هيمن ريـال مدريد على دوري أبطال أوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية، وكان يُفترض أن يكون منافساً قوياً على اللقب هذا الموسم أيضاً، وأقيمت المباراة النهائية هذا الموسم على ملعب «واندا ميتروبوليتانو» معقل أتلتيكو مدريد، في حين كان برشلونة يُمنّي النفس بأن يصعد مجدداً إلى منصة التتويج الأوروبي ويحصل على لقب البطولة الأقوى في القارة العجوز هذا الموسم. لكن الأندية الإسبانية الثلاثة خرجت خالية الوفاض من المعترك الكروي الأوروبي، ولم يتمكن أي منها من الوصول للمباراة النهائية التي كان طرفاها فريقين إنجليزيين، وبالتالي يمكن القول إن إسبانيا قد نظمت أكبر حفل في كرة القدم الأوروبية دون أن تحضر هذا الحفل.
وفي أغسطس (آب) الماضي، أمسك النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بالميكروفون، وتعهد بأن يبذل كل ما في وسعه للفوز بهذه «الكأس الجميلة التي طال الاشتياق إليها». وكان برشلونة قريباً من الصعود للمباراة النهائية بعدما فاز على ليفربول بثلاثية نظيفة على ملعب «كامب نو»، لكن ليفربول عاد من بعيد وحقق «ريمونتادا» تاريخية وسحق ميسي ورفاقه برباعية نظيفة على ملعب «آنفيلد» ووصل للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا للعام الثاني على التوالي وفاز باللقب هذا الموسم. وبعد سبعة عشر يوماً على هذه المباراة، اعترف ميسي بأن ما حدث لا يزال عالقاً بأذهان لاعبي برشلونة. وفي الليلة التالية خسر برشلونة نهائي كأس ملك إسبانيا، ليكتفي بالحصول على لقب وحيد هذا الموسم وهو الدوري الإسباني الممتاز.
ووصل برشلونة إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، في الوقت الذي ودع فيه ريـال مدريد البطولة من دور الستة عشر بعد الخسارة أمام أياكس أمستردام الهولندي، في أسبوع هو الأسوأ على الإطلاق للفريق الملكي، الذي خاض ثلاث مباريات في غضون ستة أيام وخسرها جميعاً وتلقت شباكه فيها ثمانية أهداف ولم يحرز سوى هدف وحيد؛ وهو ما كان يعني أن النادي قد خسر المنافسة على جميع البطولات، ولن يلعب أي مباراة مهمة قبل ستة أشهر. ومع ذلك، فقد استعاد النادي الملكي خدمات مديره الفني الفرنسي زين الدين زيدان؛ وهو الأمر الذي كان يبدو جيداً، على الأقل على مدار بضعة أيام.
وبعد ذلك بسبعة أيام، ودع أتلتيكو مدريد دوري أبطال أوروبا بعد الخسارة أمام يوفنتوس الإيطالي بثلاثية نظيفة في تورينو. لقد كان كل من برشلونة وريـال مدريد وأتلتيكو مدريد يمنّون النفس بالحصول على لقب دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، لكنهم فشلوا جميعاً في تحقيق هذا الهدف؛ وهو ما يعني أن هذه هي المرة الثالثة فقط خلال 15 عاماً التي لم ينجح فيها نادٍ إسباني في الفوز بلقب أوروبي. وكان لقب الدوري الإسباني الممتاز من نصيب برشلونة مرة أخرى، وهو الأمر الذي كان متوقعاً تماماً، حيث أنهى العملاق الكاتالوني الموسم متقدماً على أتلتيكو مدريد بـ11 نقطة وعلى ريـال مدريد بـ19 نقطة – ليكون هذا هو أكبر فارق في النقاط بين برشلونة وريـال مدريد في تاريخ الدوري الإسباني الممتاز.
