عباس: صفقة القرن إلى الجحيم

كوشنر عرض «أفكاره» حول الشرق الأوسط في بروكسل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع إكليلاً من الورود على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات (وفا)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع إكليلاً من الورود على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات (وفا)
TT

عباس: صفقة القرن إلى الجحيم

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع إكليلاً من الورود على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات (وفا)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضع إكليلاً من الورود على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات (وفا)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن خطة السلام الأميركية ستذهب إلى الجحيم. مؤكداً أمام الصحافيين بعد وضعه إكليلاً من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، بمناسبة حلول عيد الفطر، أن الفلسطينيين سيواجهون هذه «المؤامرة».
وأضاف عباس: «نسأل أن يعيده الله علينا وقد حررنا بلدنا وأقمنا دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتجاوزنا كل المؤامرات التي تحاك ضد قضيتنا من صفقة العصر وغيرها التي ستذهب جميعها إلى الجحيم وسيبقى شعبنا على أرضه صامداً صابراً في وجه كل هذه المؤامرات».
تصريحات عباس جاءت في الوقت الذي أنهى فيه الفريق الأميركي المكون من جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي والمسؤول عن خطة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط، وجيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جولة في المنطقة للتسويق للورشة الاقتصادية التي يعقدها البيت الأبيض في البحرين نهاية الشهر الحالي بهدف الكشف عن الشق الاقتصادي من صفقة القرن.
ورفض الفلسطينيون المشاركة في هذه الورشة انطلاقاً من رفض الصفقة الأميركية برمتها. ويقول الفلسطينيون إن الخطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر حسم أخطر الملفات (القدس، واللاجئين، والحدود) لصالح الرواية الإسرائيلية.
وقال قاضي قضاة فلسطين الشرعيين مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، في خطبة العيد التي كان يحضرها عباس، أمس: «إن شعبنا وقيادته أثبتوا للعالم أنهم الأقدر على تحقيق تطلعاتهم بالحرية والاستقلال، وأن كل المشاريع المشبوهة التي تحاول تجاوز الشرعية الفلسطينية مصيرها الفشل والاندثار».
وكان من المفترض أن يطرح الأميركيون خطة السلام في هذا الوقت بعدما تأجلت لمرات عديدة، لكنهم عادوا وأعلنوا أنهم سيكشفون عن الجزء الاقتصادي منها، وهو ما يؤكد الصعوبات التي تواجهها إدارة ترمب في تسويق خطتها.
وحاول وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، الترويج للصفقة قائلاً إن «صفقة القرن» تهدف إلى تحسين حياة المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، نافياً تصريحات سابقة له أن تكون الصفقة تصبّ فقط في صالح إسرائيل. وفي مقابلة حصرية مع «يورونيوز»، قال بومبيو: «عندما تكتمل الخطة ويطّلع عليها العالم سيتأكد كل طرف، لا بل كل شخص، أن الحال سيكون أفضل بعد إبرام هذه الصفقة».
وأضاف بومبيو أن «الاعتقاد أن الصفقة الأميركية ستخدم إسرائيل فقط هو أمرٌ غير صحيح في الأساس»، واستطرد بالقول: «إن الصفقة ستعمل بشكل أساس على تحسين حياة المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين... ليس فقط الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، بل أيضاً الفلسطينيون الذين يعيشون في شتى أنحاء العالم».
وكان بومبيو قد أثار جدلاً قبل أيام بعدما أعطى تقييماً متشائماً لفرص نجاح الخطة، بل أقر بأن أجزاء منها قد تكون «غير قابلة للتنفيذ».
ولم يثر بومبيو الشكوك حول خطة السلام فقط، لكن أيضاً حول الورشة الاقتصادية، قائلاً إنه حتى الدول التي يمكن أن تحضر قد تحضر «للاستماع فقط».
استعرض مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر في بروكسل «أفكاره» حول الشرق الأوسط مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، حسب ما أعلنت مينا أندريفا المتحدثة باسم يونكر.
وقالت المتحدثة للصحافيين، مساء أول من أمس، إن اللقاء تم بناء على طلب كوشنر بعد الظهر في مقر المفوضية. وتابعت بحسب وكالة الصحافة الفرنسية: «خلال المحادثات حول الشرق الأوسط، استمع الرئيس يونكر ووزيرة الخارجية فيديريكا موغيريني إلى أفكار كوشنر، وأكدا مصلحة الاتحاد الأوروبي الأساسية بتحقيق السلام والأمن والاستقرار الدائم في المنطقة».
وبدت المتحدثة شديدة الحذر تجاه البعد الأخلاقي للقاء، خاصة أن كوشنر كان قد أقر في وقت سابق أنه ساهم بشكل أو بآخر في تمويل مستوطنات إسرائيلية، رغم أن هذه المستوطنات تعد غير شرعية بنظر القانون الدولي.
كما أن أندريفا نفت أن يكون الاتحاد الأوروبي قد اطلع بشكل رسمي على خطة السلام في الشرق الأوسط التي يحاول كوشنر تسويقها لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وشدد المسؤولان الأوروبيان على أهمية «التنمية الاقتصادية للمنطقة بأكملها» واعتبراها «مهمة جدا».
وقالا إنها «يجب أن تكون مصحوبة بتحقيق تقدم سياسي يأخذ في الاعتبار تطلعات الفلسطينيين والإسرائيليين». وكانت مصادر رفضت الكشف عن هويتها، قد توقعت أن كوشنر سيثير مع محدثيه الأوروبيين بشكل خاص الشق الاقتصادي من خطته للسلام في الشرق الأوسط.
ولم تقدم المتحدثة تفاصيل عن الأفكار التي حملها كوشنر لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وتثير خطته شكوكا متزايدة؛ خصوصاً من جانب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي اعترف الأسبوع الماضي في اجتماع خاص بأنه يتفهم «لماذا يعتقد الناس أنه اتفاق يمكن أن يحبذه الإسرائيليون وحدهم».
ومن المقرر أن تكشف واشنطن عن الجانب الاقتصادي للخطة في مؤتمر يعقد في البحرين يومي 25 و26 يونيو (حزيران) وسط مقاطعة السلطة الفلسطينية. ويتوقع ألا يتضمن الشق السياسي من الخطة دعوة إلى إقامة دولة فلسطينية، ما يشكل قطيعة مع الدبلوماسية الأميركية المعتمدة منذ عقود.
ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل عامين، حوّل دونالد ترمب سياسة الدعم التقليدية لإسرائيل، إلى دعم غير مشروط للدولة العبرية وحكومة بنيامين نتنياهو.
ويؤيد الاتحاد الأوروبي من جهته حلّ الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.