هجرة اللبنانيين تحد من البطالة وتعزز الاقتصاد

على الرغم من تهديدها الديموغرافي مع ارتفاع نسبة الأجانب والنازحين

TT

هجرة اللبنانيين تحد من البطالة وتعزز الاقتصاد

توقعت شركة «الدولية للمعلومات» أن يصل عدد المهاجرين اللبنانيين الذين تقل أعمارهم عن أربعين سنة إلى 56 ألفا بحلول نهاية العام 2019، مشيرة في دراسة أصدرتها أن 34 ألفا و502 لبناني غادروا لبنان في العام 2018 ولم يعودوا.
والهجرة هي أبجدية العيش في قاموس اللبنانيين، تدخل في الأدب والأغاني وفي تاريخ القرى التي يشيد فيها المغتربون دوراً تبقى فارغة من أصحابها إلا خلال الإجازات الصيفية والأعياد.
ومعظم البيوت يقيم فيها الوالدان بمفردهما بعد أن يكبر أولادهما ويسافرون، ليصبح التواصل مع الأولاد والأحفاد. وتنشط حركة السفر لأن الأهل لا يجدون بدا من الطائرة لزيارة الأحبة، بما ينذر بتحول المجتمع اللبناني إلى الكهولة.
وفي حين تربط بعض الدراسات الهجرة باستفحال ظاهرة الفساد ونهب المال العام، تحمل تصريحات معظم السياسيين تحذيراً من مخاطر الهجرة ليس على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فحسب، وإنما على المستوى السياسي أيضاً، لناحية إعادة إنتاج أدوات السلطة لما تسببه من خلل ديموغرافي.
في متابعة لملفّ المهاجرين اللبنانيين، صنفت مجلّة الشؤون الخارجية الأميركية لبنان منذ العام 2011 في دائرة «التحذير العالي جدّاً». فالهجرة الخارجية تعدّ القضية الاجتماعية الأكثر بروزاً في المجتمع اللبناني، لا سيّما أن نحو 30 في المائة من المقيمين على أراضيه هم من غير اللبنانيين، وقد وصلت هذه النسبة إلى مستوى لم يعرفه أي بلد آخر.
ويقول المدير العام السابق للمغتربين في وزارة الخارجية ورئيس «المنتدى اللبناني للتنمية والهجرة» هيثم جمعة لـ«الشرق الأوسط» إن «أعداد المهاجرين اللبنانيين طبيعية نظراً إلى الظروف التي يعيشها لبنان في ظل منع التوظيف في المرافق الرسمية وغياب خطة وطنية لتوجيه الموارد البشرية. بالإضافة إلى نمو عدد المتخرجين من الجامعات والمعاهد المهنية وتناقص عدد المؤسسات المستقرة في القطاعات الإنتاجية وإقفال الشركات بسبب الركود الاقتصادي ونقل الرساميل إلى خارج لبنان».
ويستدرك: «لكن الأمر ربما لن يستمر إلى آخر السنة، بعد إقرار الموازنة ودخول (سيدر) حيز التنفيذ، مما سيشجع وسائل الإنتاج بما يخفف من وتيرة الهجرة». ويوضح أن «التوترات السياسية في المنطقة أثرت على فرص العمل في لبنان. إذ لا يمكن ألا يتأثر بما يجري حوله. كما أن العقوبات تخفف الرغبة في الاستثمار وتؤثر على سوق العمل».
ويشدد جمعة على إيجابيات الهجرة. ويورد أن «دراسة أجريت بالتعاون بين المديرية العامة للمغتربين والجامعة اليسوعية والأمم المتحدة، تظهر أن 51 في المائة من الشعب اللبناني يعيش على تحويلات المغتربين، وأن 25 في المائة من هذه التحويلات تذهب إلى التعليم، في حين تدنت نسبة التحويلات العمومية ولكن بنسبة ضئيلة مع انتظام للمبالغ المتعلقة بالضروريات».
إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور كامل وزني يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأموال التي تُحوَّل إلى لبنان تأثرت بسبب الظروف والعقوبات الأميركية، ما أدى إلى ضغوط وتدخل لمنع التحويلات من الوصول إلى المصارف اللبنانية، وأحياناً من دون مسوِّغ قانوني.
ويعتبر وزني أن «أهم إيجابية للاغتراب في الوقت الراهن هي منع استفحال البطالة بين الشباب اللبنانيين إذا لم يهاجروا». ويشير إلى فائض الكفاءة في لبنان. ويورد مثلاً عن «إعلان الجامعة الرسمية اللبنانية عن حاجتها إلى أستاذ برتبة دكتور في العلوم، فتقدم إلى الوظيفة الشاغرة 1500 ممن يحملون شهادة دكتوراه في العلوم يبحثون عن عمل».
ويؤكد جمعة هذا الواقع، فيشير إلى أن «النخب اللبنانية من ذوي الكفاءات مطلوبة جداً. وغالبيتها تحتل مناصب رفيعة أينما يتم توظيفها. وميزة اللبنانيين أنهم يحصلون على مستوى تعليمي جيد ويتمتعون بمستوى فكري وثقافي إضافة إلى تخصصهم المهني ويجيدون لغتين أجنبيتين وأكثر بالإضافة إلى العربية. بالتالي مغريات الهجرة للشباب متوفرة مع فتح الدول العربية أبوابها لليد العاملة والنخب والكفاءات اللبنانية، لا سيما أن اللبناني نشيط وصاحب مبادرات».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».