ولخص لاعب خط وسط ريـال مدريد الصربي لوكا مودريتش الموسم الحالي لريـال مدريد قائلاً: «لا يمكن أن نخسر بهذه الطريقة في كل مباراة». وعندما سجل مارسيلو مدافع الريـال في مرمى ليفانتي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان هذا هو أول هدف يسجله ريـال مدريد خلال ثماني ساعات ودقيقة واحدة، ثم خسر الفريق في المباراة التالية بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد أمام برشلونة على ملعب «كامب نو»؛ وهو الأمر الذي أدى إلى إقالة المدير الفني لريـال مدريد جولين لوبيتيغي من منصبه في اليوم التالي.
وتحسنت الأمور لفترة قصيرة تحت قيادة المدير الفني الجديد سانتي سولاري، قبل أن يواجه النادي الملكي ستة أيام كارثية، بدأها بالخسارة في مباراة الكلاسيكو الثانية في الدوري، وهو ما كان يعني نهاية آمال النادي في المنافسة على اللقب، وتعزيز هيمنة برشلونة على المستوى المحلي على مدار عقد كامل من الزمان، حيث فاز العملاق الكاتالوني بثمانية ألقاب للدوري الإسباني الممتاز في آخر 11 موسماً، مقابل لقبين فقط لريـال مدريد.
أما المنافسة على اللقب من جانب أتلتيكو مدريد، فقد انتهت، إذا كانت موجودة من الأساس، عندما سبّ مهاجم الفريق دييغو كوستا حكم اللقاء ووصف أمه بعبارات بذيئة. صحيح أنه كان لا يزال هناك بضع جولات في المسابقة، لكن المنافسة على اللقب كانت قد حسمت تماماً لصالح برشلونة. وعندما تم سؤال المدير الفني لبرشلونة إرنستو فالفيردي عن التوقيت الذي يحب أن يحسم فيه لقب الدوري الإسباني الممتاز، رد قائلاً: «ما أحبه حقاً هو أنك واثق من فوزنا بلقب البطولة».
وفي الجولة الأخيرة من الدوري الإسباني الممتاز، كانت كل الأمور قد حُسمت، باستثناء حسم آخر مقعد مؤهل للمشاركة في دوري أبطال أوروبا، وحسم أحد المقاعد المؤدية للهبوط من الدوري الإسباني الممتاز، وحتى هذا لم يكن موضع شك؛ لأن نادي جيرونا، الذي كان قد خسر تسعاً من آخر عشر مباريات في الدوري، كان يدرك بالفعل أنه في طريقه للهبوط.
وكان بلد الوليد، ذلك الفريق ذو الميزانية الأصغر في المسابقة، قد ضمن البقاء بالفعل إلى جانب كل من ليفانتي وفياريـال، وكان سيلتا فيغو هو الفريق الوحيد الذي يمكن أن يهبط بدلاً من جيرونا لدوري الدرجة الأولى، لكن ذلك كان يبدو شبه مستحيل تقريباً؛ لأن النادي يضم اللاعب الرائع إياغو أسباس، الذي يعد اللاعب الأكثر أهمية لأي فريق في الدوري الإسباني الممتاز، حيث ساهم في إنقاذ فريقه في الكثير من المباريات وسجل هدفين في الجولة الأخيرة لكي يضمن بقاء سيلتا فيغو في الدوري الإسباني الممتاز.
ويمكن القول إن موسم 2018-2019 كان موسم تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) بامتياز، حيث كنا نرى أسبوعاً بعد الآخر الحكام وهم يوقفون اللعب ويضعون أصابعهم على آذانهم للاستماع إلى حكام تقنية حكم الفيديو المساعد الذين يعملون على إعادة اللقطات المثيرة للجدل في غرفة مخصصة لذلك.
وكشفت لجنة الحكام في إسبانيا، عن أن تقنية حكم الفيديو المساعد (فار) كان لها تأثير إيجابي على مباريات الدوري الإسباني وساعدت حكام المباريات بشكل كبير، وبخاصة في احتساب ركلات الجزاء التي زاد عددها هذا الموسم مقارنة بالمواسم السابقة. وأشار مدير مشروع «الفار» في الاتحاد الإسباني لكرة القدم، كارلوس كلوس غوميز، إلى أن هناك 812 حالة مثيرة للجدل وقعت داخل منطقة الجزاء طوال الموسم.
