«فيات كرايسلر» تسحب عرض الاندماج مع «رينو»

حمّلت باريس مسؤولية فشل المفاوضات

حمّلت «فيات كرايسلر» فرنسا مسؤولية فشل عملية الاندماج مع «رينو» (أ.ف.ب)
حمّلت «فيات كرايسلر» فرنسا مسؤولية فشل عملية الاندماج مع «رينو» (أ.ف.ب)
TT

«فيات كرايسلر» تسحب عرض الاندماج مع «رينو»

حمّلت «فيات كرايسلر» فرنسا مسؤولية فشل عملية الاندماج مع «رينو» (أ.ف.ب)
حمّلت «فيات كرايسلر» فرنسا مسؤولية فشل عملية الاندماج مع «رينو» (أ.ف.ب)

سحبت مجموعة «فيات كرايسلر» الإيطالية الأميركية ليل الأربعاء - الخميس مقترحها بالاندماج مع شركة «رينو» لتشكيل ثالث أكبر مجموعة صناعة سيارات في العالم بعد «تويوتا» اليابانية و«فولكسفاغن» الألمانية، محمّلة مسؤولية هذا الفشل للحكومة الفرنسية.
وانعكس فشل المفاوضات بشكل فوري على الشركتين في أسواق المال، حيث تراجع سهم «رينو» بأكثر من 7 في المائة في افتتاح بورصة باريس، في حين تراجع سهم «فيات كرايلسر» بأكثر من 3 في المائة في افتتاح بورصة ميلانو.
وحال سحب المقترح وجهت «فيات» أصابع الاتهام إلى الحكومة الفرنسية المساهمة في «رينو»، معتبرة أن «الشروط السياسية» لم تتوفر في فرنسا «لإتمام مثل هذا التقارب». وقال مصدر في الشركة الإيطالية الأميركية صباح الخميس بوضوح أكثر: «إن موقف وزارة الاقتصاد الفرنسية المفاجئ وغير المفهوم» كان في عمق فشل المباحثات. وأضاف أن «متطلبات جديدة للحكومة الفرنسية أدت إلى هذا الوضع المؤسف للجانبين».
وقالت «فيات كرايلسر» في بيان صادر صباح أمس من لندن: «بات من الواضح أنه لا تتوافر في فرنسا حالياً الظروف السياسية المناسبة لمضي مثل هذا الاندماج بنجاح». وأشارت «رينو» في بيان منفصل إلى أن مجلس إدارتها «لم يتمكن من اتخاذ قرار بسبب طلب ممثلي الدولة الفرنسية تأجيل التصويت إلى اجتماع لاحق».
ويثير انهيار الصفقة من جديد تساؤلات بشأن الطريقة التي ستواجه بها «فيات كرايلسر» و«رينو» تحديات الاستثمارات الباهظة في السيارات الكهربائية، وكذلك السيارات الذاتية القيادة.
واكتفى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير حتى الآن بأخذ «علم» بسحب العرض من «فيات كرايلسر». وقال الوزير في بيان صباح الخميس: «حال تقديم هذا العرض، تقبلته الدولة، المساهمة في (رينو) بنسبة 15.1 في المائة، بانفتاح وعملت بشكل بنّاء مع مجمل الأطراف المعنية».
وذكر بأن الحكومة وضعت أربعة شروط، وهي إنجاز عملية الاندماج في إطار التحالف بين «رينو» و«نيسان»، والحفاظ على الوظائف والمواقع الصناعية في فرنسا، واحترام التوازنات في الإدارة بين «رينو» و«فيات كرايلسر»، ومساهمة المجموعة المستقبلية في مبادرة صناعة البطاريات الكهربائية القائمة مع ألمانيا.
وبحسب الوزير الفرنسي، فإنه تم الاتفاق بشأن ثلاثة من الشروط الأربعة، وبقي فقط «الحصول على دعم صريح من (نيسان)» المرتبطة مع «رينو» بشبكة معقدة من المساهمات. وطلبت الدولة الفرنسية بالتالي مهلة من خمسة أيام لضمان دعم الأطراف كافة لمشروع الاندماج.
وقالت مصادر مطلعة على المحادثات، إن الحكومة الفرنسية ضغطت أيضاً على «فيات كرايلسر» للحصول على ضمانات بأن فرنسا لن تخسر وظائف، وبشأن توزيع أرباح على مساهمي «رينو» بما في ذلك الحكومة. ولم يعرض المقترح الأصلي لـ«فيات كرايلسر» توزيعات خاصة لمساهمي «رينو».
من جانبه، قال وزير الميزانية الفرنسي جيرالد دارمانين: «إن الدولة الفرنسية طلبت ضمانات. وحسناً فعلت. وطلب مهلة لبعض الوقت أمر عادي في أي اندماج». ولم يغلق الوزير مع ذلك الباب أمام استئناف المفاوضات، مضيفاً: «اليوم تتعين حماية الوظائف في قطاع السيارات الفرنسي».
وكان هذا الاندماج سيؤدي إلى تشكيل مجموعة بقيمة في السوق المالية تفوق 30 مليار يورو، وتنتج 8.7 مليون سيارة سنوياً. وكان المشروع ينص على تأسيس شركة قابضة مقرها أمستردام يملكها بالتساوي مساهمو «رينو» و«فيات كرايلسر».
وكانت نسبة مساهمة أسرة انييلي التي تملك 29 في المائة من «فيات كرايلسر»، ستتراجع آلياً إلى 14.5 في المائة، لكنها كانت ستبقى مع ذلك أكبر المساهمين بنحو ضعف أسهم الدولة الفرنسية التي كانت حصتها في رأس المال ستتراجع إلى 7.5 في المائة.
وبحسب مصدر في «رينو»، كان مجمل أعضاء مجلس الإدارة في الشركة أيدوا مساء الأربعاء عملية الاندماج، باستثناء ممثل الموظفين المنضوين في الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) وممثلي شركة «نيسان» اللذين كانا يعتزمان الامتناع عن التصويت، مع تأكيد أنهما يمكن أن يصوتا لصالح الاتفاق «في حال منح المزيد من الوقت».
وكانت شركة «نيسان»، التي تملك «رينو» 43 في المائة من أسهمها، بقيت بعيدة عن المحادثات بين «رينو» و«فيات» إلى حين الإعلان عن المشروع قبل عشرة أيام، وتشعر بأنها «مهمشة» في العملية، لكنها ترى فيها فرصاً في مجال تقاسم التكنولوجيا.
يذكر أن العلاقات ضمن الشراكة الفرنسية اليابانية توترت بشكل كبير منذ توقيف المدير التنفيذي السابق لشركة «رينو» كارلوس غصن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 المتهم في اليابان في قضايا اختلاس أموال عدة إثر اتهامات من مسؤولي «نيسان».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.