصمة وبمداخلها أمس، استعدادا لمحاصرة المظاهرات المرتقبة اليوم، فيما أطلقت نقابات وجمعيات وعشرات من المنخرطين بالحراك الشعبي، تحضيرات لتنظيم «مؤتمر الحراك» هو الأول من نوعه في 15 من الشهر الجاري، لبحث خطة للخروج من المأزق، قبل عرضها على قيادة الجيش.
ولوحظت منذ صباح أمس، تعزيزات أمنية كبيرة في أهم الساحات العامة للتجمعات الشعبية الأسبوعية بالعاصمة، وفي ضواحيها أيضا؛ حيث خضعت السيارات والشاحنات التي حملت لوحات بأرقام ولايات خارج العاصمة، إلى تفتيش دقيق. وصادر الدرك والشرطة كل اللافتات التي تحمل خطابا سلبيا تجاه رئيس أركان الجيش الجنرال قايد صالح، حتى لا يترك حراك الجمعة انطباعا بأنه يعادي قائد الجيش الذي أصبح الحاكم الفعلي للبلاد. وتعرض صالح لهجوم حاد في مظاهرات الأسابيع الماضية، بسبب رفضه تلبية كل المطالب، وبخاصة تنحية الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وبحسب الشعارات التي تم تحضيرها لمظاهرات اليوم، فهي تحمل رسالة واحدة واضحة، تتمثل في رفض أي تفكير في تنظيم انتخابات رئاسية جديدة، بعد إلغاء تلك التي كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) المقبل. وأعلن «المجلس الدستوري» الأسبوع الماضي، استحالة إجراء الانتخابات بسبب عدم وجود مرشحين. وكلف بن صالح باستدعاء هيئة الناخبين من جديد، مع تحديد تاريخ جديد للاقتراع الذي يثير جدلا. ولا يريد المتظاهرون أن ينتخبوا رئيسا تحت سلطة بن صالح، بغض النظر عن آجال الانتخاب الذي تخطط السلطة لإجرائه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وسعيا إلى تحقيق ذلك، تبحث السلطة احتمال التضحية برئيس الوزراء نور الدين بدوي وأعضاء طاقمه، المرفوضين شعبيا بحجة أنهم «من بقايا» نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ويعتزم رموز الحراك الحفاظ على زخمه، وتفادي الشعارات المتشددة ضد قيادة الجيش، مع الحرص الشديد على تفادي الدخول في مشادات مع قوات الأمن. ويخشى الكثيرون من انزلاق محتمل، وعينهم تتابع باهتمام ما يجري في السودان حيث كانت المظاهرات سلمية في بدايتها.
وأطلقت السلطات متابعات قضائية ضد عشرات المتظاهرين، بتهم مختلفة تتعلق بمواجهات مع رجال الأمن. ويوجد الكثير منهم بالسجون. وقال المحامي والحقوقي عبد الغاني بادي لـ«الشرق الأوسط»، أنه يدافع عن 10 أشخاص، غير موقوفين، تلاحقهم مديرية الشرطة بتهمة الاعتداء على رجال أمن. وندد بادي بذلك قائلا إن ملفات المشتكى منهم، «لا تتضمن أي دليل مادي على تهمة الاعتداء كوجود سلاح، إلا إذا كانت الجهة الشاكية تعتبر الملاسنات التي وقعت خلال المظاهرات اعتداء».
في هذا السياق، عقد كل من «كونفدرالية النقابات المستقلة» و«فريق الناشطين من أجل الانتقال الديمقراطي»، و«المنتدى المدني للتغيير»، أمس اجتماعات بالعاصمة، في إطار تحضيرات بدأتها الأطراف الثلاثة مطلع الشهر، لتنظيم «منتدى الحراك». وتتكون هذه الكيانات من نقابات وجمعيات وتنظيمات وناشطين مستقلين عن الحكومة، يسعون للمشاركة في ترتيبات المرحلة المقبلة.
وقد أعد هؤلاء ورقة تتضمن اختيار مجموعة شخصيات مستقلة، لقيادة مرحلة انتقالية تدوم عاما واحدا، يتم فيها صياغة دستور جديد ومراجعة قانون الانتخابات. وتعيين «حكومة كفاءات». كما يقترحون سحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية، وأن تؤدي هذه المهمة هيئة مستقلة تفاديا لأعمال التزوير التي طالت العمليات الانتخابية في وقت سابق. وسيتم مناقضة هذه الآليات في «منتدى «الحراك».
ووقع شبه إجماع بينهم على أسماء محددة لرئاسة المرحلة الانتقالية، أبرزها وزير الخارجية سابقا أحمد طالب الإبراهيمي الشهير بـ«الحكيم» ورئيس الوزراء سابقا أحمد بن بيتور. وهذه الخطة تقترح حلا سياسيا للأزمة، بينما تتحفظ قيادة الجيش بشدة على فكرة الخروج عن الدستور الذي ينص على أن رئيس الدولة، الذي يخلف رئيس الجمهورية بعد استقالته، هو من يقود المرحلة الانتقالية ولمدّة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. والحاصل أن «المجلس الدستوري» مدّد عهدة بن صالح التي تنتهي في 9 يوليو المقبل، حينما كلّفه بالتحضير لرئاسية جديدة، وفي ذلك خروج صريح عن الدستور بحسب خبراء القانون.



مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها الناتجة عن تراجع حركة السفن التجارية، بسبب توتّرات البحر الأحمر.

وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، الاثنين، عن «استراتيجية لتحويل القناة إلى منصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية»، في خطوة وصفها خبراء بالمهمة لتعويض التراجع في إيرادات القناة.

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت بعض شركات الشحن العالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر».

وتحدّث رئيس هيئة قناة السويس عن خطة لتوسيع خدمات القناة الملاحية والبحرية، خلال اجتماع مع وزير المالية المصري أحمد كجوك، الاثنين، لمناقشة موارد القناة المالية.

وقال ربيع إن «القناة تسعى لتنويع مصادر دخلها، وعدم الاقتصار على رسوم عبور السفن فقط»، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن «تحويل القناة لمنصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية، وتعزيز التوجه الوطني لتوطين الصناعات البحرية، بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص».

وأوضح ربيع أن «قناة السويس حقّقَت تقدماً في دعم شركاتها العاملة بمجال خدمات صيانة وإصلاح السفن، وتقديم الخدمات البحرية»، وأشار إلى شركات حديثة للهيئة، منها «شركة تنمية الموانئ، وأخرى مختصة بصناعة اليخوت البحرية».

الفريق أسامة ربيع يبحث مع وزير المالية المصري استراتيجية تنمية إيرادات القناة (هيئة قناة السويس)

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت أعداد السفن المارّة من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي (2022 - 2023)، إلى 20148 سفينة خلال العام المالي الحالي (2023 - 2024).

وباعتقاد مستشار النقل البحري المصري أحمد الشامي، فإن تنويع خدمات قناة السويس الملاحية «سيجذب شركات الشحن العالمية للعبور من القناة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «القناة بدأت في تحديث خدماتها بالمشاركة مع شركات عالمية في هذا المجال، ما سيُسهم في زيادة الموارد».

وأشاد الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار إدارة القناة في مخطط التطوير، وتنفيذ أعمال الازدواج الكامل للمجرى الملاحي، مشيراً إلى أن ذلك «يعزّز قدراتها في استيعاب كبرى الناقلات العالمية».

وشهدت قناة السويس، الجمعة الماضي، مرور الحوض العائم «دورادو» القادم من سنغافورة إلى تركيا، كأكبر وحدة عائمة تعبر القناة في تاريخها، حسب إفادة من القناة.

ودعا مستشار النقل البحري المصري إلى توسيع قناة السويس لشراكاتها الملاحية مع دول الجوار، وقال: «يمكن التوسع في خدمات القناة، بالتعاون عبر وسائط متعدّدة تشمل دولاً أخرى في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط، مثل قبرص واليونان»، مشيراً إلى أن «التكامل مع هذه الدول سيُسهم في زيادة موارد الملاحة بقناة السويس، وأيضاً الموانئ البحرية المصرية».

وفي سبتمبر الماضي، بحث رئيس هيئة قناة السويس مع رئيس الهيئة العامة للنقل السعودي، رميح بن محمد رميح، «تعزيز التعاون في مجال تقديم الخدمات اللوجيستية والسياحة البحرية»، مشيراً إلى أن «القناة اتخذت إجراءات للتعامل بمرونة مع تحديات الملاحة في البحر الأحمر، منها استحداث حزمة جديدة من الخدمات الملاحية لم تكن تُقدَّم من قبل، كخدمات القَطْر والإنقاذ وصيانة وإصلاح السفن، ومكافحة التلوث والانسكاب البترولي، وخدمات الإسعاف البحري، وغيرها».

وبمنظور الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، فإن «قناة السويس تمر بمرحلة صمود، في ضوء تأثرها بالأوضاع الإقليمية»، وقال إن «إدارة القناة تبحث عن بدائل لمواردها غير رسوم عبور السفن، من أجل تجاوز تلك المرحلة، عن طريق تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات التي تقدّمها».

وعدّ جاب الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «توسّع القناة في تنوّع مصادر دخلها، هدف قائم منذ فترة وتسعى لتحقيقه، من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية، لاستثمار موانئ وأراضي المنطقة»، مشيراً إلى أن «نجاح تلك الإجراءات مرهون بزيادة أعداد السفن العابرة للقناة»، وتوقّع في نفس الوقت انفراجة في أزمة حركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر، العام المقبل، مع تولّي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مهامه رسمياً، وتنفيذ تعهّده بإنهاء التصعيد والصراعات العالمية، ومنها التوتر في البحر الأحمر.