كما كان هذا هو موسم عودة المديرين الفنيين إلى أنديتهم السابقة مرة أخرى، فرأينا خواكين كاباروس يعود إلى نادي إشبيلية قبل أن يعين لوبتيغي مدرباً جديداً للفريق بعد إقالته من تدريب ريـال مدريد ومنتخب إسبانيا العام الماضي. وأوضح النادي الأندلسي، الذي أنهى الموسم في المركز السادس بالدوري، أن لوبتيغي (52 عاماً) سيقود الفريق خلال ثلاثة مواسم مقبلة. وسيحل محل كاباروس الذي قاد اشبيلية مؤقتاً منذ مارس (آذار) الماضي.
وأقيل لوبتيغي من تدريب إسبانيا بطريقة صادمة قبل يومين على انطلاق كأس العالم في روسيا بداعي عدم إبلاغ الاتحاد الوطني بموافقته على تدريب ريـال مدريد بعد البطولة. وانتهت فترته مع ريـال مدريد بمرارة أيضاً، حيث أقيل بعد ثلاثة أشهر بالموسم. كما عاد المدير الرياضي للنادي مونشي. وعاد زين الدين زيدان لتولي القيادة الفنية لريـال مدريد بعد رحيله لمدة 284 يوماً. وفي الوقت نفسه، أقال فياريـال لويس غارسيا بعد 49 يوماً فقط من توليه المسؤولة واستبدله بالمدير الفني الذي كان قد أقاله قبل 50 يوماً فقط. وقال رئيس فياريـال، فرناندو رويغ: «أعرف أن هذا ليس طبيعياً، لكن فرناندو رويغ يتصرف عكس الجميع». أما الشيء الذي أثار الدهشة فهو استدعاء لويس إنريكي، المدير الفني للمنتخب الإسباني لكرة القدم، اللاعب سانتي كازورلا (34 عاماً) لضمه إلى قائمة المنتخب بعد غياب سنوات.
وفي النهاية، كان من السهل توقع شكل جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز وما ستقدمه بعض الفرق، رغم حدوث بعض المفاجآت مثل خسارة برشلونة أمام ليغانيس الذي كان يتذيل جدول الترتيب آنذاك، وخسارة ريـال مدريد أمام رايو فايكانو الذي هبط لدوري الدرجة الأولى. وعلاوة على ذلك، فرض جيرونا، الذي هبط هو الآخر، التعادل على برشلونة في ملعب «كامب نو»، وأطاح بأتلتيكو مدريد من كأس ملك إسبانيا على ملعب «واندا ميتروبوليتانو»، وفاز على ريـال مدريد على ملعب «سانتياغو بيرنابيو».
وبحلول أكتوبر الماضي، أشارت تقارير إلى أن هذه كانت هي البداية الأسوأ لكل من برشلونة وريـال مدريد في الدوري الإسباني الممتاز منذ 17 عاماً. ووصفت صحيفة « إلموندو» هذه الفترة بـ«الأيام الخوالي السيئة»، لكن كان هناك من يرى أنها أيام جيدة، حيث قال المدير الفني لنادي ليغانيس، ماوريسيو بيليغرينو: «الأفضل لا يفوز دائماً، وهذا شيء يجب الاحتفال به».
لكن الأمور تغيرت، حيث كان إشبيلية يتصدر جدول ترتيب المسابقة في بداية الموسم، لكنه خسر أمام برشلونة. وقال المدير الفني لإشبيلية، بابلو ماشين، آنذاك: «لو تمكنا في نهاية الموسم من احتلال مركز مؤهل للمشاركة في دوري أبطال أوروبا فسأكون سعيداً للغاية». لكن النادي لم يتمكن من تحقيق هذا الأمر، وأقيل ماشين من منصبه في ذلك الوقت، ويبدو على الأرجح أن إدارة النادي لم تكن موفقة في هذا القرار.
