مظاهرات في صنعاء مناهضة للعنف.. والحوثيون يعلنون بدء العصيان المدني

حزب صالح ينفي مشاركة أعضائه في اعتصامات الحوثيين

عشرات آلاف اليمنيين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي خلال مسيرة ضد الحوثيين في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عشرات آلاف اليمنيين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي خلال مسيرة ضد الحوثيين في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات في صنعاء مناهضة للعنف.. والحوثيون يعلنون بدء العصيان المدني

عشرات آلاف اليمنيين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي خلال مسيرة ضد الحوثيين في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عشرات آلاف اليمنيين المؤيدين للرئيس عبد ربه منصور هادي خلال مسيرة ضد الحوثيين في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

احتشد مئات الآلاف من اليمنيين، أمس (الجمعة)، في العاصمة صنعاء ومدن أخرى للتنديد بجماعة الحوثيين المتمردة التي أقامت مخيمات اعتصام، منذ أسابيع، بالقرب من مقرات حكومية مدنية وعسكرية داخل محيط صنعاء، تحت ذريعة إسقاط الحكومة الانتقالية، وإلغاء قرار خفض الدعم عن المشتقات النفطية.
وتظاهر مئات الآلاف من الرافضين لجماعة الحوثيين في شارع الستين غرب صنعاء، تلبية لدعوات دعم «الاصطفاف الوطني» الذي دعا إليه هادي، وأدى المتظاهرون صلاة الجمعة تحت شعار «اصطفاف من أجل اليمن»، ورفعوا شعارات رافضة للعنف ولحصار صنعاء، وأكد خطباء جمعة «الاصطفاف الوطني» على حماية مكتسبات الثورة والجمهورية، محذرين من استمرار جماعة الحوثي في نشر مظاهر الفوضى وقطع الطرقات والشوارع والتحشيد المسلح الذي يهدد أمن الوطن واستقراره، وطالب الخطباء بنزع سلاح الميليشيات المسلحة التي تحاول جر البلاد إلى الحرب الأهلية متهمين الحوثيين بـ«الالتفاف على مخرجات الحوار الوطني وإعاقة تنفيذ بنود المرحلة الانتقالية».
بالمقابل، تظاهر آلاف الحوثيين في شارع المطار شمال العاصمة، لتجديد مطالبهم الـ3 (إسقاط الحكومة، وإلغاء الجرعة، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار)، معلنين بدء التصعيد ضد الرئيس هادي وحكومة الوفاق بالدعوة إلى العصيان المدني ورفع الشارات الصفراء والاحتشاد يومي الأحد والاثنين من كل أسبوع، وطوقت قوات مكافحة الشغب ومدرعات ساحة اعتصام الحوثيين بشارع المطار، بعد نصبهم للخيام أمام وزارة الاتصالات القريبة من وزارة الداخلية.
وذكر الحوثيون في موقعهم الإلكتروني أن «قوات مكافحة الشعب انتشرت بمحيط مخيمهم عقب إعلانهم بدء الخطوات التصعيدية، وقامت بقطع الخط الرئيس، في محاولة منها للاعتداء على المعتصمين بالمخيم»، بحسب رواية الحوثيين.
من جانب آخر، نفى حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح المؤتمر الشعبي العام، مشاركة أعضائه وأنصاره في حركة الاحتجاج التي تقودها جماعة الحوثيين، وأكد الحزب في بيان صحافي أنه «سيظل بعيدا عن الصراعات، ولن يقف مع طرف ضد طرف»، وعدّ البيان ما نشر عن تحالفات لحزب المؤتمر، مع جماعة الحوثي «محاولات مضللة تستهدف المؤتمر الشعبي العام وقياداته وتشويه مواقفهم»، وأكد المؤتمر عدم مشاركته في الصراع القائم بين السلطات وجماعة الحوثي، أو مشاركة أعضائه في اعتصامات الحوثيين على مداخل العاصمة صنعاء، بحسب البيان.
إلى ذلك، غرقت العاصمة صنعاء ومدن أخرى في الظلام بعد خروج محطة مأرب الغازية من الخدمة، بعد تعرض خطوط النقل الممتدة من مأرب إلى صنعاء لاعتداء تخريبي، أمس (الجمعة)، وأفاد مصدر حكومي بالكهرباء بأن «محطة مأرب الغازية خرجت عن الخدمة نتيجة تعرض خطوط نقل التيار الكهربائي مأرب صنعاء لعمل تخريبي في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة في مفرق مأرب الجوف صنعاء»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الحكومية.
وفي سياق الوضع الأمني، استمرت، أمس، المعارك العنيفة بين الجيش المسنود بلجان شعبية والحوثيين في الجوف شمال البلاد، وأكدت مصادر محلية سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين خلال معارك يومي الخميس والجمعة، وأوضحت المصادر أن الاشتباكات تركزت في «وادي إيبر بمديرية الغيل»، وأن تعزيزات كبيرة وصلت للحوثيين مقبلة من صعدة وعمران وشاركت في معارك أمس، بهدف السيطرة على المنطقة، وقال شهود عيان إن «جثث القتلى منتشرة على الوادي، ولم يتمكن كل طرف من انتشال الضحايا بسبب شدة المعارك».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.