وبشكل مثير للدهشة، تصدر ألافيس جدول ترتيب المسابقة في الأسبوع العاشر، لكنه سرعان ما تراجع، وهو ما كان يبدو طبيعياً للغاية بقدر ما كان محبطاً للفريق بالطبع. وبدأ إسبانيول الموسم بشكل جيد أيضاً، لكنه هبط من احتلال الصدارة بالشراكة إلى المركز الخامس في غضون 20 دقيقة فقط في الأسبوع الثاني عشر، وبدأ يهبط إلى مراكز أدنى قبل أن يستعيد توازنه ويعود لاحتلال المركز السابع في جدول الترتيب في اليوم الأخير.
أما ريـال بيتيس، فقد سحق برشلونة على ملعب «كامب نو»، وأنهى الموسم بالفوز على ريـال مدريد على ملعب «سانتياغو بيرنابيو» للموسم الثاني على التوالي، لكن النادي كان قد حقق نتائج سيئة، وهو الأمر الذي جعل جمهور النادي يطالب برحيل المدير الفني كيكي سيتين، وهو ما حدث بالفعل. جدير بالذكر، أن اللاعبين خواكين سانشيز وويليام كارفاليو، نجمَي نادي ريـال بيتيس الإسباني لكرة القدم، ببلاغ بسرقة منزليهما خلال مباراة فريقهما أمام جاره إشبيلية، وفاز أتليتك بلباو في مباراة واحدة فقط من أول 15 مباراة في المسابقة، لكن المدير الفني الجديد، غايزكا غاريتانو، قاد الفريق لاحتلال مركز متقدم ليكون على بُعد نقطة واحدة فقط من المقاعد المؤهلة للمشاركة في البطولات الأوروبية، وكان الفريق على وشك تحقيق ذلك بالفعل في الجولة الأخيرة لو دخلت الكرة الشباك بدلاً من اصطدامها بالعارضة في الدقيقة الـ92 من عمر اللقاء.
واحتل منافس أتليتك بلباو، إشبيلية، المركز السادس. أما خيتافي، الذي يعد القصة الأبرز لهذا الموسم، فقط أنهى الموسم في المركز الخامس، وظل لمدة 23 دقيقة في اليوم الأخير من الموسم ضمن المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا. أما في المركز الرابع، فكان نادي فالنسيا، الذي كان حتى منتصف الموسم على بعد أربع نقاط فقط من المراكز المؤدية للهبوط من الدوري الإسباني الممتاز، وكان المدير الفني مارسيلينو غارسيا تورال يعتقد أنه سيقال من منصبه. لكن النادي تمسك به ونجح في إعادة النادي إلى المسار الصحيح.
ولم ينه فالنسيا الأمر عند هذا الحد، حيث فاز على برشلونة في المباراة النهائية لكأس ملك إسبانيا، ليكون هذا هو أول لقب يحصل عليه النادي منذ 11 عاماً. وبالنسبة لقائد الفريق داني باريخو البالغ من العمر 30 عاماً، فتعد هذه هي أول بطولة يحصل عليها في مسيرته الرياضية، كما كانت هذه أول بطولة أيضاً يحصل عليها مارسيلينو، البالغ من العمر 53 عاماً، والذي كان سعيداً للغاية بعد نهاية المباراة وظل يردد: «لقد نجحنا في تحقيق الفوز». وتواصلت الاحتفالات في فالنسيا طوال الليل، وفي الحقيقة كان فالنسيا يستحق الحصول على اللقب لأنه كان الفريق الأكثر تركيزاً وإصراراً على تحقيق الفوز في المباراة النهائية.
الفائزون والخاسرون في حصاد الدوري الإسباني هذا الموسم
برشلونة يحتفظ باللقب... وريـال مدريد يواجه كارثة تاريخية... وخيتافي صاحب القصة الأبرز
الفائزون والخاسرون في حصاد الدوري الإسباني هذا الموسم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة